مسائل وفصول من هم العاقلة كيفية تحمل الدية للعاقلة وتحمل بيت المال لمن ليس له عاقلة .
مسألة : قال : والعاقلة العمومة وأولادهم وإن سفلوا في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله والرواية الأخرى الأب والابن والإخوة وكل العصبة من العاقلة .
العاقلة من يحمل العقل والعقل الدية تسمى عقلا لأنها تعقل لسان ولي المقتول وقيل إنما سميت العاقلة لأنهم يمنعون عن القاتل والعقل المنع ولهذا سمي بعض العلوم عقلا لأنه يمنع من الإقدام على المضار ولا خلاف بين أهل العلم في أن العاقلة العصبات وأن غيرهم من الإخوة من الأم وسائر ذوي الأرحام والزوج وكل من عدا العصبات ليسوا هم من العاقلة واختلف في الآباء والبنين هل هم من العاقلة أو لا وعن أحمد في ذلك روايتان : إحداهما : كل العصبة من العاقلة يدخل فيه آباء القاتل وأبناؤه وإخوته وعمومته وأبناؤهم وهذا اختيار أبي بكر والشريف أبي جعفر وهو مذهب مالك و أبي حنيفة لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : [ قضى رسول الله A أن عقل المرأة بين عصبتها من كانوا لا يرثون منها شيئا إلا ما فضل عن ورثتها وإن قتلت فعقلها بين ورثتها ] رواه أبو داود ولأنهم عصبة فأشبهوا الإخوة يحققه أن العقل موضوع على التناصر وهم من أهله ولأن العصبة في تحمل العقل كهم في الميراث في تقديم الأقرب فالأقرب وآباؤه وأبناؤه أحق العصبات بميراثه فكانوا بتحمل عقله .
والرواية الثانية : ليس آباؤه وأبناؤه من العاقلة وهو قول الشافعي لما روى أبو هريرة قال : [ اقتتلت امرأتان هذيل فرمت إحدهما الأخرى فقتلتها فاختصموا إلى رسول الله A فقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم ] متفق عليه [ وفي رواية ثم ماتت القاتلة فجعل النبي A ميراثها لبنيها والعقل على العصبة ] رواه أبو داود و النسائي وفي رواية عن جابر بن عبد الله قال : [ فجعل رسول الله A دية المقتولة على عاقلتها وبرأ زوجها وولدها قال : فقالت عاقلة المقتولة : ميراثها لنا فقال رسول الله A : ميراثها لزوجها وولدها ] رواه أبو داود .
إذا ثبت هذا في الأولاد قسنا عليه الوالد لأنه في معناه ولأن مال ولده ووالده كماله ولهذا لم تقبل شهادتهما له ولا شهادته لهما ووجب على كل واحد منهما الإنفاق على الآخر إذا كان محتاجا والآخر موسرا وعتق عليه إذا ملكه فلا تجب في ماله دية كما لم يجب في مال القاتل وظاهر كلام الخرقي أن في الإخوة روايتين كالولد والوالد وغيره من أصحابنا يجعلونهم من العاقلة بكل حال ولا أعلم فيه عن غيرهم خلافا .
فصل : فإن كان الولد ابن ابن عم أو كان الوالد والد مولى أو عصبة مولى فإنه يعقل في ظاهر كلام أحمد قاله القاضي وقال أصحاب الشافعي : لا يعقل لأنه والد أو ولد فلم يعقل كما لو لم يكن كذلك .
ولنا أنه ابن ابن عم أو مولى فيعقل كما لو يكن ولدا وذلك لأنه هذه القرابة أو الولاء سبب يستقل بالحكم منفردا فإذا وجد مع ما لا يثبت به الحكم أثبته كما لو وجد مع الرحم المجرد ولأنه يثبت حكمه مع القرابة الأخرى بدليل أنه يلي نكاحها مع أن الابن لا يلي النكاح عندهم .
