مسألة وفصول سقوط حق الأم في الحضانة بتزوجها وبيان من يكون أحق بالحضانة .
مسألة : قال : فإن لم تكن أم أو تزوجت الأم فأم الأب أحق من الخالة .
في هذه المسألة فصلان : الفصل الأول : أن الأم إذا تزوجت سقطت حضانتها قال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من أحفظ عنه من اهل العلم قضى به شريح وهو قول مالك و الشافعي وأصحاب الرأي وحكي عن الحسن أنها لا تسقط بالتزويج .
ونقل مهنا عن أحمد : [ إذا تزوجت الأم وابنها صغير أخذ منها قيل له فالجارية مثل الصبي ؟ قال لا الجارية تكون معها إلى سبع سنين ] فظاهر أنه لم يزل الحضانة عن الجارية لتزويج أمها وأزالها عن الغلام ووجه ذلك ما [ روي أن عليا وجعفرا وزيد بن حارثة تنازعوا في حضانة ابنة حمزة فقال علي : ابنة عمي وأنا أخذتها وقال زيد : بنت أخي لأن رسول الله A آخى بين زيد وحمزة وقال جعفر : بنت عمي وعندي خالتها فقال رسول الله A : الخالة أم وسلمها إلى جعفر ] رواه أبو داود بنحو هذا المعنى فجعل لها الحضانة وهي مزوجة .
والرواية الأولى هي الصحيحة قال ابن أبي موسى : عليها العمل ل [ قول رسول الله A للمرأة : أنت أحق به ما لم تنكحي ] ولأنها إذا تزوجت اشتغلت بحقوق الزوج عن الحضانة فكان الأب أحظ له ولأن منافعها تكون مملوكة لغيرها فأشبهت المملوكة فأما بنت حمزة فإنما قضى لها لخالتها لأن زوجها من أهل الحضانة ولأنه لا يساويه في الاستحقاق إلا علي وقد ترجح جعفر بأن امرأته من أهل الحضانة فكان أولى وعلى هذا متى كانت المرأة متزوجة لرجل من أهل الحضانة كالجدة تكون متزوجة للجد لم تسقط حضانتها لأنه يشاركها في الولادة والشفقة على الولد فأشبه الأم إذا كانت متزوجة للأب ولو تنازع العمان في الحضانة وأحدهما متزوج للأم أو الخالة فهو أحق لحديث بنت حمزة وكذلك كل عصبتين تساويا وأحدهما متزوج بمن هي من أهل الحضانة قدم بها لذلك وظاهر قول الخرقي أن التزويج بأجنبي يسقط الحضانة بمجرد العقد وإن عري عن الدخول وهو قول الشافعي ويحتمل أن لا تسقط إلا بالدخول وهو قول مالك لأن به تشتغل عن الحضانة .
ووجه الأول [ قول النبي A : أنت أحق به ما لم تنكحي ] وقد وجد النكاح قبل الدخول ولأن بالعقد يملك منافعها ويستحق زوجها منعها من حضانته فزال حقها كما لو دخل بها .
الفصل الثاني : إن الأم إذا عدمت أو تزوجت أو لم تكن من أهل الحضانة واجتمعت أم أب وخالة فأم الأب أحق وبه قال أبو حنيفة و الشافعي في الجديد وحكي ذلك عن مالك و أبي ثور وروي عن أحمد أن الأخت والخالة أحق من لأب فعلى هذا يحتمل أن تكون الخالة أحق من أم الأب وهو قول الشافعي القديم لأنها تدلي بأم وأم الأب تدلي به فقدم من يدلي بالأم كتقديم أم الأم على أم الأب ول [ أن النبي A قضى ببنت حمزة لخالتها وقال : الخالة أم ] .
ولنا أن أم الأب جدة فقدمت على الخالة كأم الأم ولأن لها ولادة ووراثة فأشبهت أم الأم فأما الحديث فيدل على أن للخالة حقا في الجملة وليس النزاع فيه إنما النزاع في الترجيح عند الاجتماع وقولهم تدلي بأم قلنا لكن لا ولادة لها فيقدم عليها من له ولادة كتقديم أم الأم على الخالة فعلى هذا متى وجدت جدة وارثة فهي أولى ممن هو من غير عمودي النسب بكل حال وإن علت درجتها لفضيلة الولادة والوراثة فأما أم أبي الأم فلا حصانة لها لأنها تدلي بأبي الأم ولا حضانة له ولا من أدلى به .
فصل : فإن اجتمعت أم أم وأم أب فأم الأم أحق وإن علت درجتها لأن لها ولادة وهي تدلي بالأم التي تقدم على الأب فوجبت تقديمها عليها كتقديم الأم على الأب وعن أحمد أن أم الأب أحق وهو قياس قول الخرقي لأنه قدم خالة الأب على خالة الأم وخالة الأب أخت أمه وخالة الأم أخت أمها فإذا قدم أخت أم الأب دل على تقديمها وذلك لأنها تدلي بعصبة مع مساواتها للأخرى في الولادة فوجب تقديمها كتقديم الأخت من الأب على الأخت من الأم وإنما قدمت الأم على الأب لأنها التي تلي الحضانة بنفسها فكذلك أمه فإنها أنثى تلي بنفسها فقدمت لما ذكرناه