ثلاثة فصول : حكم التغريب وكيفيته للرجل وللمرأة .
فصل : ويغرب البكر الزاني حولا كاملا فإن عاد قبل مضي الحول أعيد تغريبه حتى يكمل الحول مسافرا ويبني على ما مضى ويغرب الرجل إلى مسافة القصر لأن ما دونها في حكم الحضر بدليل أنه لا يثبت في حقه أحكام المسافرين ولا يستبيح شيئا من رخصهم فأما المرأة فان خرج معها محرمها نفيت الى مسافة القصر وإن لم يخرج معها محرمها فقد نقل عن أحمد أنها تغرب الى مسافة القصر كالرجل وهذا مذهب الشافعي .
وروي عن أحمد أنها تغرب إلى دون مسافة القصر لتقرب من أهلها فيحفظونها ويحتمل كلام أحمد أن لا يشترط في التغريب مسافة القصر فانه قال في رواية الأثرم ينفى من عمله الى عمل غيره وقال أبو ثور و ابن المنذر : لو نفي الى قرية أخرى بينهما ميل أو أقل جاز وقال إسحاق : ويجوز أن ينفى من مصر الى مصر ونحوه قال ابن أبي ليلى لأن النفي ورد مطلقا غير مقيد فيتناول أقل ما يقع عليه الاسم والقصر يسمى سفرا ويجوز فيه التيمم والنافلة على الراحلة ولا يحبس في البلد الذي نفي اليه وبهذا قال الشافعي وقال مالك : يحبس .
ولنا أنه زيادة لم يرد بها الشرع فلا تشرع كالزيادة على العام .
فصل : وإذا زنى الغريب غرب إلى بلد غير وطنه وإن زنى في البلد الذي غرب إليه غرب منه إلى غير البلد الذي غرب منه لأن الأمر بالتغريب يتناوله حيث كان ولأنه قد أنس بالبلد الذي سكنه فيبعد عنه .
فصل : ويخرج مع المرأة محرمها حتى يسكنها في موضع ثم إن شاء رجع إذا أمن عليها وإن شاء أقام معها حتى يكمل حولها وإن أبى الخروج معها بذلت له الأجرة قال أصحابنا : وتبذل من مالها لأن هذا من مؤنة سفرها ويحتمل أن لا يجب ذلك عليها لأن الواجب عليها التغرب بنفسها فلم يلزمها زيادة عليه كالرجل ولان هذا من مؤنة إقامة الحد فلم يلزمها كأجرة الجلاد فعلى هذا تبذل الأجرة من بيت المال وعلى قول أصحابنا : إن لم يكن لها مال بذلت من بيت المال فإن أبى محرمها الخروج معها لم يجبر وإن لم يكن لها محرم غربت مع نساء ثقات والقول في أجرة من يسافر معها منهن كالقول في أجرة المحرم فان أعوز فقد قال أحمد : تبقى بغير محرم وهو قول الشافعي لأنه لا سبيل إلى تأخيره فأشبه سفر الهجرة والحج إذا مات محرمها في الطريق ويحتمل أن يسقط النفي إذا لم يجد محرما كما يسقط سفر الحج إذا لم يكن لها محرم فإن تغريبها إغراء لها بالفجور وتعريض لها للفتنة وعموم الحديث مخصوص بعموم النهي عن سفرها بغير محرم