مسألة : حكم استقبال القبلة في الصلاة .
مسألة : قال : ولا يصلي في غير هاتين الحالتين فرضا ولا نافلة إلا متوجها إلى الكعبة فإن كان يعاينها فبالصواب وإن كان غائبا عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها .
قد ذكرنا أن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة ولا فرق بين الفريضة والنافلة لأنه شرط للصلاة فاستوى فيه الفرض والنفل كالطهارة والستارة ولأن قوله تعالى : { وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } عام فيهما جميعا ثم إن كان معاينا للكعبة ففرضه الصلاة إلى عينها لا نعلم فيه خلافا قال ابن عقيل إن خرج بعضه مسامتة الكعبة لم تصح صلاته وقال بعض أصحابنا : الناس في استقبالها على أربعة أضرب : منهم من يلزمه اليقين وهو من كان معاينا للكعبة أو كان بمكة من أهلها أو ناشئا بها من وراء حائل محدث كالحيطان ففرضه التوجه إلى عين الكعبة يقينا وهكذا إن كان بمسجد النبي A لأنه متيقن صحة قبلته فإن النبي A لا يقر على الخطأ وقد [ روى أسامة أن النبي A صلى ركعتين قبل القبلة وقال : هذه القبلة ] الثانية من فرضه الخبر وهو من كن بمكة غائبا عن الكعبة من غير أهلها ووجد مخبرا يخبره عن يقين أو مشاهدة مثل أن يكون من وراء حائل وعلى الحائل من يخبره أو كان غريبا نزل بمكة فأخبره أهل الدار وكذلك لو كان في مصر أو قرية ففرضه التوجه إلى محاريبهم وقبلتهم المنصوبة لأن هذه القبل ينصبها أهل الخبرة والمعرفة فجرى ذلك مجرى الخبر فأغنى عن الاجتهاد وأن أخبره من أهل المعرفة بالقبلة أما من أهل البلد أو من غيره صار إلى خبره وليس له الاجتهاد كما يقبل الحاكم النص من الثقة ولا يجتهد الثالث من فرضه الاجتهاد وهو من عدم هاتين الحالتين وهو عالم بالأدلة والرابع من فرضه التقليد وهو الأعمى ومن لا اجتهاد له وعد الحالين ففرضه تقليد المجتهدين والواجب على هذين وسائر من بعد من مكة طلب جهة الكعبة دون إصابة العين قال أحمد : ما بين المشرق والمغرب قبلة فإن انحرف عن القبلة لم يعد ولكن يتحرى الوسط وبهذا قال أبو حنيفة و قال الشافعي في أحد قوليه كقولنا والآخر الفرض إصابة العين لقول الله تعالى : { وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } ولأنه يجب عليه التوجه إلى الكعبة فلزمه التوجه إلى عينها كالمعاين .
ولنا : [ قول النبي A : ما بين المشرق قبلة ] رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح وظاهره أن جميع ما بينهما قبلة ولأنه لو كان الفرض إصابة العين لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو ولا صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة فإنه لا يجوز أن يتوجه إلى الكعبة مع طول الصف إلا بقدرها فإن قيل مع البعد المحاذي قلنا إنما يتسع مع تقوس الصف أما مع استوائه فلا - وشطر البيت نحوه وقبله