فصول : في سرقات مختلفة وأحكامها .
فصل : والخيمة والخركاه إن نصبت وكان فيها أحد نائما أو منتبها فهي محرزة وما فيها لأنها هكذا تحرز في العادة وان لم يكن فيها أحد ولا عندها حافظ فلا قطع على سارقها وممن أوجب القطع في السرقة من الفسطاط الثوري و الشافعي و اسحاق وأصحاب الرأي إلا أن أصحاب الرأي قالوا : يقطع السارق من الفسطاط دون سارق الفسطاط ولنا أنه محرز بما جرت به العادة أشبه ما فيه .
فصل : وحرز البقل وقدور الباقلاء ونحوها بالشرائح من القصب أو الخشب إذا كان في السوق حارس وحرز الخشب والحطب والقصب في الحظائر وتعبئة بعضه على بعض وتقليده بقيد بحيث يعسر أخذ شيء منه على ما جرت به العادة إلا أن يكون في فندق مغلق عليه فيكون محرزا وإن لم يقيد .
فصل : والإبل على ثلاثة أضرب : باركة وراعية وسائرة فأما الباركة فإن كان معها حافظ لها وهي معقولة فهي محرزة وإن لم تكن معقولة وكان الحافظ ناظرا إليها أو مستيقظا بحيث يراها فهي محرزة وإن كان نائما أو مشغولا عنها فليست محرزة لأن العادة أن الرعاة إذا أرادوا النوم عقلوا إبلهم ولأن حل المعقولة ينبه النائم والمشتغل وإن كان لم يكن معها أحد فهي غير محرزة سواء كانت معقولة أو لم تكن وأما الراعية فحرزها بنظر الراعي إليها فما غاب عن نظره أو نام عنه فليس بمحرز لأن الراعية إنما تحرز بالراعي ونظره وأما السائرة فان كان معها من يسوقها فحرزها نظره إليها سواء كانت مقطرة أو غير مقطرة وما كان منها بحيث لا يراه فليس بمحرز وإن كان معها قائد فحرزها ان يكثر الالتفات اليها والمراعاة لها ويكون بحيث يراها إذا التفت وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : لا يحرز القائد إلا التي زمامها بيده لأنه يوليها ظهره ولا يراها إلا نادرا فيمكن أخذها من حيث لا يشعر .
ولنا أن العادة في حفظ الابل المقطرة بمراعاتها بالالتفات وامساك زمام الاول فكان ذلك حرزا لها كالتي زمامها في يده فان سرق من احمال الجمال السائرة المحرزة متاعا قيمته نصاب قطع وكذلك إن سرق الجمل وإن سرق الجمل بما عليه وصاحبه نائم عليه لم يقطع لأنه في يد صاحبه وان لم يكن صاحبه نائما عليه قطع وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : لا قطع عليه لأن ما في الجمل محرز به فاذا أخذ جميعه لم يهتك حرز المتاع فصار كما لو سرق أجزاء الحرز .
ولنا ان الجمل محرز بصاحبه ولهذا لو لم يكن محرزا فقد سرقه من حرز مثله فاشبه ما لو سرق المتاع ولا نسلم أن سرقة الحرز من حرزه لا توجب القطع فانه لو سرق الصندوق بما فيه من بيت هو محرز فيه وجب قطعه وهذا التفصيل في الابل التي في الصحراء فأما التي في البيوت والمكان المحصن على الوجه الذي ذكرناه في الثياب فهي محرزة والحكم في سائر المواشي كالحكم في الابل على ما ذكرناه من التفصيل فيها .
