مسألة وفصلين اليدان والدية فيهما .
مسألة : قال : وفي اليدين الدية .
أجمع أهل العلم على وجوب الدية في اليدين ووجوب نصفها في إحداهما وروي عن معاذ بن جبل Bه أن النبي A قال : [ وفي اليدين الدية وفي الرجلين الدية ] وفي كتاب النبي A لعمرو بن حزم : [ وفي اليد خمسون من الإبل ] ولأن فيها جمالا ظاهرا ومنفعة كاملة وليس في البدن من جنسهما غيرهما فكان فيهما الدية كالعينين واليد التي تجب فيها الدية من الكوع لأن اسم اليد عند الإطلاق ينصرف إليها بدليل أن الله تعالى لما قال : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } كان الواجب قطعهما من الكوع وكذلك التيمم يجب فيه مسح اليدين إلى الكوعين فإن قطع يده من فوق الكوع مثل أن يقطعها من المرفق أو نصف الساعد فليس عليه إلا دية اليدين إلى الكوعين فإن قطع يده من فوق الكوع مثل أن يقطعها من المرفق أو نصف الساعد فليس عليه إلا دية اليد نص عليه أحمد في رواية أبي طالب وهذا قول عطاء و قتادة و النخعي و ابن أبي ليلى و مالك وهو قول بعض أصحاب الشافعي وظاهر مذهبه عند أصحابه أنه يجب مع دية اليد حكومة لما زاد لأن اسم اليد لها إلى الكوع ولأن المنفعة المقصودة في اليد من البطش والأخذ والدفع بالكف وما زاد تابع للكف والدية تجب في قطعها من الكوع بغير خلاف فتجب في الزائد حكومة كمالو قطعه بعد قطع الكف قال أبو الخطاب : وهذا قول القاضي .
ولنا أن اليد اسم للجميع إلى المنكب بدليل قوله تعالى : { وأيديكم إلى المرافق } ولما نزلت آية التيمم مسحت الصحابة إلى المناكب وقال ثعلب : اليد إلى المنكب وفي عرف الناس أن جميع ذلك يسمى يدا فإذا قطعها من فوق الكوع فما قطع إلا يدا فلا يلزمه أكثر من ديتها فأما قطعها في السرقة فلأن المقصود يحصل به قطع بعض الشيء يسمى قطعا له كما يقال قطع ثوبه إذا قطع جانبا منه وقولهم أن الدية تجب في قطعها من الكوع قلنا : وكذلك تجب بقطع الأصابع منفردة ولا يجب بقطعها من الكوع أكثر مما يجب في قطع الأصابع والذكر يجب في قطعه من أصله مثل ما يجب بقطع حشفته فأما إذا قطع اليد من الكوع ثم قطعها من المرفق وجب في المقطوع ثانيا حكومة لأنه وجبت عليه دية اليد بالقطع الأول فوجبت بالثاني حكومة كما لو قطع الأصابع ثم قطع الكف أو قطع حشفة الذكر ثم قطع بقيته أو كما لو فعل ذلك اثنان .
فصل : فإن جنى عليها فأشلها وجبت عليها ديتها لأنه فوت منفعتها ديتها كمالو أعمى عينه مع بقائها أو أخرس لسانه وإن جنى على يده فعوجها أو نقص قوتها أو شانها فعليه حكومة لنقصها وإن كسرها ثم انجبرت مستقيمة وجبت حكومة لشينها إن شانها ذلك وإن عادت معوجة فالحكومة أكثر لأن شينها أكثر وإن قال الجاني : أنا أكسرها ثم أجبرها مستقيمة لم يمكن من ذلك لأنها جناية ثانية فإن كسرها تعديا ثم جبرها فاستقامت لم يسقط ما وجب من الحكومة في اعوجاجها لأن ذلك استقر حين انجبرت عوجاء وهذه جناية ثانية والجبر الثاني لها دون الأولى ولا يشبه هذا ما إذا ذهب ضوء عينه ثم عاد لأننا تبينا أن الضوء لم يذهب وإنما حال دونه حائل وههنا بخلافه وتجب الحكومة في الكسر الثاني لأنها جناية ثانية ويحتمل أن لا تجب لأنه أزال ضرر العوج منها فكان نفعا فأشبه ما لو جنى عيه بقطع سلعة أزالها عنه .
فصل : فإن كان له كفان في ذراع أو يدان على عضد وإحداهما باطشة دون الأخرى أو إحداهما أكثر بطشا أو في سمت الذارع والأخرى منحرفة عنه أو إحداهما تامة والأخرى ناقصة فالأولى هي الأصلية والأخرى زائدة ففي الأصلية ديتها والقصاص بقطعها عمدا والأخرى زائدة فيها حكومة سواء قطعها مفردة أو قطعها مع الأصلية وعلى قول ابن حامد : لا شيء فيها لأنها عيب فهي كالسلعة في اليد وإن استويا فيهما فهما كاليد الشلاء وإن كانتا باطشتين ففيهما جميعا دية اليد وهل تجب حكومة مع ذلك ؟ على وجهين بناء على الزائدة هل فيها حكومة أم لا ؟ وإن قطع إحداهما فلا قود لاحتمال أن تكون هي الزائدة فلا تقطع الأصلية بها وفيها نصف ما فيهما إذا قطعتا لتساويهما وإن قطع أصبعا من إحداهما وجب أرش نصف أصبع وفي الحكومة وجهان وإن قطع ذو اليد التي لها طرفان يدا مفردة وجب القصاص فيهما عى قول ابن حامد لأن هذا نقص لا يمنع القصاص كالسلعة في اليد وعلى قول غيره : لا يجب لئلا يأخذ يدين بيد واحدة ولا تقطع إحداهما لأنا لا نعرف الأصلية فنأخذها ولا نأخذ زائدة باصلية فأما إن كان له قدمان في رجل واحد فالحكم على ما ذكرناه في اليدين فإن كانت إحدى القدمين أطول من الأخرى وكان الطويل مساويا للرجل الأخرى فهو الأصلي وإن كان زائدا عنها والآخر مساو للرجل الأخر فهو الأصلي وإن كان له في كل رجل قدمان يمكنه المشي على الطويلتين مشيا مستقيما فهما الأصليان وإن لم يمكنه فقطعا وأمكنه المشي على القصيرين فهما الأصليان والآخران زائدان وإن أشل الطويلتين ففيهما الدية لأن الظاهر أنهما الأصليان فإن قطعهما قاطع فأمكنه المشي على القصيرين تبين أنهما الأصليان وإن لم يمكنه فالطويلان هما الأصليان