مسألة وفصول حكم من حلف أن يعتق ما يملك أو عبده أو عبد غيره .
مسألة : قال : ومن حلف بعتق ما يملك فحنث عتق عليه كل ما يملك من عبيده وإمائه ومكاتبيه ومدبريه وأمهات أولاده وشقص يملكه من مملوكه .
معناه إذا قال إن فعلت كذا فكل مملوك لي حر أو عتيق أو فكل ما أملك حر فإن هذا إذا حنث عتق مماليكه ولم تغن عنه كفارة روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس ما به قال ابن أبي ليلى و الثوري و مالك و الأوزاعي و الليث و الشافعي و إسحاق وروي عن ابن عمر وأبي هريرة وعائشة وأبي سلمة وحفصة وزينب بنت أبي سلمة و الحسن و أبي ثور تجزئه كفارة يمين لأنها ييمن فتدخل في عموم قول الله تعالى : { فكفارته إطعام عشرة مساكين } .
وروي عن أبي رافع قال : قالت مولاتي ليلى بنت العجماء : كل مملوك لها محرر وكل مال لها هدي وهي يهودية وهي نصرانية إن لم تفرق بينك وبين امرأتك قال فأتيت زينب بنت أم سلمة ثم أتيت حفصة إلى أن قال ثم أتيت ابن عمر فجاء معي إليها فقام على الباب فسلم فقال أمن حجارة أنت أم من حديد أفتتك زينب وأفتتك أم المؤمنين كفري عن يمينك وخلي بين الرجل وامرأته رواه الأثرم و الجوزجاني مطولا .
ولنا أنه علق العتق على شرط وهو قابل للتعليق فيقع بوجود شرطه كالطلاق والآية مخصوصة بالطلاق والعتق في معناه ولأن العتق ليس بيمين في الحقيقة إنما هو تعليق على شرط فأشبه الطلاق فأما حديث أبي رافع قال أحمد قال فيه : كفري يمينك وأعتقي جاريتك وهذه زيادة يجب قبولها ويحتمل أنها لم يكن لها مملوك سواها .
فصل : فأما أن قال فإن فعلت فلله علي أن أعتق عبدي أو أحرره أو نحو هذا لم يعتق بحنثه وكفر كفارة يمين على ما ذكرنا في نذر اللجاج لأن هذا لم يعلق عتق العبد إنما حلف على تعليق العتق بشرط بخلاف الذي قبله .
فصل : وإذا حنث عتق عليه عبيده وإماؤه ومدبروه وأمهات أولاده ومكاتبوه والأشقاص التي يملكها من العبيد والإماء وبهذا قال أبو ثور و المزني و ابن المنذر وعن أحمد رواية أخرى لا يعتق الشقص إلا أن ينويه ولعله ذهب إلى أن الشقص لا يقع عليه اسم العبد وقال أبو حنيفة وصاحباه و إسحاق لا يعتق المكاتب وهو قول الشافعي لأنه خارج عن ملك سيده وتصرفه فلم يدخل في اسم مماليكه كالحر وقال الربيع سماعي من الشافعي أنه يعتق .
ولنا أنه مملوكة فيعتق كالمدبر ودليل كونه مملوكة [ قوله عليه السلام : المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ] [ وقوله لعائشة : اشتري بريرة وأعتقيها ] وكانت مكاتبة ويصح شراء غير المملوك ولا عتقه ولأنه يصح إعتاقه بالإجماع وأحكامه أحكام العبيد ولأنه مملوك فلا بد له من مالك ولأنه يصح إعتاقه بالمباشرة فدخل في العتق بالتعليق كسائر عبيده وأما الشقص فإنه مملوك له قابل للتحرير فيدخل في عموم لفظه .
فصل : : فإن قال عبد فلان حر إن دخلت الدار ثم دخلها لم يعتق العبد بغير خلاف لأنه لا يعتق بإعتاقه ناجزا فلا يعتق بالتعليق أولى : وهل تلزمه كفارة يمين ؟ فيه عن أحمد روايتان ذكرهما ابن أبي موسى إحداهما : عليه كفارة لأنه حلف بالعتق فيما لا يقع بالحنث فلزمته كفارة كما لو قال لله عليه أن أعتق فلانا .
والثانية : لا كفارة عليه لأنه حلف بإخراج مال غيره فلم يلزمه شيء كما لو قال مال فلان صدقة أن دخلت الدار ولأنه تعليق للعتق على صفة فلم تجب به كفارة كسائر التعليق وأما إذا قال لله علي أن أعتق عبدا فإنه نذر فأوجب الكفارة لكون النذر كاليمين وليس كذلك ههنا فإنه إنما علق العتق على صفة فوجود الصفة أثر في جعل المعلق كالمنجز ولو نجز العتق لم يلزمه شيء فكذلك ههنا .
فصل : فإن قال أن فعلت كذا فمال فلان صدقة أو فعلى فلان حجة أو فمال فلان حرام عليه أو هو بريء من الإسلام وأشباه هذا فليس ذلك بيمين ولا تجب به كفارة ولا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا لأنه لم يرد الشرع فيه بكفارة ولا هو في معنى ما ورد الشرع به