فصل : وإذا سرق من الحمام ولا حافظ فيه فلا قطع عليه في قول عامتهم وإن كان ثم حافظ فقال أحمد : ليس على سارق الحمام قطع وقال في رواية ابن منصور : لا يقطع سارق الحمام إلا أن يكون على المتاع قاعد مثل ما صنع بصفوان وهذا قول أبي حنيفة لأنه مأذون للناس في دخوله فجرى مجرى سرقة الضيف من البيت المأذون له في دخوله ولأن دخول الناس إليه يكثر فلا يتمكن الحافظ من حفظ ما فيه قال القاضي : وفيه رواية أخرى أنه يجب القطع إذا كان فيه حافظ وهو قول مالك و الشافعي و اسحاق و أبي ثور و ابن المنذر لأنه متاع له حافظ فيجب قطع سارقه كما لو كان في بيت والاول أصح وهذا يفارق ما في البيت من الوجهين الذين ذكرناهما فاما ان كان صاحب الثياب قاعدا عليها أو متوسدا لها أو جالسا وهي بين يديه يحفظها قطع سارقها بكل حال كما قطع سارق رداء صفوان من المسجد وهو متوسد له وكذلك إن كان نائب صاحب الثياب إما الحمامي وإما غيره حافظا لها على هذا الوجه قطع سارقها لانها محرزة وإن لم تكن كذلك فقال القاضي : إن نزع الداخل ثيابه على ما جرت به العادة ولم يستحفظها لأحد فلا قطع على سارقها ولا غرم على الحمامي لانه غير مودع فيضمن ولا هي محرزة فيقطع سارقها وإن استحفظها الحمامي فهو مودع يلزمه مراعاتها بالنظر والحفظ فان تشاغل عنها أو ترك النظر اليها فسرقت فعليه الغرم لتفريطه ولا قطع على السارق لأنه لم يسرق من حرز وان تعاهدها الحمامي بالحفظ والنظر فسرقت فلا غرم عليه لعدم تفريطه وعلى السارق القطع لانها محرزة وهذا مذهب الشافعي وظاهر مذهب احمد انه لا قطع عليه في هذه الصورة لما تقدم قال ابن المنذر : قال أحمد : أرجو أن لا قطع عليه لأنه مأذون للناس في دخوله ولو استحفظ رجل آخر متاعه في المسجد فسرق فان كان قد فرط في مراعاته ونظره اليه فعليه الغرم إذا كان التزم حفظه واجابه الى ما سأله وإن لم يجبه لكن سكت لم يلزمه غرم لانه ما قبل الاستيداع ولا قبض المتاع ولا قطع على السارق في الموضعين لأنه غير محرز وان حفظ المتاع بنظره اليه وقربه منه فسرق فلا ظلم عليه وعلى السارق القطع لانه سرق من حرز ويفارق المتاع في الحمام فان الحفظ فيه غير ممكن لأن الناس يضع بعضهم ثيابه عند ثياب بعض ويشتبه على الحمامي صاحب الثياب فلا يمكنه منع أخذها لعدم علمه بمالكها .
فصل : وحرز حائط الدار كونه مبنيا فيها اذا كانت في العمران أو كانت في الصحراء وفيها حافظ فان أخذ من أجزاء الحائط أو خشبه نصابا في هذه الحال وجب قطعه لأن الحائط حرز لغيره فيكون حرزا لنفسه وان هدم الحائط ولم يأخذه فلا قطع عليه فيه كما لو أتلف المتاع في الحرز ولم يسرقه فإن كانت الدار بحيث لا تكون حرزا لما فيها كدار في الصحراء لا حافظ فيها فلا قطع على من أخذ من حائطها شيئا لأنها إذا لم تكن حرزا لما فيها فلنفسها أولى وأما باب الدار فان كان منصوبا في مكانه فهو محرز سواء كان مغلقا أو مفتوحا لأنه هكذا يحفظ وعلى سارقه القطع إذا كانت الدار محرزة بما ذكرناه وأما أبواب الخزائن في الدار فان كان باب الدار مغلقا فهي محرزة سواء كانت مفتوحة أو مغلقة وإن كان مفتوحا لم تكن محرزا إلا أن تكون مغلقة أو يكون في الدار حافظ والفرق بين باب الدار وباب الخزانة أن أبواب الخزائن تحرز بباب الدار وباب الدار لا يحرز إلا بنصبه ولا يحرز بغيره وأما حلقة الباب فان كانت مسمورة فهي محرزة وإلا فلا لأنها تحرز بتسميرها .
فصل : وان سرق باب مسجد منصوبا أو باب الكعبة المنصوب أو سرق من سقفه شيئا أو تأزيره ففيه وجهان : .
