مسألة وفصل حكم ما لو حلف أن يضربه عشرة أسواط فجمعها فضربه ضربة واحدة .
مسألة : قال : ولو حلف أن يضربه عشرة أسواط فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبر في يمينه .
وبهذا قال مالك وأصحاب الرأي وقال ابن حامد يبر لان أحمد قال في المريض عليه الحد يضرب بعثكال النخل فيسقط عنه الحد وبهذا قال الشافعي إذا علم أنها مسته كلها وإن علم أنها لم تمسه كلها لم يبر وإن شك لا يحنث في الحكم لان الله تعالى قال : { وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث } وقال النبي A في المريض الذي زنى : [ خذوا له عثكالا فيه مائة شمراخ فاضربوه بها ضربة واحدة ] ولانه ضربه بعشرة اسواط فبر في يمينه كما لو فرق الضرب .
ولنا ان معنى يمينه ان يضربه عشرة ضربات ولم يضربه الا ضربة واحدة فلم يبر كما لو حلف ليضربنه عشر مرات بسوط والدليل على هذا انه لو ضربه عشر ضربات بسوط واحد يبر في يمينه بغير خلاف ولو عاد العدد الى السوط لم يبربالضرب بسوط واحد كما لو حلف ليضربنه بعشرة اسواط ولان السوط ههنا آلة اقيمت مقام المصدر فانتصب انتصابه فمعنى كلامه لا ضربنه عشر ضربات بسوط وهذا هو المفهوم من يمينه والذي يقتضيه لغة فلا يبر بما يخالف ذلك واما أيوب عليه السلام فان الله تعالى ارخص له رفقا بامرأته لبرها به واحسانها اليه ليجمع له بين بره في يمينه ورفقه بامرأته ولذلك امتن عليه بهذا وذكره في جملة ما من عليه به من معافاته اياه من بلائه واخراج الماء له فيختص هذا به كاختصاصه بما ذكر معه ولو كان هذا الحكم عاما لكل واحد لما اختص أيوب بالمنة عليه وكذلك المريض الذي يخاف تلفه ارخص له بذلك في الحد دون غيره واذا لم يتعده هذا الحكم في الحد الذي ورد النص به فيه فلئلا يتعداه الى اليمين اولا ولو خص بالبر من له عذر يبيح العدول في الحد الى الضرب بالعثكال لكان له وجه وأما تعديته الى غيره فبعيدة جدا ولو حلف أن يضربه بعشرة أسواط فجمعها فضربه بها بر لأنه قد فعل ما حلف عليه وإن حلف ليضربنه عشر مرات لم يبر بضربه بعشرة أسواط دفعة واحدة بغير خلاف لأنه لم يفعل ما تناولته يمينه وإن حلف ليضربنه عشر ضربات فكذلك إلا وجها لأصحاب الشافعي أنه يبر وليس بصحيح لأن هذه ضربة واحدة باسواط ولهذا يصح أن يقال ما ضربته إلا ضربة واحدة ولو حلف لا يضربه أكثر من ضربة واحدة ففعل هذا لم يحنث في يمينه .
فصل : ولا يبر حتى يضربه ضربا يؤلمه وبهذا قال مالك وقال الشافعي : يبر بما لا يؤلم لأنه يتناوله الإسم فوقع البر به كالمؤلم .
ولنا أن هذا يقصد به في العرف التأليم فلا يبر بغيره وكذلك كل موضع وجب الضرب في الشرع في حد أو تعزير كان من شرطه التأليم كذا ههنا