فصل سراية الجناية مضمونة .
فصل : وسراية الجناية مضمونة بلا خلاف لأنها أثر الجناية والجناية مضمونة فكذلك أثرها ثم إن سرت إلى النفس وما لا يمكن مباشرته بالإتلاف مثل أن يهشمه في رأسه فيذهب ضوء عينيه وجب القصاص فيه ولا خلاف في ذلك في النفس وفي ضوء العين خلاف قد ذكرناه فيما تقدم وإن سرت إلى ما يمكن مباشرته بالإتلاف مثل أن قطع أصبعا فتآكلت أخرى وسقطت من مفصل ففيه القصاص أيضا في قول إمامنا و أبي حنيفة و محمد بن الحسن وقال أكثر الفقهاء : لا قصاص في الثانية وتجب ديتها لأن ما أمكن مباشرته بالجناية لا يجب القود فيه بالسراية كما لو رمى سهما فمرق منه إلى آخر .
ولنا أن ما وجب فيه القود بالجناية وجب بالسراية كالنفس وضوء العين ولأنه أحد نوعي القصاص فأشبه ما ذكرنا وفارق ما ذكروه فإن ذلك فعل وليس بسراية ولأنه لو قصد ضرب رجل فأصاب آخر لم يجب القصاص ولو قصد قطع إبهامه فقطع سبابته وجب القصاص ولو ضرب إبهامه فمرق إل سبابته وجب القصاص فيهما فافترقا ولأن الثانية تلفت بفعل أوجب القصاص فوجب القصاص فيها كما لو رمى إحداهما فمرق إلى الأخرى فأما إن قطع أصبعا فسلت إلى جانبها أخرى وجب القصاص في المقطوعة حسب والأرش في الشلاء وبهذا قال مالك و الشافعي وقال أبو حنيفة : لاقصاص فيهما ويجب أرشهما جيمعا لأن حكم السراية لا ينفرد عن الجناية بدليل ما لو سرت إلى النفس فإذا لم يجب القصاص في إحداهما لم يجب في الأخرى .
ولنا أنها جناية موجبة للقصاص لو لم تسر فأوجبته إذا سرت كالتي تسري إلى سقوط أخرى وكما لو قطع يد حبلى فسرى إلى جنينها وبهذا يبطل ما ذكره وفارق الأصل لأن السراية مقتضية للقصاص كاقتضاء الفعل له فاستوفى حكمهما وههنا بخلافه ولأن ما ذكره غير صحيح فإن القطع إذا سرى إلى النفس سقط القصاص في القطع ووجب في النفس فخالف حكم الجناية حكم السراية فسقط ما قاله إذا ثبت هذا فإن الأرش يجب في ماله ولا تحمله العاقلة لأنه جناية عمد وإنما لم يجب القصاص فيه لعدم المماثلة في القطع والشلل فإذا قطع أصبعه فشلت أصابعه الباقية وكفه فعفا عن القصاص وجب له نصف الدية وإن اقتص من الأصبع فله في الأصابع الباقية أربعون من الإبل ويتبعها ما حاذاها من الكف وهو أربعة أخماسه فيدخل أرشه فيها ويبقى خمس الكف فيه وجهان : أحدهما : يتبعها في الأرش ولا شيء فيه والثاني : فيه الحكومة لأن ما يقابل الأربع تبعها في الأرش لاستوائهما في الحكم وحكم التي اقتص منها مخالف لحكم فلم يتبعها