مسألة و فصل في الأكل من الثمر والزرع .
مسألة : قال : ومن مر يثمرة فله أن يأكل منها ولا يحمل .
هذا يحتمل أنه أراد في حال الجوع والحاجة لأنه ذكره عقيب مسألة المضطر قال أحمد إذا لم يكن عليها حائط يأكل إذا كان جائعا وإذا لم يكن جائعا فلا يأكل قال وقد فعله غير واحد من أصحاب النبي A ولكن إذا كان عليه حائط لم يأكل لأنه قد صار شبه الحريم وقال في موضع إنما الرخصة للمسافر إلا أنه لم يعتبر ههنا حقيقة الإضطرار لأن الإضطرار يبيح ما وراء الحائط ورويت عنه الرخصة في الأكل من غير المحوطة مطلقا من غير اعتبار جوع ولا غيره .
وروي عن أبي زينب التميمي قال سافرت مع أنس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة وأبي بردة فكانوا يمرون بالثمار فيأكلون في أفواههم وهو قول عمر وابن عباس وأبي بردة قال عمر يأكل ولا يتخذ خبنة وروي عن أحمد أنه قال يأكل مما تحت الشجر وإذا لم يكن تحت الشجر فلا يأكل ثمار الناس وهو غني عنه ولا يضرب بحجر ولا يرمي لأن هذا يفسد .
وقد [ روي عن رافع بن عمر قال : كنت أرمي نخل الأنصار فأخذوني فذهبوا بي إلى النبي A فقال : يا رافع لم ترمي نخلهم ؟ قلت يا رسول الله الجوع قال : لا ترم وكل ما وقع أشبعك الله وأرواك ] أخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح وقال أكثر الفقهاء لا يباح الأكل في الضرورة لما [ روى العرباض بن سارية أن رسول الله A قال : ألا وأن الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ولا ضرب نسائهم ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم ] أخرجه أبو داود وقال النبي A : [ إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا ] متفق عليه .
ولنا ما [ روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى ا لله عليه وسلم أنه سئل عن الثمر المعلق فقال : ما أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن أخرج منه شيئا فعليه غرامة مثليه والعقوبة ] قال الترمذي هذا حديث حسن .
وروي أبو سعيد الخدري عن النبي A أنه قال : [ إذا أتيت على حائط بستان فناد صاحب البستان ثلاثا فإن أجابك وإلا فكل من غير أن تفسد ] .
وروي سعيد بإسناده عن الحسن بن سمرة عن النبي A مثله ولأنه قول من سمينا من الصحابة من غير مخالف فيكون إجماعا فإن قيل فقد أبى سعد أن يأكل قلنا امتناع سعد من أكله ليس بمخالف لهم لأن الإنسان قد يترك المباح غنى عنه أو تورعا أو تقذرا كترك النبي A أكل الضب فأما أحاديهم عهي مخصوصة بما رويناه من الحديث والإجماع فإ كانت محوطة لم يجز الدخول إليها لقول ابن عباس إن كان عليها حائط فهو حريم فلا تأكل وإن لم يكن عليها حائط فلا بأس ولأن احرازه بالحائط يدل على شح صاحبه به وعدم المسامحة فيه قال بعض أصحابنا إذا كان علينا ناطور فهو بمنزلة المحوط في أنه لا يدخل إليه ولا يأكل منه إلا في الضرورة .
فصل : وعن أحمد في الأكل من الزرع روايتان إحداهما : قال لا يأكل انمار خص في الثمار ليس الزرع وقال ما سمعنا في الزرع أن يمس منه ووجهه أن الثمار خلقها الله تعالى للأكل رطبة والنفوس تتوق إليها والزرع بخلافها .
والثانية : قال يأكل من الفريك لأن العادة جارية بأكله رطبا أشبه الثمر وكذلك الحكم في الباقلا والحمص وشبهه مما يؤكل رطبا فأما الشعير وما لم تجر العادة بأكله فلا يجوز الأكل منه والأولى في الثمار وغيرها أن لا يأكل منها إلا بإذن لما فيه من الخلاف والأخبار الدالة على التحريم