أحدهما : عليه القطع وهو مذهب الشافعي وأبو القاسم صاحب مالك و أبي ثور و ابن المنذر لأنه سرق نصابا محرزا بحرز مثله لا شبهة له فيه فلزمه القطع كباب بيت الآدمي .
والثاني : لا قطع عليه وهو قول أصحاب الرأي لانه لا مالك له من المخلوقين فلا يقطع فيه كحصر المسجد وقناديله فانه لا يقطع بسرقة ذلك وجها واحدا لكونه مما ينتفع به فيكون له فيه شبهة فلم يقطع به كالسرقة من بيت المال وقال أحمد : لا يقطع بسرقة ستارة الكعبة الخارجة منها وقال القاصي : هذا محمول على ما ليست بمخيطة لأنها إنما تحرز بخياطتها وقال أبو حنيفة : لا قطع فيها بحال لما ذكرنا في الباب .
فصل : واذا أجر داره ثم سرق منها مال المستأجر فعليه القطع وبهذا قال الشافعي و أبو حنيفة وقال صاحباه : لا قطع عليه لأن المنفعة بحدث في ملك الآجر ثم تنتقل إلى المستأجر .
ولنا أنه هتك حرزا وسرق منه نصابا لا شبهة له فوجب القطع كما لو سرق من ملك المستأجر وما قالاه لا نسلمه ولو استعار دارا فنقبها المعير وسرق مال المستعير منها قطع أيضا وبهذا قال الشافعي في أحد الوجهين وقال أبو حنيفة : لا قطع عليه لأن المنفعة ملك له فما هتك حرز غيره ولأن له الرجوع متى شاء وهذا يكون رجوعا .
ولنا ما تقدم في التي قبلها ولا يصح ما ذكره لأن هذا قد صار حرزا لمال غيره لا يجوز له الدخول اليه وإنما يجوز له الرجوع في العارية والمطالبة برده اليه .
فصل : وان غصب بيتا فأحرزه فيه ماله فسرقه منه أجنبي أو المغصوب منه فلا قطع عليه لأنه لا حكم بحرزه إذا كان متعديا به ظالما فيه .
فصل : واذا سرق الضيف من مال مضيفه شيئا نظرت فان سرقه من الموضع الذي انزله فيه أو موضعه لم يحرزه عنه لم يقطع لأنه لم يسرق من حرزه وإن سرق من موضع محرز دونه نظرت فان كان منعه قراه فسرق بقدره فلا قطع عليه أيضا وإن لم يمنعه قراه فعليه القطع وقد روي عن أحمد أنه لا قطع على الضيف وهو محمول على احدى الحالتين الاوليين وقال أبو حنيفة : لا قطع عليه بحال لأن المضيف بسطه في بيته وماله فأشبه ابنه .
ولنا أنه سرق مالا محرزا عنه لا شبهة له فيه فلزمه القطع كالاجنبي وقوله انه بسطه فيه لا يصح فانه احرز عنه هذا المال ولم يبسطه فيه وتبسطه في غيره لا يوجب تبسطه فيه كما لو تصدق على مسكين بصدقة أو أهدى الى صديقه هدية فانه لا يسقط عنه القطع بالسرقة من غير ما تصدق به عليه أو أهدى اليه .
فصل : وإذا أحرز المضارب مال المضاربة أو الوديعة أو العارية أو المال الذي وكل فيه فسرقه أجنبي فعليه القطع لا نعلم فيه مخالفا لأنه ينوب مناب المالك في حفظ المال وإحرازه ويده كيده وان غصب عينا وأحرزها أو سرقها وأحرزها فسرقها سارق فلا قطع عليه وقال مالك : عليه القطع لأنه سرق نصابا من حرز مثله لا شبهة له فيه و للشافعي قولان كالمذهبين وقال أبو حنيفة كقولنا في السارق وكقولهم في الغاصب .
ولنا أنه لم يسرق المال من مالكه ولا ممن يقوم مقامه فأشبه ما لو وجده ضائعا فأخذه وفارق السارق من المالك أو نائبه فانه أزال يده وسرق من من حرزه .
