مسائل وفصول بيان الأولى فالأولى من أهل الحضانة .
مسألة : قال : والأخت من الأب أحق من الأخت من الأم وأحق من الخالة .
وجملته أنه إذا عدم من يستحق الحضانة من الآباء والأمهات وإن علو انتقلت إلى الأخوات وقدمن على سائر القرابات كالخالات والعمات وغيرهن لأنهن شاركن في النسب وقدمن في الميراث ولأن العمات والخالات إنما يدلين بأخوة والأمهات ولا ميراث لهن مع ذي فرض ولا عصبة فالمدلي إلى نفس المكفول ويرثه أقرب وأشفق فكان أولى وأولى الأخوات من كان لأبوين لقوة قرابتها ثم من كان لأب ثم من كان لأم نص عليه أحمد وهو ظاهر مذهب الشافعي وقال أبو حنيفة : الأخت من الأم أولى من الأخت من الأب وهو قول المزني وابن سريج لأنها أدلت بالأم فقدمت على المدلية بالأب كأم الأم مع أم الأب وقال ابن سريج : تقدم الخالة على الأخت من الأب لذلك ولـ أبي حنيفة فيه روايتان .
ولنا أن الأخت من الأب أقوى في الميراث فقدمت كالأخت من الأبوين ولا تخفى قوتها فإنها أقيمت مقام الأخت من الأبوين عند عدمها وتكون عصبة مع البنات وتقاسم الجد وما ذكروه من الإدلاء لا يلزم لأن الأخت تدلي بنفسها لكونهما خلقا من ماء واحد لهما تعصيب فكانت أولى والله أعلم .
مسألة : قال : وخالة الأب أحق من خالة الأم .
وجملته أنه إذا عدمت الأمهات والآباء والأخوات انتقلت الحضانة إلى الخالات ويقدمن على العمات نص عليه أحمد ويحتمل كلام الخرقي تقديم العمات لأنه قدم خالة الأب وهي أخت أمه على خالة الأم وهي أخت أمها فيدل ذلك على تقديم قرابة الأب على قرابة الأم ولأنهن يدلين بعصبة فقدمن كتقديم الأخت من الأب على الأخت من الأم .
وقال القاضي : مراد الخرقي بقوله خالة الأب أي الخالة من الأب تقدم على الخالة من الأم كتقديم الأخت من الأب على الأخت من الأم لأن الخالات أخوات الأم فيجرين في الاستحقاق والتقديم فيما بينهن مجرى الأخوات المفترقات وكذلك الحكم في العمات المفترقات فإن قلنا بتقديم الخالات فإذا انقرضن فالعمات بعدهن وإن قلنا بتقديم العمات فالخالات بعدهن فإذا عدمن انتقلت إلى خالات الأب على قول الخرقي وعلى القول الآخر إلى خالات الأم وهل يقدم خالات الأب على عماته ؟ على وجهين بناء على ما ذكرنا على في الخالات والعمات فأما عمات الأم فلا حضانة لهن لأنهن يدلين بأبي الأم وهو رجل من ذوي الأرحام لا حضانة له ولا لمن أدلى به .
فصل : وللرجال من العصبات مدخل في الحضانة وأولاهم الأب ثم الجد أبو الأب وإن علا ثم الأخ من الأبوين ثم الأخ من الأب ثم بنوهم وإن سفلوا على ترتيب الميراث ثم العمومة ثم بنوهم كذلك ثم عمومة الأب ثم بنوهم وهذا قول الشافعي وقال بعض أصحابه : لا حضانة لغير الآباء والأجداد لأنهم لا معرفة لهم بالحضانة ولا لهم ولاية بأنفسهم فلم يكن لهم حضانة كالأجانب .
