مسألة حكم ما لو رمى الصيد فغاب عن عينيه فوجده ميتا وسهمه فيه .
مسألة : قال : وإذا رمى فغاب عن عينيه فوجده ميتا وسهمه فيه لا أثر به غيره حل أكله .
هذا هو المشهور عن أحمد وكذلك لو أرسل كلبه على صيد فغاب عن عينه ثم وجده ميتا ومعه كلبه حل وهذا قول الحسن و قتادة وعن أحمد غاب نهارا فلا بأس وإن غاب ليلا لم يأكله وعن مالك كالروايتين وعن أحمد ما يدل على أنه إن غاب مدة طويلة لم يبح وإن كانت يسيرة لأنه قيل له إن غاب يوما قال يوم كثير ووجه ذلك قول ابن عباس : إذا رميت فأقعصت فكل وإن رميت فوجدت فيه سهمك من يومك أو ليلتك فكل وإن بات عنك ليلة فلا تأكل فإنك لا تدري ما حدث فيه بعد ذلك وكره عطاء و الثوري أكل ما غاب وعن أحمد مثل ذلك و لـ لشافعي فيه قولان لأن ابن عباس قال : كل ما أصميت وما أنميت فلا تأكل قال الحكم الأصماء الأقعاص يعني أنه يموت في الحال والإنماء أن يغيب عنك يعني أنه لا يموت في الحال .
قال الشاعر : .
( فهو لا تنمي رميته ماله لا عد من نفره ) .
وقال أبو حنيفة يباح إن لم يكن ترك طلبه وإن تشاغل عنه ثم وجده لم يبح .
ولنا ما روى عدي بن حاتم عن النبي A أنه قال : [ إذا رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر سهمك فكل وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل ] متفق عليه و [ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي A فقال يا رسول الله أفتني في سهمين قال : ما رد عليك سهمك فكل قال وإن تغيب عني ؟ قال : وإن تغيب عنك ما لم تجد فيه أثرا غير سهمك أو تجده قد صل ] رواه أبو داود و [ عن أبي ثعلبة عن النبي A أنه قال : إذا رميت الصيد فأدركته بعد ثلاث وسهمك فيه فكله ما لم ينتن ] ولأن جرحه بسهمه سبب إباحته وقد وجد يقينا والمعارض له مشكوك فيه فلا نزول عن اليقين بالشك ولأنه وجده وسهمه فيه ولم يجد به أثرا آخر فأشبه ما لو لم يترك طلبه عند أبي حنيفة أو كما لو غاب نهارا أو مدة يسيرة أو كما لو لم تغب إذا ثبت هذا فإنه يشترط في حله شرطان : .
أحدهما : أن يجد سهمه فيه أو أثره ويعلم أنه أثر سهمه لأنه إذا لم يكن كذلك فهو شاك في وجود المبيح فلا يثبت بالشك .
والثاني : أن لا يجد به أثرا غير سهمه مما يحتمل أنه قتله ل [ قول النبي A : ما لم تجد فيه أثرا غير سهمك ] وفي لفظ : [ وإن وجدت فيه أثرا غير سهمك فلا تأكله فإنك لا تدري اقتلته أنت أو غيرك ] رواه الدار قطني وفي لفظ : [ إذا وجدت فيه سهمك ولم يأكل منه سبع فكل منه ] رواه النسائي وفي حديث عدي أن النبي A قال : [ فإن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر سهمك فكل وإن وقع في الماء فلا تأكل ] رواه البخاري وقال عليه السلام : [ وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل ] ولأنه إذا كان به أثر يصلح أن يكون قد قتله فقد تحقق المعارض فلم يبح كما لو وجد مع كلبه كلبا سواه فأما إن كان الأثر مما يقتل مثله مثل أكل حيوان ضعيف كالسنور والثعلب من حيوان قوي فهو مباح لأنه يعلم أن هذا لم يقتله فأشبه ما لو تهشم من وقعته