فصل : وان سرق نصابا أو غصبه فأحرزه فجاء المالك فهتك الحرز وأخذ ماله فلا قطع عليه عند أحد سواء أخذه سرقة أو غيرها لأنه أخذ ماله ففيه وجهان : .
أحدهما : لا قطع فيه لأن له شبهة في هتك الحرز وأخذ ماله فصار كالسارق من غير حرز ولأن له شبهة في أخذ قدر ماله لذهاب بعض العلماء إلى جواز أخذ الانسان قدر دينه من مال من هو عليه .
والثاني : عليه القطع لأنه سرق نصابا من حرزه لا شبهة له فيه وإنما يجوز له أخذ قدر ماله إذا عجز عن أخذ ماله وهذا أمكنه أخذ ماله فلم يجز له أخذ غيره وكذلك الحكم إذا أخذ ماله وأخذ من غيره نصابا متميزا عن ماله فان كان مختلطا بماله غير متميز منه فلا قطع عليه لأنه أخذ ماله الذي له أخذه وحصل غيره مأخوذا ضرورة أخذه فيجب أن لا يقطع فيه ولأن له في أخذه شبهة والحد يدرأ بالشبهات فأما إن سرق منه مالا آخر من غير الحرز الذي فيه ماله أو كان له دين على إنسان فسرق من ماله قدر دينه من حرزه نظرت فإن كان الغاصب أو الغريم باذلا لما عليه غير ممتنع من أدائه أو قدر المالك على أخذ ماله فتركه وسرق مال الغاصب أو الغريم فعليه القطع لأنه لا شبهة له فيه وإن عجز عن استيفاء دينه أو أرش جنايته فسرق قدر دينه أو حقه فلا قطع عليه وقال القاضي : عليه القطع بناء على أصلنا في أنه ليس له أخذ قدر دينه .
ولنا أن هذا مختلف في حله فلم يجب الحد به كما لو وطىء في نكاح مختلف في صحته وتحريم الأخذ لا يمنع الشبهة الناشئة عن الاختلاف والحدود تدرأ بالشبهات فان سرق أكثر من دينه فهو كالمغصوب منه إذا سرق أكثر من ماله على ما مضى .
فصل : ولا بد من إخراج المتاع من الحرز لما قدمنا من الإجماع على اشتراطه فمتى أخرجه من الحرز وجب عليه القطع سواء حمله إلى منزله أو تركه خارجا من الحرز وسواء أخرجه لأن حمله أو رمى به إلى خارج الحرز أو شد فيه حبلا ثم خرج فمده به أو شده على بهيمة ثم ساقها به حتى أخرجها أو تركه في نهر جار فخرج به ففي هذا كله يجب القطع لأنه هو المخرج له إما بنفسه وإما بآلته فوجب عليه القطع كما لو حمله فأخرجه وسواء دخل الحرز فأخرجه أو نقبه ثم أدخل اليه يده أو عصا لها شجنة فاجتذبه بها وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : لا قطع عليه إلا أن يكون البيت صغيرا لا يمكنه دخوله لأنه لم يهتك الحرز بما أمكنه فأشبه المختلس .
ولنا أنه سرق نصابا من حرز مثله لا شبهة له فيه وهو من أهل القطع فوجب عليه كما لو كان البيت ضيقا ويخالف المختلس فإنه لم يهتك الحرز وان رمى المتاع فأطارته الريح فأخرجته فعليه القطع لأنه متى كان ابتداء الفعل منه لم يؤثر فعل الريح كما لو رمى صيدا فأعانت الريح السهم حتى قتل الصيد حل ولو رمى الجمار فأعانتها الريح حتى وقعت في المرمى احتسب به وصار هذا كما لو ترك المتاع في الماء فجرى به فأخرجه ولو أمر صبيا لا يميز فأخرج المتاع وجب عليه القطع لأنه آلة له فأما إن ترك المتاع على دابة فخرجت بنفسها من غير سوقها أو ترك المتاع في ماء راكد فانفتح فخرج المتاع أو على حائط في الدار فأطارته الريح ففي ذلك وجهان : .
