فصل : حكم ما لو تزوج ذات محرمه .
فصل : وان تزوج ذات محرمه فالنكاح باطل بالاجماع فان وطئها فعليه الحد في قول أكثر أهل العلم منهم الحسن و جابر بن زيد و مالك و الشافعي و أبو سيف و محمد و إسحاق و أبو أيوب و ابن أبي خيثمة وقال أبو حنيفة و الثوري : لا حد عليه لأنه وطء تمكنت الشبهة منه فلم يوجب الحد كما لو اشترى اخته من الرضاع ثم وطئها وبيان الشبهة أنه قد وجدت صورة المبيح وهو عقد النكاح الذي هو سبب للاباحة فإذا لم يثبت حكمه وهو الإباحة بقيت صورته شبهة دارئة للحد الذي يندرىء بالشبهات .
ولنا أنه وطء في فرج امرأة مجمع على تحريمه من غير ملك ولا شبهة ملك والواطىء من أهل الحد عالم بالتحريم فيلزمه الحد كما لو لم يوجد العقد وصورة المبيح إنما تكون شبهة إذا كانت صحيحة والعقد ههنا باطل محرم وفعله جناية تقتضي العقوبة انضمت الى الزنا فلم تكن شبهة كما لو أكرهها وعاقبها ثم زنى بها ثم يبطل بالاستيلاء عليها فان الاستيلاء سبب للملك في المباحات وليس بشبهة وأما إذا اشترى اخته من الرضاع فلنا فيه منع وإن سلمنا فان الملك المقتضي للاباحة صحيح ثابت وإنما تخلفت الاباحة لمعارض بخلاف مسألتنا فان المبيح غير موجود لأن عقد النكاح باطل والملك به غير ثابت فالمقتضي معدوم فافترقا فأشبه ما لو اشترى خمرا فشربه أو غلاما فوطئه إذا ثبت هذا فاختلف في الحد فروي عن أحمد أنه يقبل على كل حال وبهذا قال جابر بن زيد و اسحاق و أبو أيوب و ابن خيثمة وروى إسماعيل بن سعيد عن أحمد في رجل تزوج امرأة أبيه أو بذات محرم فقال : يقتل ويؤخذ ماله الى بيت المال .
والرواية الثانية : حده حد الزاني وبه قال الحسن و مالك و الشافعي لعموم الآية والخبر ووجه الأولى ما [ روى البراء قال : لقيت عمي ومعه الراية فقلت : إلى أين تريد ؟ فقال : بعثني رسول الله A إلى رجل نكح امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله ] رواه أبو داود و الجوزجاني و ابن ماجة و الترمذي وقال : حديث حسن وسمى الجوزجاني عمه الحارث بن عمرو .
وروى الجوزجاني و ابن ماجة باسنادهما عن ابن عباس قال : قال رسول الله A : [ من وقع على ذات محرم فاقتلوه ] ورفع إلى الحجاج رجل اغتصب أخته على نفسها فقال : احبسوه وسلوا من ههنا من أصحاب النبي A فسألوا عبد الله بن أبي مطرف فقال : سمعت رسول الله A يقول : [ من تخطى المؤمنين فخطوا وسطه بالسيف ] وهذه الأحاديث أخص مما ورد في الزنا فتقدم والقول فيمن زنى بذات محرمه من غير عقد كالقول فيمن وطئها بعد العقد