[ ولنا أن عليا وجعفرا اختصما في حضانة ابنة حمزة فلم ينكر عليهم النبي A ادعاء الحضانة ولأن لهم ولاية وتعصيبا بالقرابة فتثبت لهم الحضانة كالأب والجد ] وفارق الأجانب فإنهم ليست لهم قرابة ولا شفقة ولأن الأجانب تساووا في عدم القرابة فليس واحد منهم أولى بالتقديم من الآخر والعصبات لهم قرابة يمتازون بها وأحقهم بالحضانة أحقهم بالميراث بعد الآباء والأجداد ويقومون مقام الأب في التخيير للصبي بينه وبين الأم أو غيرهما ممن له الحضانة من النساء ويكونون أحق بالجارية إذا بلغت سبعا إلا ابن العم فإن الجارية لا تسلم إليه إذا بلغت سبعا لأنه ليس بمحرم لها .
فصل : فأما الرجال من ذوي الأرحام كالخال والأخ من الأم وأبي الأم وابن الأخت فلا حضانة لهم مع وجود أحد من أهل الحضانة سواهم لأنه ليس بامرأة يتولى الحضانة ولا له قوة قرابة كالعصبات ولا حضانة إلا يدلي بهم كأم أبي الأم وابنة الخال وابنة الأخ من الأم لأنهن يدلين بمن لا حضانة له فإذا لم تثتب للمدلي فللمدلين به أولى فإن لم يكن هناك غيرهم احتمل وجهين : أحدهما : هم أولى لأن لهم رحما وقرابة يرثون بها عند عدم من هو أولى منهم كذلك الحضانة تكون لهم عند عدم من هو أولى بها منهم والثاني : لا حق لهم في الحضانة وينتقل الأمر إلى الحاكم والأول أولى .
فصل : في بيان الأولى فالأولى من أهل الحضانة عند اجتماع الرجال والنساء .
أولى الكل بها الأم ثم امهاتها وإن علون يقدم منهن الأقرب فالأقرب لأنهن نساء ولادتهن متحققة فهي في معنى الأم وعن أحمد أن أم الأب وأمهاتها مقدمات على أم الأم فعلى هذه الرواية يكون الأب أولى بالتقديم لأنهن يدلين به فيكون الأب بعد الأم ثم أمهاته والأولى هي المشهورة عند أصحابنا وإن المقدم الأم ثم أمهاتها ثم الأب ثم أمهاته ثم الجد ثم أمهاته ثم جد الأب ثم أمهاته وإن كن غير وارثات لأنهن يدلين بعصبة من أهل الحضانة بخلاف أم أبي الأم .
وحكي عن أحمد رواية أخرى أن الأخت من الأم والخالة من الأب فتكون الأخت من الأبوين أحق منه ومنهما ومن جميع العصبات والأولى هي المشهورة في المذهب فإذا انقرض الآباء والأمهات انتقلت الحضانة إلى الأخوات وتقدم الأخت من الأبوين ثم الأخت من الأب ثم الأخت من الأم وتقدم الأخت على الأخ لأنها امرأة من أهل الحضان فقدمت على من في درجتها من الرجال كالأم تقدم على الأب وأم الأب على أبي الأب وكل جد في درجة جد تقدم عليه لأنها تلي الحضانة بنفسها والرجل لا يليها بنفسه .
وفيه وجه آخر أنه يقدم عليها لأنه عصبة بنفسه والأول أولى وفي تقديم الأخت من الأبوين أو من الأب على الجد وجهان وإذا لم تكن أخت فالأخ للأبوين أولى ثم الأخ للأب ثم أبناؤهما ولا حضانة للأخ للأم لما ذكرنا فإذا عدموا صارت الحضانة للخالات على الصحيح وترتيبهن فيها كترتيب الأخوات ولا حضانة للأخوال فإذا عدمن صارت للعمات ويقدمن على الأعمام كتقديم الأخوات على الأخوة ثم للعم للأبوين ثم للعم للأب ولا حضانة للعم من الأم ثم أبناؤهما ثم إلى خالات الأب على قول الخرقي وعلى القول الآخر إلى خالات الأم ثم إلى عمات الأب ولا حضانة لعمات الأم لأنهن يدلين بأبي الأم ولا حضانة له وإن اجتمع شخصان أو أكثر من أهل الحضانة في درجة قدم المستحق منهم بالقرعة