مسائل وفصول : من لا تجب عليهم الجزية .
مسألة : قال : ولا على فقير .
يعني الفقير العاجز عن أدائها وهذا أحد أقوال الشافعي وقال في الآخر : يجب عليه لقوله عليه السلام : [ خذ من كل حالم دينارا ] ولأن دمه غير محقون فلا تسقط عنه الجزية كالقادر عليه .
ولنا أن عمر Bه جعل الجزية على ثلاث طبقات جعل أدناها على الفقيرالمعتمل فيدل على أن غير المعتمل لا شيء عليه ولأن الله تعالى قال : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } ولأن هذا مال يجب بحلول الحول فلا يلزم الفقير العاجز كالزكاة والنقل ولأن الخراج ينقسم الى خراج أرض وخراج رؤوس ثم ثبت أن خراج الأرض على قدر طاقتها وما لا طاقة له لا شيء عليه كذلك خراج الرؤوس وأما الحديث فيتناول الأخذ ممن يمكن الأخذ منه ومن لا يمكن الأخذ منه فالأخذ منه مستحيل فكيف يؤمر به ؟ .
مسألة : قال : ولا شيخ فان ولا زمن ولا أعمى .
هؤلاء الثلاثة ومن في معناهم ممن به داء لا يستطيع معه القتال ولا يرجى برؤه لا جزية عليهم وهو قول أصحاب الرأي وقال الشافعي في أحد قوليه : عليهم الجزية بناء على قتلهم وقد سبق قولنا في أنهم لا يقتلون فلا تجب عليهم الجزية كالنساء والصبيان .
مسألة : قال : ولا على سيد عبد عن عبده إذا كان السيد مسلما .
لا خلاف في هذا نعلمه لأنه يروى عن النبي A أنه قال : [ لا جزية على العبد ] وعن ابن عمر مثله ولأن ما لزم العبد إنما يؤديه سيده فيؤدي إيجابه على عبد المسلم إلى إيجاب الجزية على مسلم فأما إن كان العبد لكافر فالمنصوص عن أحمد أنه لا جزية عليه أيضا وهو قول عامة أهل العلم .
قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أنه لا جزية على العبد وذلك لما ذكر من الحديث ولأنه محقون الدم فأشبه النساء والصبيان أو لا مال له فأشبه الفقير العاجز ويحتمل كلام الخرقي إيجاب الجزية عليه يؤديها سيده وروي ذلك عن أحمد وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال : لا تشتروا رقيق أهل الذمة ولا مما في أيديهم لأنهم أهل خراج يبيع بعضهم بعضا ولا يقرن أحدكم بالصغار بعد إذ أنقذه الله منه .
قال أحمد : أراد أن يوفر الجزية لأن المسلم إذا اشتراه سقط عنه أداء ما يؤخذ منه والذمي يؤدي عنه وعن مملوكه خراج جماجمهم وروي عن علي مثل حديث عمر ولأنه ذكر مكلف قوي مكتسب فوجبت عليه الجزية كالحر والأول أولى .
فصل : ومن بعضه حر فقياس المذهب أن عليه من الجزية بقدر ما فيه من الحرية لأنه حكم يتجزأ يختلف بالرق والحرية فيقسم على قدر ما فيه كالإرث .
فصل : ولا جزية على أهل الصوامع من الرهبان ويحتمل وجوبها عليهم وهذا أحد قولي الشافعي وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه فرض على رهبان الديارات الجزية على كل راهب دينارين ووجه ذلك عموم النصوص ولأنه كافر صحيح قادر على أداء الجزية فأشبه الشماس ووجه الأول أنهم محقونون بدون الجزية فلم تجب عليهم كالنساء وقد ذكرنا أنه يحرم قتلهم والنصوص مخصوصة بالنساء وهؤلاء في معناهن ولأنه لا كسب له فأشبه الفقير غير المعتمل