مسألة : نفي المحاربين تشريدهم وعدم تركهم يأوون في بلد .
مسألة : قال : ونفيهم أن يشردوا فلا يتركوا يأوون في بلد .
وجملته أن المحاربين اذا أخافوا السبيل ولم يقتلوا ولم يأخذوا مالا فإنهم ينفون من الأرض لقول الله تعالى : { أو ينفوا من الأرض } ويروى عن ابن عباس ان النفي يكون في هذه الحالة وهو قول النخعي و قتادة و عطاء الخراساني والنفي هو تشريدهم عن الامصار والبلدان فلا يتركون يأوون بلدا ويروى نحو هذا عن الحسن و الزهري وعن ابن عباس أنه ينفى من بلده الى بلد غيره كنفي الزاني وبه قال طائفة من أهل العلم قال أبو الزناد : كان منفى الناس الى باضع من أرض الحبشة وذلك أقصى تهامة اليمن وقال مالك : يحبس في البلد الذي ينفى إليه كقوله في الزاني وقال أبو حنيفة : نفيه حبسه حتى يحدث توبة ونحو هذا قال الشافعي فإنه قال : في هذه الحال يعزرهم الامام وأن رأى أن يحبسهم حبسهم وقيل عنه : النفي طلب الامام لهم ليقيم فيهم حدود الله تعالى وروي ذلك عن ابن عباس وقال ابن شريح : يحبسهم في غير بلدهم وهذا مثل قول مالك وهذا أولى لأن تشريدهم إخراج لهم إلى مكان يقطعون فيه الطريق ويؤذون به الناس فكان حبسهم أولى وحكى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى معناها أن نفيهم طلب الامام لهم فاذا ظفر بهم عزرهم بما يردعهم .
ولنا ظاهر الآية فان النفي الطرد والابعاد والحبس امساك وهما يتنافيان فأما نفيهم إلى غير مكان معين فلقوله سبحانه : { أو ينفوا من الأرض } وهذا يتناول نفيه من جميعها وما ذكروه يبطل بنفي الزاني فإنه ينفى الى مكان يحتمل أن يوجد منه الزنا فيه ولم يذكر أصحابنا قدر مدة نفيهم فيحتمل أن تتقدر مدته بما تظهر فيه توبتهم وتحسن سيرتهم ويحتمل أن ينفوا عاما كنفي الزاني