فصل : وسائر العصبات من العاقلة بعدوا أو قربوا من النسب والمولى عصبته ومولى المولى وعصبته وغيرهم وبهذا قال عمر بن عبد العزيز و النخعي و حماد و مالك و الشافعي ولا أعلم عن غيرهم خلافهم وذلك لأنهم عصبة يرثون المال إذا لم يكن وارث أقرب منهم فيدخلون في العقل كالقريب ولا يعتبر أن يكونون وارثين في الحال بل متى كانوا يرثون لولا الحجب عقلوا لأن النبي A قضى بالدية بين عصبة المرأة من كانوا لا يرثون منها إلا ما فضل عن ورثتها ولأن الموالي من العصبات فأشبهوا المناسبين .
فصل : ولا يدخل في العقل من ليس بعصبة ولا يعقل المولى من أسفل وبه قال أبو حنيفة وأصحاب مالك وقال الشافعي في أحد قوليه : يعقل لأنهما شخصان يعقل أحدهما صاحبه فيعقل الآخر عنه كالأخوين ولنا أنه ليس بعصبة له ولا وارث فلم يعقل عنه كالأجنبي وما ذكروه يبطل بالذكر مع الأنثى والكبير مع الصغير والعاقل مع المجنون .
فصل : ولا يعقل مولى الموالاة وهو الذي يوالي رجلا يجعل له ولاءه ونصرته ولا الحليف وهو الرجل يحالف الآخر على أن يتناصرا على دفع الظلم ويتضافرا على من قصدهما أو قصد أحدهما ولا العديد وهو الذي لا عشيرة له ينضم إلى عشيرة فيعد نفسه معهم وبهذا قال الشافعي وقال أبوحنيفة : يعقل مولى الموالاة ويرث وقال مالك : إذا كان الرجل في غير عشيرته فعقله على القوم الذي هو معهم ولنا أنه معنى يتعلق بالعصبة فلا يستحق بذلك كولاية النكاح .
فصل : ولا مدخل لأهل الديوان في المعاقلة وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : يتحملون جميع الدية فإن عدموا فالأقارب حينئذ يعقلون لأن عمر Bه جعل الدية على أهل الديوان في الأعطية في ثلاث سنين [ ولنا أن النبي A قضى بالدية على العاقلة ولأنه معنى لا يستحق به الميراث فلم يحمل العقل كالجوار ] واتفاق المذاهب وقضاء النبي A أولى من قضاء عمر على أنه صح ما ذكر عنه فيحتمل أنهم كانوا عشيرة القاتل .
فصل : ويشترك في العقل الحاضر والغائب وبهذا قال أبو حنيفة وقال مالك : يختص به الحاضر لأن التحمل بالنصرة وإنما هي بين الحاضرين ولأن في قيمته على الجميع مشقة وعن الشافعي كالمذهبين .
ولنا الخبر وأنهم استووا في التعصيب والإرث فاستووا في تحمل العقل كالحاضرين ولأنه معنى يتعلق بالتعصيب فاستوى فيه الحاضر والغائب كالميراث والولاية .
فصل : ويبدأ في قسمته بين العاقلة بالأقرب فالأقرب يقسم على الإخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم ثم أعمام الأب ثم بنيهم ثم أعمام الجد ثم بنيهم كذلك أبدا حتى إذا انقرض المناسبون فعلى المولى المعتق ثم على عصابته ثم على مولى المولى ثم على عصباته الأقرب فالأقرب كالميراث سواء وإن قلنا للآباء والأبناء من العاقلة بدىء بهم لأنهم أقرب ومتى اتسعت أموال قوم للعقل لم يعدهم إلى من بعدهم لأنه حق يستحق بالتعصيب فيقدم الأقرب فالأقرب كالميراث وولاية النكاح وهل يقدم من يدلي بالأبوين على من يدلي بالأب ؟ على وجهين : .
