مسألة وفصول في الأسنان واللسان والأيدي وذكر واسكتي المرأة وركبها .
فصل : فإن نبتت أسنان صبي سوداء ثم ثغر ثم عادت سوداء فديتها تامة لأن هذا جنس خلق على هذه الصورة فأشبه من خلق أسود الجسم والوجه جميعا وإن نبتت أولا بيضاء ثم ثغر عادت سوداء سئل أهل الخبرة فإن قالوا : ليس السوداء لعلة ولا مرض ففيها أيضا كمال ديتها وإن قالوا ذلك لمرض فعلى قالعها ثلث ديتها أو حكومة وقد سلم القاضي وأصحاب الشافعي الحكم في هذه الصورة وهو حجة عليهم فيما خالفوا فيه ويحتمل أن يكون الحكم فيما كانت سوداء من ابتداء الخلقة هكذا لأن المرض قد يكون في فيه من ابتداء خلقته فيثبت حكمه في بعض ديتها كما لو كان طارئا .
فصل : وفي لسان الأخرس روايتان أيضا كالروايتين في اليد الشلاء وكذلك كل عضو ذهبت منفعته وبقيت صورته كالرجل الشلاء والأصبع والذكر إذا كان أشل وذكر الخصي والعنين إذا قلنا : لا تكمل ديتهما واشباه هذا فكله يخرج على الروايتين إحداهما : في ثلث ديته والأخرى حكومة .
فصل : فأما اليد أو الرجل أو الأصبع أو السن الزوائد ونحو ذلك فليس فيه إلا حكومة وقال القاضي : هذا في معنى اليد الشلاء فتكون على قياسها يخرج على الروايتين والذي ذكرناه أصح لأنه لا تقدير في هذا ولا هو في معنى القدر ولا يصح قياس هذا على ذهبت منفعته وبقي جماله لأن هذه الزوائد لا جمال فيها إنما هي شين في الخلقة وعيب يرد به المبيع وتنقص به القيمة فكف يصح قياسه على ما يحصل به الجمال ؟ ثم لو حصل به جمال ما لكنه يخالف جمال العضو الذي يحصل به تمام الخلقة ويختلف في نفسه اختلافا كثيرا فوجبت فيه الحكومة ويحتمل أن لا يجب فيه شيء لما ذكرنا .
فصل : واختلفت الرواية في قطع الذكر بعد حشفته وقطع الكف بعد أصابعه فروى أبو طالب عن أحمد : فيه ثلث ديته وكذلك شحمة الأذن وعن أحمد في ذلك كله حكومة والصحيح في هذا أن فيه حكومة لعدم التقدير فيه وامتناع قياسه على ما فيه تقدير لأن الأشل بقيت صورته وهذا لم تبق صورته إنما بقي بعض ما فيه الدية أو أصل ما فيه الدية فأما قطع الذراع بعد قطع الكف والساق بعد قطع القدم فينبغي أن تجب الحكومة فيه وجها واحدا لأن إيجاب ثلث دية اليد فيه يفضي إلى أن يكون الواجب فيه مع بقاء الكف والقدم وذهابهما واحدا مع تفاوتهما وعدم النص فيهما والله أعلم .
مسألة : قال : وفي إسكتي المرأة الدية .
الإسكتان هما اللحم المحيط بالفرج من جانبيه إحاطة الشفتين بالفم وأهل اللغة يقولون : الشفران حاشيتا الإسكتين كما أن أشفار العين أهدابها وفيهما دية المرأة إذا قطعا وبهذا قال الشافعي وقاله الثوري إذا لم يقدر على جماعها وقضى به محمد بن سفيان إذا بلغ العظم لأن فيهما جمالا ومنفعة وليس في البدن غيرهما من جنسهما فوجبت فيهما الدية كسائر ما فيه منه شيئان وفي إحداهما نصف الدية كما ذكرنا في غيرهما وإن جنى عليهما فأشلهما وجبت ديتهما كما لو جنى على شفتيه فأشلهما ولا فرق بين كونهما غليظتين أو دقيقتين قصيرتين أو طويلتين من بكر أو ثيب أو صغيرة أو كبيرة مخفوضة أو غير مخفوضة لأنهما عضوان فيهما الدية فاستوى فيهما جميع ما ذكرنا كسائر أعضائها ولا فرق بين الرتقاء وغيرها لأن الرتق عيب في غيرهما فلم ينقص ديتهما كما أن الصمم لم ينقص دية الأذنين والخفض هو الختان في حق المرأة .
فصل : وفي ركب المرأة حكومة وهو عانة المرأة وكذلك في عانة الرجل لأنه لا مقدر فيه ولا هو نظير لما قدر فيه فإن أخذ منه شيء مع فرج المرأة أو ذكر الرجل ففيه الحكومة مع الدية كما لو أخذ مع الأنف والشفتين شيء من اللحم الذي حولهما