فصلان جواز اقتصاص موضحة لمن شجته موضحة .
فصل : وليس في شيء من شجاج الرأس قصاص سوى الموضحة وسواء في ذلك ما دون الموضحة كالحارصة والبازلة والباضعة والمتلاحمة والسمحاق وما فوقها وهي الهاشمة والمنقلة والآمة وبهذا قال الشافعي فأما ما فوق الموضحة فلا نعلم أحدا أوجب فيها القصاص إلا ما روي عن ابن الزبير أنه أقاد من المنقلة وليس بثابت عنه وممن قال به عطاء و قتادة و ابن شبرمة و مالك و الشافعي وأصحاب الرأي وقال ابن المنذر : لا أعلم أحدا خالف ذلك ولأنهما جراحتان لا تؤمن الزيادة فيهما أشبها المأمومة والجائفة وأما ما ون الموضحة فقد روي عن مالك واصحاب الرأي أن القصاص يجب في الدامية والباضعة والسمحاق ولنا أنها جراحة لا تنتهي إلى عظم فلم يجب فيها قصاص كالمأمومة ولأنه لا يؤمن فيها الزيادة فأشبه كسر العظام وبيان ذلك أنه إن اقتص من غير تقدير أفضى إلى أن يأخذ أكثر من حقه وإن اعتبر مقدار العمق أفضى إلى أن يقتص من الباضعة والسمحاق موضحة ومن الباضعة سمحاقا لأنه قد يكون لحم المشجوج كثيرا بحيث يكون عمق باضعته كموضحة الشاج أو سمحاقة ولأننا لم نعتبر في الموضحة قدر عمقها فكذلك في غيرها وبهذا قال الحسن و أبو عبيد .
فصل : وإن كانت الشجة فوق الموضحة فأحب أن يقتص موضحة جاز ذلك بغير خلاف بين أصحابنا وهو مذهب الشافعي لأنه يقتص على بعض حقه ويقتص من محل جنايته فإنه إنما يضع السكين في موضع وضعها الجاني لأن سكين الجاني وصلت إلى العظم ثم تجاوزته بخلاف قاطع الساعد فإنه لم يضع سكينه في الكوع وهل له أرش ما زاد على الموضحة ؟ فيه وجهان : أحدهما : ليس له ذلك وهو اختيار أبي بكر لأنه جرح واحد فلا يجمع فيه بين قصاص ودية كما لو قطع الشلاء بالصحيحة وكما في الأنفس إذا قتل المسلم بالكافر والعبد بالحر والثاني : له أرش ما زاد على الموضحة اختاره ابن حامد وهو مذهب الشافعي لأنه تعذر القصاص فيه فانتقل إلى البدل كما لو قطع أصبعيه ولم يمكن الاستيفاء إلا من واحدة وفارق الشلاء بالصحيحة لأن الزيادة ثم من حيث المعنى وليست متميزة بخلاف مسألتنا