أحدهما : يقدم لأنه يقدم في الميراث فقدم في العقل كتقديم الأخ على ابنه والثاني : يستويان لأن ذلك يستفاد بالتعصيب ولا أثر للأم في التعصيب والأول أولى إن شاء الله تعالى لأن قرابة الأم تؤثر في الترجيح والتقديم وقوة التعصيب لاجتماع القرابتين على وجه لاتنفرد كل واحدة بحكم وذلك لأن القرابتين تنقسم إلى ما تنفرد كل واحدة منهما بحكم كابن العم إن كان أخا من أم فإنه يرث بكل واحدة من القرابتين ميراثا مفردا يرث السدس بالأخوة ويرث بالتعصيب ببنوة العم وحجب إحدى القرابتين لا يؤثر في حجب الأخرى فهذا لا يؤثر في قوة ولا ترجيح ولذلك لا يقدم ابن العم الذي هوأخ من أم على غيره وما لا ينفرد كل واحد منهما بحكم كابن العم من أبوين مع ابن عم من أب لا تنفرد إحدى القرابتين بميراث عن الأخرى فتؤثر في الترجيح وقوة التعصيب ولذلك أثرت في التقديم في الميراث فكذلك في غيره وبما ذكروه قال الشافعي وقال أبو حنيفة : يسوى بين القريب والبعيد ويقسم على جميعهم لأن النبي A جعل دية المقتولة على عصبة القاتلة .
ولنا أنه حكم تعلق بالتعصيب فوجب أن يقدم فيه الأقرب فالأقرب كالميراث والخبر لا حجة فيه لأننا نقسمه على الجماعة إذا لم يف به الأقرب فنحمله على ذلك .
فصل : ولا يحمل العقل إلا من يعرف نسبه من القاتل أو يعلم أنه من قوم يدخلون كلهم في العقل ومن لا يعرف ذلك منه لا يحمل وإن كان من قبيلته فلو كان القاتل قرشيا لم يلزم قريشا كلهم التحمل فإن قريشا وإن كانوا كلهم يرجعون إلى أب واحد إلا أن قبائلهم تفرقت وصار كل قوم ينتسبون إلى أب يتميزون به فيعقل عنهم من يشاركهم في نسبهم إلى الأب الأدنى ألا ترى أن الناس كلهم بنو آدم فهم أجمعون إلى أب واحد ؟ لكن إن كان من فخذ واحد يعلم أن جميعهم يتحملون وجب أن يحمل جميعهم سواء عرف أحدهم نسبه أو لم يعرف للعلم بأنه متحمل على أي وجه كان وإن لم يثبت نسب القاتل من أحد فالدية في بيت المال لأن المسلمين يرثونه إذا لم يكن له وارث بمعنى أنه يؤخذ ميراثه لبيت المال فكذلك يعقلونه على هذا الوجه وإن وجد له من يحمل بعض العقل فالباقي في بيت المال كذلك .
فصل : ولا خلاف بين أهل العلم في أن العاقلة لا تكلف من المال ما يجحف بها ويشق عليها لأنه لازم لها من غير جنايتها على سبيل المواساة للقاتل والتخفيف عنه فلا يخفف عن الجاني بما يثقل على غيره ويجحف به كالزكاة ولأنه لو كان الإجحاف مشروعا كان الجاني أحق به لأنه موجب جنايته وجزاء فعله فإذا لم يشرع في حقه ففي حق غيره أولى واختلف أهل العلم فيما يحمله كل واحد منهم فقال أحمد : يحملون على قدر ما يطيقون فعلى هذا لا يتقدر شرعا وإنما يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم فيفرض على كل واحد قدرا يسهل ولا يؤذي وهذا مذهب مالك لأن التقدير لا يثبت إلا بتوقيف ولا يثبت بالرأي والتحكم ولا نص في هذه المسألة فوجب الرجوع فيها إلى اجتهاد الحاكم كمقادير النفقات وعن أحمد رواية أخرى أنه يفرض على الموسر نصف مثقال لأنه أقل مال يتقدر في الزكاة فكان معتبرا بها ويجب على المتوسط ربع مثقال لأن ما دون ذلك تافه لكون اليد لا تقطع فيه وقد قالت عائشة Bها : لا تقطع اليد في الشيء