فصل : يجب قتل البهيمة المأتية .
فصل : ويجب قتل البهيمة وهذا قول أبي سلمة بن عبد الرحمن وأحد قولي الشافعي وسواء كانت مملوكة له أو لغيره مأكولة أو غير مأكولة قال أبو بكر : الاختيار قتلها وإن تركت فلا بأس وقال الطحاوي : إن كانت مأكولة ذبحت وإلا لم تقتل وهذا قول ثان للشافعي لأن النبي A نهى عن ذبح الحيوان لغير مأكلة .
ولنا قول النبي A : [ من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة ] ولم يفرق بين كونها مأكولة أو غير مأكولة ولا بين ملكه وملك غيره فان قيل الحديث ضعيف ولم يعملوا به في قتل الفاعل الجاني ففي حق حيوان لا جناية منه أولى قلنا إنما يعمل به في قتل الفاعل على إحدى الروايتين لوجهين : أحدهما أنه حد والحدود تدرأ بالشبهات وهذا اتلاف مال فلا تؤثر الشبهة فيه والثاني أنه اتلاف آدمي وهو أعظم المخلوقات حرمة فلم يجز التهجم على إتلافه إلا بدليل في غاية القوة ولا يلزم مثل هذا في إتلاف مال ولا حيوان سواه إذا ثبت هذا فان الحيوان إن كان للفاعل ذهب هدرا وإن كان لغيره فعلى الفاعل غرامته لأن سبب إتلافه فيضمنه كما لو نصب له شبكة فتلف بها ثم إن كانت مأكولة فهل يباح أكلها على وجهين و للشافعي أيضا في ذلك وجهان : .
أحدهما : يحل أكلها لقول الله تعالى : { أحلت لكم بهيمة الأنعام } ولأنه حيوان من جنس يجوزأكله ذبحه من هو من اهل الذكاة فحل أكله كما لو لم يفعل به هذا الفعل ولكن يكره اكله لشبهة التحريم .
والوجه الثاني : لا يحل أكلها لما روي عن ابن عباس أنه قيل له : ما شأن البهيمة ؟ قال : ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أكلها وقد فعل بها ذلك الفعل ولأنه حيوان يجب قتله لحق الله تعالى فلم يجز أكله كسائر المقتولات واختلف في علة قتلها فقيل إنما قتلت لئلا يعير فاعلها ويذكر برؤيتها .
وقد روى ابن بطة باسناده عن النبي A أنه قال : [ من وجدتموه على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة قالوا يا رسول الله ما بال البهيمة ؟ قال : لا يقال هذه وهذه ] قيل : لئلا تلد خلقا مشوها وقيل : لئلا تؤكل وإليه أشار ابن عباس في تعليله ولا يجب قتلها حتى يثبت هذا العمل بها ببينة فأما إن أقر الفاعل فان كانت البهيمة له ثبت باقراره وإن كانت لغيره لم يجز قتلها بقوله لأنه إقرار على ملك غيره فلم يقبل كما لو أقر بها لغير مالكها وهل يثبت هذا بشاهدين عدلين واقرار مرتين او يعتبر فيه ما يعتبر في الزنا ؟ على وجهين نذكرهما في موضعهما إن شاء الله تعالى