مسألةو فصول لا يقتل السيد بعبده ولا يقطع طرف الحر بطرف العبد وفصول في القصاص .
فصل : ويقتل المرتد بالمسلم والذمي ويقدم القصاص على القتل بالردة لأنه حق آدمي وإن عفا عنه ولي القصاص فله دية المقتول فإن أسلم المرتد فهي في ذمته وإن قتل بالردة أو مات تعلقت بماله وإن قطع طرفا من أحدهما فعليه القصاص فيه أيضا وقال بعض أصحاب الشافعي : لايقتل المرتد بالذمي ولا يقطع طرفه بطرفه لأن أحكام الإسلام في حقه باقية بدليل العبادات عليه ومطالبته بالإسلام .
ولنا أنه كافر فيقتل بالذمي كالأصلي وقولهم إن أحكام الإسلام باقية غير صحيح فإنه قد زالت عصمته وحرمته وحل نكاح المسلمات وشراء العبيد المسلمين وصحة العبادات وغيرها وأما مطالبته بالإسلام فهو حجة عليهم فإنه يدل على تغليظ كفره وأنه لا يقر لى ردته لسوء حاله فإذا قتل بالذمي مثله فمن هو دونه أولى .
فصل : وإن جرح مسلم ذميا ثم ارتد ومات المجروح لم يقتل به لأن التكافؤ مشترط حال وجود الجناية ولم يوجد وإن قتل من يعرفه ذميا أو عبدا وكان قد أسلم وعتق وجب القصاص لأنه قتل من يكافئه عمدا عدوانا فلزمه القصاص كما لو علم حاله وفارق من علمه حربيا لأنه لم يعمد إلى قتل معصوم .
مسألة : قال : ولا حر بعبد .
روي هذا عن أبي بكر وعمر وعلي وزيد وابن الزبير Bهم وبه قال الحسن و عطاء وعمر بن بد العزيز و عكرمة و عمرو بن دينار و مالك و الشافعي و إسحاق و أبو ثور ويروى عن سعيد بن المسيب و النخعي و قتادة و الثوري وأصحاب الرأي أنه يقتل به لعموم الآيات والأخبار لقول النبي A : [ المؤمنون تتكافأ دماؤهم ] ولأنه آدمي معصوم فأشبه الحر .
ولنا ما روى الإمام أحمد بإسناده عن علي Bه أنه قال : من السنة أن لا يقتل حر بعبد وعن ابن عباس أن النبي A قال : [ لا يقتل حر بعبد ] رواه الدار قطني ولأنه لا يقطع طرفه بطرفه مع التساوي في السلامة فلا يقتل به كالأب مع ابنه ولأن العبد منقوص بالرق فلم يقتل به الحر كالمكاتب إذا ملك ما يؤدي والعمومات مخصوصات بهذا فنقيس عليه .
فصل : ولا يقتل السيد بعبده في قول أكثر أهل العلم وحكي عن النخعي و داود أنه يقتل به لما روى قتادة عن الحسن عن سمرة أن النبي A قال : [ ومن قتل عبده قتلناه ومن جدعه جدعناه ] رواه سعيد والإمام أحمد و الترمذي وقال : حديث صحيح حسن غريب مع العمومات والمعنى في التي قبلها .
ولنا ما ذكرناه في التي قبلها [ وعن عمر Bه أنه قال : لو لم أسمع رسول الله A يقول : لا يقاد المملوك من مولاه والولد من والده لأقدته منك ] رواه النسائي [ وعن علي Bه رجلا قتل عبده فجلده النبي A مائة جلده ونفاه عاما ومحا اسمه من المسلمين ] رواه سعيد والخلال وقال أحمد : ليس بشيء من قبل إسحاق بن ابي فروة ورواه عمر بن شعيب عن ابيه عن جده عن أبي بكر وعمر أنهما قالا : من قتل عبده جلد مائة وحرم سهمه مع المسلمين فأما حديث سمرة فلم يثبت قال أحمد : الحسن لم يسمع من سمرة إنما وهي صحيفة وقال عنه أحمد : إنما سمع الحسن من سمرة ثلاثة أحاديث ليس هذا منها ولأن الحسن افتى بخلافه فإنه يقول لا يقتل الحر بالعبد وقال إذا قتل السيد عبده يضرب ومخالفته لم تدل على ضعفه .
فصل : ولا يقطع طرف الحر بطرف العبد بغير خلاف علمناه بينهم ويقتل العبد بالحر ويقتل بسيده لأنه إذا قتل بمثله فبمن هو اكمل منه أولى مع عموم النصوص الواردة في ذلك ومتى وجب القصاص على العبد فعفا ول يالجناية إلى المال فله ذلك ويتعلق أرشها برقبته لأنه موجب جنايته فتعلق برقبته كالقصاص ثم أن شاء سيده أن يسلمه إلى ولي الجناية لم يلزمه أكثر من ذلك لأنه سلم إليه ما تعلق حقه به وإن قال ولي الجناية بعه وادفع إلي ثمنه لم يلزمه ذلك لأنه لم يتعلق بذمته شيء وإنما تعلق بالرقبة التي سلمها فبرىء منها وفيه وجه آخر أنه يلزمه ذلك كما يلزمه بيع الرهن وإن امتنع من تسليمه واختار فداءه فهل تلزمه قيمته أو أرش الجناية جميعا ؟ على روايتين ذكرناهما في غير هذا الموضع وإن عفا عن القصاص ليملك رقبة العبد ففيه روايتان إحداهما يملكه بذلك لأنه يملك إتلافه فكان ملكا له كسائر أمواله والثانية : لا يملكه لأنه محل تعلق به القصاص فلا يملكه بالعفو كالحر فعلى هذه الرواية يتعلق أرش الجناية برقبته كما لو عفا على مال لأن العوض الذي عفا لأجله لم يصح له فكان له عوضه كالعقود الفاسدة