التافه وما دون ربع دينار لا قطع فيه وهذا اختيار أبي بكر ومذهب الشافعي وقال أبو حنيفة : أكثر ما يجعل على الواحد أربعة دراهم وليس لأقله حد لأن ذلك مال يجب على سبيل المواساة للقرابة فلم يتقدر أقله كالنفقة قال : ويسوى بين الغني والمتوسط لذلك والصحيح الأول لما ذكرنا من أن التقدير إنما يصار إليه بتوقيف ولا توقيف فيه إنه يختلف بالغنى والتوسط كالزكاة والنفقة ولا يختلف بالقرب والبعد كذلك واختلف القائلون بالتقدير بنصف دينار وربعه قال بعضهم : يتكرر الواجب في الأعوام الثلاثة فيكون الواجب فيها على الغني دينارا ونصفا وعلى المتوسط ثلاثة أرباع دينار لأنه حق يتعلق بالحول على سبيل المواساة فيتكرر بتكرر الحول كالزكاة وقال بعضهم : لا يتكرر لأن في إيجاب زيادة على النصف إيجابا لزيادة على أقل الزكاة فيكون مضرا ويعتبر الغنى والتوسط عند رأس الحول لأنه حال الوجوب فاعتبر الحال عنده كالزكاة وإن اجتمع من عدد العاقلة في درجة واحدة عدد كثير قسم الواجب على جميعهم فيلزم الحاكم كل إنسان على حسب ما يراه وإن قل وعلى الوجه الآخر يجعل على المتوسط نصف ما على الغني ويعم بذلك جميعهم وهذا أحد قولي الشافعي وقال في الآخر : يخص الحاكم من شاء منهم فيفرض عليهم هذا القدر الواجب لئلا ينقص عن القدر الواجب ويصير إلى الشيء التافه ولأنه يشق فربما أصاب كل واحد قيراط فيشق جمعه .
ولنا أنهم استووا في القرابة فكانوا سواء كما لو قلوا وكالميراث وأما التعليق بمشقة الجمع فغير صحيح لأن مشقة زيادة الواجب أعظم من مشقة الجمع ثم هذا تعلق بالحكمة من غير أصل يشهد لها فلا يترك لها الدليل ثم هي معارضة بخفة الواجب على كل واحد وسهولة الواجب عليهم ثم لا يخلو من أن يخص الحاكم بعضهم بالاجتهاد أو بغير اجتهاد فمن خصه بالاجتهاد فعليه فيه مشقة وربما لم يحصل له معرفة الأولى منهم بذلك فيتعذر الإيجاب وإن خصه بالتحكم أفضى إلى أنه يخير بين أن يوجب على إنسان شيئا بشهوته من غير دليل وبين أن لا يوجب عليه ولا نظير له وربما ارتشى من بعضهم وربما امتنع من فرض عليه شيء من أدائه لكونه يرى مثله لا يؤدي شيئا مع التساوي من كل الوجوه .
فصل : ومن مات من العاقلة أو افتقر أو جن قبل الحلول لم يلزمه شيء ولا نعلم في هذا خلافا لأنه مال يجب في آخر الحول على سبيل المواساة فأشبه الزكاة وإن وجد ذلك بعد الحول لم يسقط الواجب وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : يسقط بالموت لأنه خرج عن أهلية الوجوب فأشبه ما لو مات قبل الحول .
ولنا أنه حق تدخله النيابة لا يملك إسقاطه في حياته فأشبه الديون وفارق ما قبل الحول لأنه لم يجب ولم يستمر الشرط إلى حين الوجوب فأما إن كان فقيرا حال القتل فاستغنى عند الحول فقال القاضي : يجب عليه لأنه وجد وقت الوجوب وهو من أهله ويخرج على هذا من كان صبيا فبلغ أو مجنونا فأفاق عند الحول وجب عليه كذلك ويحتمل أن لا يجب لأنه لم يكن من أهل الوجوب حالة السبب فلم يثبت الحكم فيه حالة الشرط كالكافر إذا ملك مالا ثم اسلم عند الحول لم تلزمه الزكاة فيه .
مسألة : قال : وليس على فقير من العاقلة ولا امرأة ولا صبي ولا زائل العقل حمل شيء من الدية .
