مسألة و فصلان حكم ترك التسمية على الصيد والذبيحة .
مسألة : قال : ومن ترك التسمية على الصيد عامدا أو ساهيا لم يؤكل وإن ترك التسمية على الذبيحة عامدا لم يؤكل وإن تركها ساهيا أكلت .
أما الصيد فقد مضى القول فيه وأما الذبيحة فالمشهور من مذهب أحمد أنها شرط مع الذكر وتسقط بالسهو وروي ذلك عن ابن عباس وبه قال مالك و الثوري و أبو حنيفة و إسحاق وممن أباح ما نسيت التسمية عليه عطاء و طاوس و سعيد بن المسيب و الحسن و عبد الرحمن بن أبي ليلى و جعفر بن محمد و ربيعة وعن أحمد أنها مستحبة غير واجبة في عمد ولا سهو وبه قال الشافعي لما ذكرنا في الصيد قال أحمد إنما قال الله : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } يعني المتية وذكر ذلك عن ابن عباس .
ولنا قول ابن عباس : من نسي التسمية فلا بأس وروى سعيد بن منصور بإسناده عن راشد بن ربيعة قال [ قال رسول الله A : ذبيحة المسلم حلال وإن لم يسم ما لم يتعمد ] ولأنه قول من سمينا ولم نعرف لهم في الصحابة مخالفا وقوله تعالى : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } محمول على ماتركت التسمية عليه عمدا بدليل قوله : { وإنه لفسق } والأكل مما نسيت التسمية عليه ليس بفسق ويفارق الصيد لأن ذبحه في غير محل فاعتبرت التسمية تقوية له والذبيحة بخلاف ذلك .
فصل : والتسمية على الذبيحة معتبرة حال الذبح أو قريبا منه كما تعتبر على الطهارة وإن سمى على شاة ثم أخذ أخرى فذبحها بتلك التسمية لم يجز سواء أرسل الأولة أو ذبحها لأنه لم يقصد الثانية بهذه التسمية وإن رأى قطيعا من الغنم فقال بسم الله ثم أخذ شاة فذبحها بغير تسمية لم يحل وإن جهل كون ذلك لا يجزىء لم يجر مجرى النسيان لأن النسيان يسقط المؤاخذة والجاهل مؤاخذ ولذلك يفطر الجاهل بالأكل في الصوم دون الناسي وإن أضجع شاة ليذبحها وسمى ثم ألقى السكين وأخذ أخرى أو رد سلاما ما أو كلم إنسانا أو استسقى ماء ونحو ذلك وذبح حل لأنه سمى على تلك الشاة بعينها ولم يفصل بينهما إلا بفصل يسير فأشبه ما لو لم يتكلم .
فصل : وإن سمى الصائد على صيد فأصاب غيره حل وإن سمى على سهم ثم ألقاه وأخذ غيره فرمى به لم يبح ما صاده به لأنه لما لم يمكن اعتبار التسمية على صيد بعينه اعتبرت على الآلة التي يصيد بها بخلاف الذبيحة ويحتمل أن يباح قياسا على ما لو سمى على سكين ثم ألقاها وأخذ غيرها وسقوط اعتبار تعيين الصيد لمشقته لا يقتضي اعتبار تعيين الآلة فلا يعتبر