مسألة وفصول : يجب الحد على الزاني إذا أقر به أربع مرات في مجلس واحد أو جلسات وما يعتبر في صحة الإقرار .
مسألة : قال : والذي يجب عليه الحد ممن ذكرت من أقر بالزنا أربع مرات .
وجملته أن الحد لا يجب إلا باحد شيئين إقرار أو بينة فان ثبت باقرار اعتبر إقرار أربع مرات وبهذا قال الحكم و ابن أبي ليلى وأصحاب الرأي وقال الحسن و حماد و مالك و الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر : يحد باقرار مرة لقول النبي A : [ واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها ] واعتراف مرة اعتراف وقد أوجب عليها الرجم به ورجم الجهنية وإنما اعترفت مرة وقال عمر : إن الرجم حق واجب على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ولأأنه حق فيثبت باعتراف مرة كسائر الحقوق .
ولنا ما روى أبو هريرة قال : [ أتى رجل من الأسلميين رسول الله A وهو في المسجد فقال : يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال : يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله A فقال : أبك جنون ؟ قال : لا قال : فهل أحصنت ؟ قال : نعم فقال رسول الله A : ارجموه ] متفق عليه ولو وجب الحد بمرة لم يعرض عنه رسول الله A لأنه لا يجوز ترك حد وجب لله تعالى وروى نعيم بن هزال حديثه وفيه : [ حتى قالها أربع مرات فقال رسول الله A : إنك قد قلتها أربع مرات فبمن ؟ قال : بفلانة ] رواه أبو داود وهذا تعليل منه يدل على أن إقرار الأربع هي الموجبة .
وروى أبو برزة الأسلمي أن أبا بكر الصديق قال له عند النبي A : إن أقررت اربعا رجمك رسول الله A : وهذا يدل من وجهين : أحدهما أن النبي A أقره على هذا ولم ينكره فكان بمنزلة قوله لأنه لا يقر على الخطأ .
الثاني : أنه قد علم هذا من حكم النبي A لولا ذلك ما تجاسر على قوله بين يديه فأما أحاديثهم فإن الاعتراف لفظ المصدر يقع على القليل والكثير وحديثنا يفسره ويبين أن الاعتراف الذي يثبت به كان أربعا .
فصل : وسواء كان في مجلس واحد أو مجالس متفرقة قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن الزاني يردد أربع مرات ؟ قال : نعم على حديث ماعز هو أحوط قلت له : في مجلس واحد في مجالس شتى ؟ قال : اما الاحاديث فليست تدل إلا على مجلس واحد إلا ذاك الشيخ بشير بن مهاجر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه وذاك عندي منكر الحديث وقال أبو حنيفة : لا يثبت إلا بأربع إقرارات في أربعة مجالس لأن ماعزا أقر في أربعة مجالس .
ولنا أن الحديث الصحيح إنما يدل على أنه أقر اربعا في مجلس واحد وقد ذكرنا الحديث ولانه إحدى حجتي الزنا فاكتفي به في مجلس واحد كالبينة .
فصل : يعتبر في صحة الإقرار أن يذكر حقيقة الفعل لتزول الشبهة لأن الزنا يعبر عما ليس بموجب للحد وقد روى ابن عباس [ أن النبي A قال لماعز : لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت قال : لا قال : أفنكتها لا يكني ؟ قال : نعم قال : فعند ذلك أمر برجمه ] رواه بخاري وفي رواية عن أبي هريرة قال : [ أفنكتها ؟ - قال : نعم قال - حتى غاب ذاك منك في ذاك منها ؟ قال : نعم قال : كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر قال : نعم قال : فهل تدري ما الزنا ؟ قال : نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا ] وذكر الحديث رواه أبو داود