باب نفقة المماليك مسألة وفصل تقدير نفقة الرقيق وكيفية صرفها إليه .
مسألة : قال C : وعلى ملاك المملوكين أن ينفقوا عليهم ويكسرهم بالمعروف .
وجملة ذلك أن نفقة المملوكين ثابتة بالسنة والإجماع : أما السنة فما [ روى أبو ذر عن النبي A أنه قال : إخوانكم خولكم جعلهم الله تحب أيديكم فمن كان أخوة تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتوهم فأعينوهم ] متفق عليه .
وروى أبو هريرة أن النبي A قال : [ للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق ] رواه الشافعي في مسنده وأجمع العلماء على وجوب نفقة المملوك على سيده ولأنه لا بد له من نفقة ومنافعه لسيده وهو أخص الناس به فوجبت نفقته عليه كبهيمته والواجب من ذلك قدر كفايته من غالب قوت البلد سواء كان قوت سيده أو دونه أو فوقه وأدم مثله بالمعروف ل [ قوله عليه السلام : للملوك طعامه وكسوته بالمعروف والمستحب أن يطعمه من جنس طعامه لقوله : فليطعمه مما يأكل ] فجمعنا بين الخبرين وحملنا خبر أبي هريرة على الإجزاء وحديث خبر أبي ذر على الاستحباب والسيد مخير بين أن يجعل نفقته من كسبه إن كان له كسب وبين أن ينفق عليه من ماله ويأخذ كسبه أو يجعله برسم خدمته لأن الكل ماله فإن جعل نفقته في كسبه فكانت وفق الكسب صرفه إليها وإن فضل من الكسب شيء فهو لسيده وإن كان فيه عوز فعلى سيده تمامها وأما الكسوة فبالمعروف من غالب الكسوة لأمثال العبد في ذلك البلد الذي هو به والأولى أن يلبسه من لباسه ل [ قوله عليه السلام : وليلبسه مما يلبس ] ويستحب أن يساوي بين عبيده الذكور في الكسوة والإطعام وبين إمائه إن كن للخدمة أو الاستمتاع وإن كان فيهن من هو للخدمة وفيهن من هو للاستمتاع فلا بأس بزيادة من يزيدها للاستمتاع في الكسوة لأن ذلك حكم العرف ولأن غرضه تجميل من يزيدها للاستمتاع بخلاف الخادمة .
فصل : إذا تولى أحدهم طعامه استحب له أن يجلسه معه فيأكل فإن لم يفعل استحب أن يطعمه منه ولا لقمة أو لقمتين لما [ روى أبو هريرة أن النبي A قال : إذا كفى أحدكم خادمة طعامه حره ودخانه فليدعه وليجلسه فإن أبى فليروغ له اللقمة واللقمتين ] رواه البخاري ومعنى ترويغ اللقمة غمسها في المرق والدسم وترويتها بذلك ويدفعها إليه ولأنه يشتهيه لحضوره فيه وتوليه إياه وقد قال الله تعالى : { وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه } الآية ولأن نفس الحاضرة تتوق ما لا تتوق نفس الغائب