فصل : وضوء المستحاضة ثم انقطاع دمها .
فصل : إذا توضأت المستحاضة ثم انقطع دمها فان تبين أنه انقطع لبرئها باتصال الانقطاع تبين أن وضوءها بطل بانقطاعه لأن الحدث الخارج مبطل للطهارة عفي عنه للعذر فإذا زال العذر زالت الضرورة وظهر حكم الحدث وأن عاد الدم فظاهر كلام أحمد أنه لا عبرة بهذا الانقطاع قال أحمد بن القاسم : سألت أبا عبد الله فقلت : إن هؤلاء يتكلمون بكلام كثير ويؤقتون بوقت يقولون إذا توضأت للصلاة وقد انقطع الدم ثم سال بعد ذلك قبل أن تدخل في الصلاة تعيد الوضوء ويقولون : إذا كان الدم سائلا فتوضأت ثم انقطع الدم قولا آخر قال : لست أنظهر في انقطاعه حين توضأت سال أم لم يسيل إنما آمرها أن تتوضأ لكل صلاة فتصلي بذلك الوضوء النافلة والفائتة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى وذلك لأن النبي A أمرها بالوضوء لكل صلاة من غير تفصيل فالتفصيل يخالف مقتضى الخبر ولأن اعتبار هذا يشق والعادة في المستحاضة وأصحاب هذه الأعذار أن الخارج يجري وينقطع واعتبار مقدار الانقطاع فيما يمكن فعل العبادة فيه بشق وإيجاب الوضوء به حرج لم يرد الشرع به ولا سأل عنه النبي A المستحاضة التي استفتته فيدل ذلك ظاهرا على عدم اعتباره مع قول الله تعالى : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } ولم ينقل عن النبي A ولا عن أحد من الصحابة هذا التفصيل وقال القاضي و ابن عقيل : أن تطهرت الستحاضة حال جريان دمها ثم انقطع قبل دخولها في الصلاة ولم يكن لها عادة بانقطاعه لم يكن لها الدخول في الصلاة حتى تتوضأ لأنها طهارة عفي عن الحدث فيها لمكان الضرورة فإذا انقطع الدم زالت الضرورة فظهر حكم الحدث كالتيمم إذا وجد الماء فإن دخلت في الصلاة فاتصل الانقطاع زمنا يمكن الوضوء والصلاة فيه فهي باطلة لاننا تبينا بطلان طهارتها بانقطاعه وإن عاد قبل ذلك فطهارتها صحيحة لأننا تبينا عدم الطهر المبطل للطهارة فأشبه ما لو ظن أنه أحدث ثم تبين أنه لم يحدث وفي صحة الصلاة وجهان أحدهما يصح لأننا تبينا صحة طهارتها لبقاء استحاضتها والثاني لا يصح لأنها صلت بطهارة لم يكن لها أن تصلي بها ولم تصح كما لو تيقن الحدث وشك في الطهارة فصلى ثم تبين أنه كان متطهرا وإن عاودها الدم قبل دخولها في الصلاة لمدة تتسع للطهارة والصلاة بطلت الطهارة وإن كانت لا تتسع لم تبطل لأننا تبينا عدم الطهر المبطل للطهارة فأشبه ما لو ظن أنه أحدث فتبين أنه لم يحدث وإن كان انقطاعه في الصلاة ففي بطلا الصلاة به وجهان مبنيان على المتيمم يرى الماء في الصلاة ذكر ذلك ابن حامد وأن عاود الدم فالحكم فيه على ما مضى في انقطاعه في غير الصلاة وإن توضأت في زمن انقطاعه ثم عاودها الدم قبل الصلاة أو فيها أو كانت مدة انقطاعه تتسع للطهارة والصلاة - بطلت طهارتها بعود الدم لأنها بهذا الانقطاع صارت في حكم الطاهرات فصار عود الدم كسبق الحدث وأن كان انقطاعا لا يتسع لذلك لم يؤثر عوده لأنها مستحاضة ولا حكم لهذا الانقطاع وهذا مذهب الشافعي وقد ذكرنا من كلام أحمد ما يدل على أنه لا عبرة بهذا الانقطاع بل متى كانت مستحاضة أو بها عذر من هذه الاعذار فتحرزت وتطهرت فطهارتها صحيحة وصلاتها بها ماضية ما لم يزل عذرها وتبرأ من مرضها أو يخرج وقت الصلاة أو تحدث حدثا سوى حدثها .
فصل : فإن كانت لها عادة بانقطاع الدم زمنا لا يتسع للطهارة والصلاة فتوضأت ثم انقطع دمها لم يحكم ببطلان طهارتها ولا صلاتها إن كانت فيها لأن هذا الانقطاع لا يفيد المقصود وإن اتصل الانقطاع وبرأت وكانت قد جرى منها دم بعد الوضوء بطلت طهارتها والصلاة لأننا تبينا أنها صارت في حكم الطاهرات بذلك الانقطاع وإن اتصل زمنا يتسع للطهارة والصلاة فالحكم فيها كالحكم في التي لم يجر لها عادة بانقطاعه على ما ذكر فيه وإن كانت لها عادة بانقطاعه زمنا يتسع للطهارة والصلاة لم تصل حال جريان الدم وتنتظهر امساكه إلا أن تخشى خروج الوقت فتتوضأ وتصلي فأن شرعت في الصلاة في آخر الوقت بهذه الطهارة فأمسك الدم عنها بطلت طهارتها لأنها أمكنتها الصلاة بطهارة غير ضرورية فلم تصح صلاتها بغير المستحاضة فأن كان زمن امساكه يختلف فتارة يتسع وتارة لا يتسع فهي كالتي قبلها إلا أن تعلم أن انقطاعه في الوقت لا يتسع ويحتمل أنها إذا شرعت في الصلاة ثم انقطع الدم لا تبطل صلاتها لأنها شرعت فيها بطهارة يقينية وانقطاع الدم يحتمل أن يكون متسعا فتبطل ويحتمل أن يكون ضيقا فلا تبطل ولا يزول اليقين بالشك فإن اتصل الانقطاع تبينا أنه كان مبطلا الطهارة والصلاة به