مسألة وفصلان : الغنيمة لمن حضر الواقعة وحكم الأسير والمدد في ذلك .
مسألة : قال : وإذا أحرزت الغنيمة لم يكن فيها لمن جاءهم مددا أو هرب من أسر حظ .
وجملة ذلك أن الغنيمة لمن حضر الموقعة فمن تجدد بعد ذلك من مدد يلحق بالمسلمين أو أسير ينفلت من الكفار فيلحق بجيش المسلمين أو كافر يسلم فلا حق لهم فيها وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة في المدد : إن لحقهم قبل القسمة أو احرازها بدار الاسلام شاركهم لأن تمام ملكها بتمام الاستيلاء وهو الاحراز الى دار الاسلام أو قسمتها فمن جاء قبل ذلك فقد أدركها قبل ملكها فاستحل منها كما لو جاء في أثناء الحرب وان مات أحد من العسكر قبل ذلك فلا شيء له لما ذكرنا وقد روى الشعبي ان عمر Bه كتب إلى سعد : أسهم لمن أتاك قبل أن تتفقأ قتلى فارس .
ولنا ما روى أبو هريرة [ أبان بن سعيد بن العاص وأصحابه قدموا على رسول الله A بخيبر بعد أن فتحها فقال أبان : اقسم لنا يا رسول الله فقال رسول الله : اجلس يا ابان ولم يقسم له رسول الله A ] رواه أبو داود عن طارق بن شهاب أن أهل البصرة غزوا نهاوند فأمدهم أهل الكوفة فكتب في ذلك إلى عمر Bه فكتب عمر : ان الغنيمة لمن شهد الوقعة رواه سعيد في سننه وروي نحوه عن عثمان في غزوة أرمينية ولأنه مدد لحق بعد تقضي الحرب أشبه ما لو جاء بعد القسمة أو بعد إحرازها إلى دار الاسلام ولأن سبب ملكها الاستيلاء عليها وقد حصل قبل مجيء المدد وقولهم ان ملكها باحرازها إلى دار الاسلام ممنوع بل هو بالاستيلاء وقد استولى عليها الجيش قبل المدد وحديث الشعبي مرسل يرويه المجالد وقد تكلم فيه ثم هم لا يعلمون به ولا نحن فقد حصل الاجماع منا على خلافه فكيف يحتج به ؟ .
فصل : وحكم الأسير يهرب إلى المسلمين حكم المدد سواء قاتل أو لم يقاتل وقال أبو حنيفة : لا يسهم له إلا أن يقاتل لأنه لم يأت للقتال بخلاف المدد .
ولنا أن من استحق إذا قاتل استحق وإن لم يقاتل كالمدد وسائر من حضر الوقعة .
فصل : وإن لحقهم المدد بعد تقضي الحرب وقبل حيازة الغنيمة أو جاءهم أسير فظاهر كلام الخرقي أنه يشاركهم لأنه جاء قبل إحرازها قال القاضي : تملك الغنيمة بانقضاء الحرب قبل حيازتها فعلى هذا لا يسهم لهم وإن حازوا الغنيمة ثم جاءهم قوم من الكفار يقاتلونهم فادركهم المدد فقاتلوا معهم فقد نص أحمد على أنه لا شيء للمدد فانه قال : اذا غنم المسلمون غنيمة فلحقهم العدو وجاء المسلمين مدد فقاتلوا العدو معهم حتى سلموا الغنيمة فلا شيء لهم في الغنيمة لأنهم إنما قاتلوا عن أصحابهم ولم يقاتلوا عن الغنيمة لأن الغنيمة قد صارت في أيديهم وحووها قيل له : فان أهل المصيصة غنموا ثم استنقذ منهم العدو فجاء أهل طرسوس فقاتلوا معهم حتى استنقذوه فقال : أحب إلي أن يصطلحوا أما في الصورة الأولى فإن الأولين قد احرزوا الغنيمة وملكوها بحيازتهم فكانت لهم دون من قاتل معهم وأما في الصورة الثانية فانما حصلت الغنيمة بقتال الذين استنقذوها في المرة الثانية فينبغي أن يشتركوا فيها لأن الاحراز الأول قد زال بأخذ الكفار لها ويحتمل أن الأولين قد ملكوها بالحيازة الأولى ولم يزل ملكهم بأخذ الكفار لها منهم فلهذا أحب أن يصطلحوا عليها