أكثر أهل العلم على أنه لا مدخل لأحد من هؤلاء في تحمل العقل قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ من أهل العلم على أن المرأة والصبي الذي لم يبلغ لا يعقلان مع العاقلة وأجمعوا على أن الفقير لا يلزمه شيء وهذا قول مالك و الشافعي واصحاب الرأي وحكى بعض أصجابنا عن مالك و أبي حنيفة أن للفقير مدخلا في التحمل وذكره أبو الخطاب رواية عن أحمد لأنه من أهل النصرة فكان من العاقلة كالغني والصحيح الأول لأن تحمل العقل مواساة فلا يلزم الفقير كالزكاة ولأنها وجبت على العاقلة تخفيفا عن القاتل فلا يجوز التثقيل بها على من لا جناية منه وفي إيجابها على الفقير تثقيل عليه وتكليف له مالا يقدر عليه ولأننا أجمعنا على أنه لا يكلف أحد من العاقلة ما يثقل عليه ويجحف به وتحميل الفقير شيئا منها يثقل عليه ويجحف بماله وربما كان الواجب عليه جميع ماله أو أكثر منه أو لا يكون له شيء أصلا وأما الصبي والمجنون والمرأة فلا يحملون منها لأن فيها معنى التناصر وليس هم من أهل النصرة .
فصل : ويعقل المريض إذا لم يبلغ حد الزمانة والشيخ إذا لم يبلغ حد الهرم لأنهما من أهل النصرة والمواساة وفي الزمن والشيخ الفاني وجهان : .
أحدهما : لا يعقلان لأنهما ليسا من أهل النصرة ولهذا لا يجب عليهما الجهاد ولا يقتلان إذا كانا من أهل الحرب وكذلك يخرج في الأعمى لأنه مثلهما في هذا المعنى .
والثاني : يعقلون لأنهم من أهل المواساة ولهذا تجب عليهم الزكاة وهذا ينتقض بالصبي والمجنون ومذهب الشافعي في هذا الفصل كله كمذهبنا .
مسألة : قال : ومن لم يكن له عاقلة أخذ من بيت المال فإن لم يقدر على ذلك فليس على القاتل شيء والكلام في هذه المسألة في فصلين : .
الفصل الأول : أن من لا عاقلة له هل يؤدي من بيت المال أو لا ؟ فيه روايتان : إحداهما : يؤدى عنه وهو مذهب الزهري و الشافعي ل [ أن النبي A ودى الأنصاري الذي قتل بخيبر من بيت المال ] وروي أن رجلا قتل في زحام في زمن عمر فلم يعرف قاتله فقال علي لعمر : يا أمير المؤمنين لا يطل دم امرىء مسلم فأدى ديته من بيت المال ولأن المسلمين يرثون من لا وارث له فيعقلون عنه عند عدم عالقته كعصباته ومواليه .
والثانية : لا يجب ذلك لأن بيت المال فيه حق للنساء والصبيان والمجانين والفقراء ولا عقل عليهم فلا يجوز صرفه فيما لا يجب عليهم ولأن العقل على العصبات وليس بيت المال عصبة ولا هو كعصبة هذا فأما قتيل الأنصار فغير لازم لأن ذلك قتيل اليهود وبيت المال لا يعقل عن الكفار بحال وإنما النبي A تفضل عليهم وقولهم إنهم يرثونه قلنا ليس صرفه إلى بيت المال ميراثا بل هو فيء ولهذا يؤخذ مال من لا وارث له من أهل الذمة إلى بيت المال ولا يرثه المسلمون ثم لا يجب العقل على الوارث إذا لم يكن عصبة ويجب على العصبة وإن لم يكن وارثا فعلى الرواية الأولى إذا لم يكن له عاقلة أديت الدية عنه كلها من بيت المال وإن كان عاقلة لا تجعل الجميع أخذ الباقي من بيت المال وهل تؤدى من بيت المال في دفعة واحدة أو في ثلاث سنين ؟ على وجهين : أحدهما : في ثلاث سنين على حسب ما يؤخذ من العاقلة والثاني : يؤدي دفعة واحدة وهذا أصح لأن النبي A أدى دية الأنصاري دفعة واحدة وكذلك عمر ولأن الدية بدل متلف لا تؤديه العاقلة فيجب كله في الحال كسائر بدل المتلفات وإنما أجل على العاقلة تخفيفا عنهم ولا حاجة إلى ذلك في بيت المال ولهذا يؤدى الجميع