مسألة لا يحكم القاضي بين اثنين وهو غضبان .
مسألة : قال : ولا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان .
لا خلاف بين أهل العلم فيما علمناه في أن القاضي لا ينبغي له أن يقضي وهو غضبان كره ذلك شريح وعمر ابن عبد العزيز و أبو حنيفة و الشافعي وكتب أبو بكر إلى عبد الله بن أبي بكرة وهو قاض بسجستان أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان فإني سمعت رسول الله A يقول : [ لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان ] متفق عليه وكتب عمر Bه إلى أبي موسى اياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالناس والتنكر لهم عند الخصومة فإذا رأيت الخصم يتعمد الظلم فأوجع رأسه ولأنه إذا غضب تغير عقله ولم يستوف رأيه وفكره وفي معنى الغضب كلما شغل فكره من الجوع المفرط والعطش الشديد والوجع المزعج ومدافعه أحد الأخبثين وشدة النعاس والهم والغم والحزن والفرح فهذه كلها تمنع الحاكم لأنها تمنع حضور القلب واستيفاء الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب فهي في معنى الغضب المنصوص عليه فتجري مجراه فإن حكم في الغضب أو ما شاكله فحكى عن القاضي أنه لا ينفذ قضاؤه لأنه منهي عنه والنهي يقتضي فساد المنهي عنه وقال في المجرد ينفذ قضاؤه وهو مذهب الشافعي [ لما روي أن النبي A اختصم إليه الزبير ورجل من الأنصار في شراح الحرة فقال النبي A للزبير : اسق ثم أرسل الماء إلى جارك فقال الأنصاري إن ان ابن عمتك فغضب رسول الله A وقال للزبير : اسق ثم احبس الماء حتى يبلغ الجدر ] متفق عليه فحكم في حال غضبه وقيل أنما يمنع الغضب الحاكم إذا كان قبل ان يتضح له الحكم في المسألة فأما إن اتضح الحكم ثم عرض الغضب لم يمنعه لأن الحق قد استبان قبل الغضب فلا يؤثر الغضب فيه