مسألة : إذا تحاكم إلينا أهل الذمة حكمنا عليهم بحكم الله تعالى علينا .
مسألة : قال : وإذا تحاكم الينا أهل الذمة حكمنا عليهم بحكم الله تعالى علينا .
وجملة ذلك أنه إذا تحاكم إلينا أهل الذمة أو استعدى بعضهم على بعض فالحاكم مخير بين إحضارهم والحكم بينهم وبين تركهم سواء كانوا من أهل دين واحد أو من أهل أديان هذا المنصوص عن أحمد وهو قول النخعي وأحد قولي الشافعي وحكى أبو خطاب عن أحمد رواية أخرى أنه يجب الحكم بينهم وهذا القول الثاني للشافعي واختيار المزني لقول الله تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } ولأنه يلزمه دفع من قصد واحدا منهما بغير حق فلزمه الحكم بينهما كالمسلمين .
ولنا قول الله تعالى : { فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } فخيره بين الأمرين ولا خلاف في أن هذه الآية نزلت فيمن وادعه رسول الله A من يهود المدينة ولأنهما كافران فلا يجب الحكم بينهما كالمعاهدين والآية التي احتجوا بها محمولة على من اختار الحكم بينهم لقوله تعالى : { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط } جمعا بين الآيتين فانه لا يصار الى النسخ مع امكان الجمع فإذا ثبت هذا فإنه إذا حكم بينهم لم يجز له الحكم إلا بحكم الاسلام للآيتين ولأنه لا يجوز له الحكم إلا بالقسط كما في حق المسلمين ومتى حكم بينهما ألزمهما حكمه ومن امتنع منهما أجبره على قبول حكمه وأخذه به لأنه إنما دخل في العهد بشرط التزام أحكام الإسلام قال أحمد : لا يبحث عن أمرهم ولا يسأل عن أمرهم إلا أن يأتوا هم فان ارتفعوا الينا أقمنا عليهم الحد على ما فعل النبي A وقال أيضا : حكمنا يلزمهم وحكمنا جائز على جميع الملل ولا يدعوهما الحاكم فان جاءوا حكمنا بحكمنا إذا ثبت هذا فانه إذا رفع إلى الحاكم من أهل الذمة من فعل محرما يوجب عقوبة مما هو محرم عليهم في دينهم كالزنا والسرقة والقذف والقتل فعليه إقامة حده عليه فإن كان زنا جلد إن كان بكرا وغرب عاما وإن كان محصنا رجم لما روى ابن عمر أن [ النبي A أتى بيهوديين فجرا بعد إحصانهما فأمر بهما فرجما ] وعن ابن عمر [ أن اليهود جاءوا إلى النبي A فقالوا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال رسول الله A : ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ؟ فقالوا : نفضحهم ويجلدون قال عبد الله بن سلام : كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال عبد الله بن سلام : ارفع يدك فرفع يده فاذا فيها آية رجم فقالوا : صدق يا محمد فيها آية رجم فأمر بهما رسول الله A فرجما ] متفق عليه وروى أنس أن [ يهوديا قتل جارية على أوضاح لها بحجر فقتله رسول الله A بين حجرين ] متفق عليه وان كان يعتقد إباحته كشرب الخمر لم يحد لأنه لا يعتقد تحريمه فلم يلزمه عقوبته كالكفر وإن تظاهر به عزر لأنه أظهر منكرا في دار الاسلام فعزر عليه كالمسلم