فصل : حكم ما لو سرق عينا موقوفة .
فصل : وإن سرق عينا موقوفة وجب القطع عليه لأنها مملوكة للموقوف عليه ويحتمل أن لا يقطع بناء على الوجه الذي يقول : إن الموقوف لا يملكه الموقوف عليه .
الشرط الرابع : أن يسرق من حرز ويخرجه منه وهذا قول أكثر أهل العلم وهذا مذهب عطاء و الشعبي و أبي الاسود الدؤلي وعمر بن عبد العزيز و الزهري وعمرو بن دينار و الثوري و مالك و الشافعي و أصحاب الرأي ولا نعلم عن أحد من أهل العلم خلافهم إلا قولا حكي عن عائشة و الحسن و النخعي فيمن جمع المتاع ولم يخرج من الحرز عليه القطع وعن الحسن مثل قول الجماعة وحكي عن داود انه لا يعتبر الحرز لأن الآية لا تفصيل فيها وهذه أقوال شاذة غير ثابتة عمن نقلت عنه .
قال ابن المنذر : وليس فيه خبر ثابت ولا مقال لأهل العلم إلا ما ذكرناه فهو كالاجماع والاجماع حجة على من خالفه وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ أن رجلا من مزينة سأل النبي A عن الثمار فقال : ما أخذ في غير اكمامه فاحتمل ففيه قيمته ومثله معه وما كان في الخزائن ففيه القطع إذا بلغ ثمن المجن ] رواه أبو داود و ابن ماجة وغيرهما وهذا الخبر يخص الآية كما خصصناها في اعتبار النصاب إذا ثبت اعتبار الحرز والحرز ما عد حرزا في العرف فانه لم ثبت اعتباره في الشرع من غير تنصيص على بيانه علم أنه رد ذلك إلى أهل العرف لأنه لا طريق إلى معرفته إلا من جهته فيرجع إليه كما رجعنا اليه في معرفة القبض والفرقة في البيع وأشباه ذلك .
إذا ثبت هذا فان من حرز الذهب والفضة والجواهر الصناديق تحت الاغلاق والاقفال الوثيقة في العمران وحرز الثياب وما خف من المتاع كالصفر والنحاس والرصاص في الدكاكين والبيوت المقفلة في العمران أو يكون فيها حافظ فيكون حرزا وإن كانت نفتوحة وان لم تكن مغلقة ولا فيها حافظ فليست بحرز وإن كانت فيها خزائن مغلقة فالخزائن حرز لما فيها وما خرج عنها فليس بمحرز وقد روي عن أحمد في البيت الذي ليس عليه غلق يسرق منه أراه : سارقا وهذا محمول على أن أهله فيه فأما البيوت التي في البساتين أو الطرق أو الصحراء فان لم يكن فيها أحد فليست حرزا سواء كانت مغلقة أو مفتوحة لأن من ترك متاعه في مكان خال من الناس والعمران وانصرف عنه لا يعد حافظا له وإن أغلق عليه وان كان فيها أهلها أو حافظ فهي حرز سواء كانت مغلقة أو مفتوحة وإذا كان لابسا للثوب أو متوسدا له نائما أو مستيقظا أو مفترشا له أو متكئا عليه في أي موضع كان من البلد أو برية فهو محرز بدليل أن رداء صفوان سرق وهو متوسد له فقطع النبي A سارقه وإن تدحرج عن الثوب زال الحرز إن كان نائما وإن كان الثوب بين يديه أو غيره من المتاع كبز البزازين وقماش الباعة وخبز الخبازين بحيث يشاهده وينظر اليه فهو محرز وإن نام أو كان غائبا عن موضع مشاهدته فليس بمحرز وان جعل المتاع في الغرائر وعلم عليها ومعها حافظ يشاهدها فهي محرزة وإلا فلا