فصلان : ما يجوز ذبحه للأكل في الحرب وما لا يجوز .
فصل : فأما عقرها للأكل فان كانت الحاجة داعية إليه ولا بد منه فمباح بغير خلاف لأن الحاجة تبيح مال المعصوم فمال الكافر أولى وإن لم تكن الحاجة داعية إليه نظرنا فان كان الحيوان لا يراد إلا للأكل كالدجاج والحمام وسائر الطير والصيد فحكمه حكم الطعام في قول الجميع لأنه لا يراد لغير الأكل وتقل قيمته فأشبه الطعام وإن كان مما يحتاج اليه في القتال كالخيل لم يبح ذبحه للأكل في قولهم جميعا وإن كان غير ذلك كالغنم والبقر لم يبح في قول الخرقي وقال القاضي : ظاهر كلام أحمد إباحته لأن هذا الحيوان مثل الطعام في باب الأكل ولاقوت فكان مثله في إباحته .
وإذا ذبح الحيوان أكل لحمه وليس له الانتفاع بجلده لأنه إنما أبيح له ما يأكله دون غيره قال عبد الرحمن بن معاذ بن جبل : كلوا لحم الشاة وردو إهابها الى المغنم ولأن هذا حيوان مأكول فابيح أكله كالطير .
ووجه قول الخرقي ما روى سعيد : حدثنا أبو الأحوص [ عن سماك بن حرب عن ثعلبة بن الحكم قال : أصبنا غنما للعدو فانتهبنا فنصبنا قدورنا فمر النبي A بالقدور وهي تغلي فأمر بها فأكفئت ثم قال لهم : ان النهبة لا تحل ] ولأن الحيوانات تكثر قيمتها وتشح أنفس الغانمين بها ويمكن حملها إلى دار الاسلام بخلاف الطير والطعام لكن إن أذن الامير فيها جاز لما روى عطية بن قيس قال : كنا إذا خرجنا في سرية فأصبنا غنما نادى منادي الامام : ألا من أراد أن يتناول شيئا من هذه الغنم فليتناول إنا لا نستطيع سياقنها رواه سعيد وكذلك إن قسمها لما [ لما روى معاذ قال : غزونا مع النبي A خيبر فأصبنا غنما فقسم بيننا النبي A وجعل بقيتها في المغنم ] رواه أبو داود .
وقال سعيد : حدثنا اسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عبيد أن رجلا نحر جزورا بأرض الروم فلما بردت قال : يا أيها الناس خذوا من لحم هذه الجزور فقد أذنا لكم فقال مكحول : يا غساني ألا تأتينا من لحم هذه الجزور ؟ فقال الغساني : يا أبا عبد الله أما ترى عليها من النهي ؟ قال مكحول : لا نهي في المأذون فيه .
فصل : ولم يفرق أصحابنا بين جميع البهائم في هذه المسألة ويقوى عندي أن ما عجز المسلمون عن سياقته وأخذه إن كان مما يستعين به الكفار في القتال كالخيل جاز عقره واتلافه لأنه مما يحرم إيصاله إلى الكفار بالبيع فتركه لهم بغير عوض أولى بالتحريم وإن كان مما يصلح للأكل فللمسلمين ذبحه والأكل منه مع الحاجة وعدمها وما عدا هذين القسمين لا يجوز إتلافه لأنه مجرد إفساد وإتلاف وقد نهى النبي A عن ذبح الحيوان لغير مأكلة