مسألة وفصل حكم تخيير الجارية .
مسألة : قال : وإذا بلغت الجارية سبع سنين فالأب أحق بها .
وقال الشافعي : تخير الغلام لأن كل سن خير فيه الغلام خيرت فيه الجارية كسن البلوغ وقال أبو حنيفة : الأم أحق بها حتى تزوج أو تحيض وقال مالك : الأم أحق بها حتى تزوج أو يدخل بها الزوج لأنها لا حكم لاختيارها ولا يمكن انفرادها فكانت الأم أحق بها كما قبل السبع .
ولنا أن الغرض بالحضانة الحفظ والحفظ للجارية بعد السبع في الكون عند أبيها لأنها تحتاج إلى حفظ والأب أولى بذلك فإن الأم تحتاج إلى من يحفظها ويصونها ولأنها إذا بلغت السبع قاربت الصلاحية للتزويج [ وقد تزوج النبي A عائشة وهي ابنة سبع ] وإنما تخطب الجارية من أبيها لأنه وليها والمالك لتزويجها وهو أعلم بالكفاءة واقدر على البحث فينبغي أن يقدم على غيره ولا يصار إلى تخييرها لأن الشرع لم يرد به فيها ولا يصح قياسها على الغلام لأنه لا يحتاج إلى الحفظ والتزويج كحاجتها إليه ولا على سن البلوغ لأن قولها حينئذ معتبر في إذنها وتوكيلها وإقرارها واختيارها بخلاف مسألتنا ولا يصح قياس ما بعد السبع على ما قبلها لما ذكرنا في دليلنا .
فصل : إذا كانت الجارية عند الأم أو عند الأب فإنها تكون عنده ليلا ونهارا لأن تأديبها وتخريجها في جوف البيت من تعليمها الغزل والطبخ وغيرهما ولا حاجة بها إلى الإخراج منه ولا يمنع أحدهما من زيارتها عند الآخر من غير أن يخلو الزوج بأمها ولا يطيل ولا يتبسط لأن الفرقة بينهما تمنع تبسط أحدهما في منزل الآخر وإن مرضت فالأم أحق بتمريضها في بيتها وإن كان الغلام عند الأم بعد السبع لاختياره لها كان عندها ليلا ويأخذه الأب نهارا ليسلمه في مكتب أو في صناعة لأن القصد حظ الغلام وحظه فيما ذكرناه وإن كان عند الأب كان عنده ليلا ونهارا ولا يمنع من زيادة أمه لأن منعه من ذلك إغراء بالعقوق وقطعية الرحم وإن مرض كانت الأم أحق بتمريضه في بيتها لأنه صار بالمرض كالصغير في الحاجة إلى من يقوم بأمره فكانت الأم أحق به كالصغير وإن مرض أحد الأبوين والولد عند الآخر لم يمنع من عيادته وحضوره عند موته سواء كان ذكرا أو أنثى لأن المرض يمنع المريض من المشي إلى ولده فمشي ولده إليه أولى فأما في حال الصحة فإن الغلام يزور أمه لأنها عورة فسترها أولى والأم تزور ابنتها لأن كل واحدة منهما عورة تحتاج إلى صيانة وستر وستر الجارية أولى لأن الأم قد تخرجت وعقلت بخلاف الجارية