أحدهما : عليه القطع لأن فعله سبب خروجه فأشبه ما لو ساق البهيمة أو فتح الماء وحلق الثوب في الهواء والثاني لا قطع عليه لأن الماء لم يكن آلة للاخراج وإنما خرج المتاع بسبب حادث من غير فعله والبهيمة لها اختيار لنفسها .
فصل : وإذا أخرج المتاع من بيت في الدار أو الخان إلى الصحن فان كان باب البيت مغلقا ففتحه أو نقبه فقد أخرج المتاع من الحرز وإن لم يكن مغلقا فما أخرجه من الحرز وقد قال أحمد : إذا أخرج المتاع من البيت إلى الدار يقطع وهو محمول على الصورة الأولى .
فصل : قال أحمد : الطرار سرا يقطع وإن اختلس لم يقطع ومعنى الطرار الذي يسرق من جيب الرجل أو كمه أو صفنه وسواء بط ما أخذ منه المسروق أو قطع الصفن فأخذه أو أدخل يده في الجيب فأخذ ما فيه فان عليه القطع وروي عن أحمد في الذي يأخذ من جيب الرجل وكمه لا قطع عليه فيكون في ذلك روايتان .
فصل : وإذا دخل السارق حرزا فاحتلب لبنا من ماشية وأخرجه فعليه القطع وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة : لا قطع عليه لأنه من الاشياء الرطبة وقد مضى الكلام معه في هذا وان شربه في الحرز أو شرب منه ما ينقص النصاب فلا قطع عليه لأنه لم يخرج من الحرز نصابا وإن ذبح الشاة في الحرز أو شق الثوب ثم أخرجهما وقيمتهما بعد الشق والذبح نصاب فعليه القطع وبه قال الشافعي و قال أبو حنيفة : لا قطع عليه في الشاة لأن اللحم لا يقطع عنده بسرقته والثوب إن شق أكثره فلا قطع فيه لأن صاحبه مخير بين أن يضمنه قيمة جميعه فيكون قد أخرجه وهو ملك له وقد تقدم الكلام معه في هذه الأصول وإن دخل الحرز فابتلع جوهرة وخرج فلم تخرج فلا قطع عليه لأنه اتلفها في الحرز وان خرجت ففيه وجهان : .
أحدهما : يجب لأنه اخرجها في وعائها فأشبه إخراجها في كمه والثاني لا يجب لأنه ضمنها بالبلع فكان إتلافا لها ولأنه ملجأ الى إخراجها لأنه لا يمكنه الخروج بدونها وإن تطيب في الحرز بطيب وخرج ولم يبقى عليه من الطيب ما إذا جمع كان نصابا فلا قطع عليه لأن ما لا يجتمع قد أتلفه باستعماله فأشبه ما لو أكل الطعام وان كان يبلغ نصابا فعليه القطع لأنه أخرج نصابا وذكر فيه وجه آخر فيما إذا كان ما تطيب به يبلغ نصابا فعليه القطع وان نقص ما يجتمع عن النصاب لأنه أخرج نصابا والأول أولى وإن جر خشبة فألقاها بعد أن أخرج بعضها من الحرز فلا قطع عليه سواء خرج منها ما يساوي نصابا أو لم يكن لأن بعضها لا ينفرد عن بعض وكذلك لو أمسك الغاصب طرف عمامته والطرف الآخر في يد مالكها لم يضمنها وكذلك إذا سرق ثوبا أو عمامة فأخرج بعضهما .
فصل : وإذا نقب الحرز ثم دخل فأخرج ما دون النصاب ثم دخل فأخرج ما يتم به النصاب نظرت فان كان في وقتين متباعدين أو ليلتين لم يجب القطع لأن كل واحدة منهما سرقة مفردة لا تبلغ نصابا وكذلك إن كانا في ليلة واحدة وبينهما مدة طويلة وإن تقاربا وجب قطعه لأنها سرقة واحدة وإذا بني فعل أحد الشريكين على فعل شريكه فبناء فعل الواحد بعضه على بعض أولى .
الشرط الخامس والسادس والسابع : كون السارق مكلفا وثبتت السرقة ويطالب بها المالك بالمعروف وتنتفي الشبهات ويذكر ذلك في مواضعه