مسألة احكام نفقة الصبي المرضع الذي لا أب له ولا جد .
مسألة : قال : وكذلك الصبي إذا لم يكن له أب أجبر وارثه على نفقته على قدر ميراثهم منه .
ظاهر المذهب أن النفقة تجب على كل وارث لموروثه إذا اجتمعت الشروط التي تقدم ذكرنا لها وبه قال الحسن و مجاهد و النخعي و قتادة و الحسن بن صالح و ابن أبي ليلى و أبو ثور وحكى ابن المنذر عن أحمد في الصبي المرضع لا أب له ولا جد : نفقة وأجر رضاعه على الرجال دون النساء وكذلك روى أبو بكر بن محمد عن أبيه عن أحمد : النفقة على العصبات وبه قال الأوزاعي و إسحاق وذلك لما روي عن عمر Bه أنه قضى على بني عم منفوس بنفقته احتج به أحمد وقال ابن المنذر : روي عن عمر أنه حبس عصبة ينفقون على صبي الرجال دون النساء ولأنها مواساة ومعونة تختص القرابة فاختصت بالعصبات كالعقل وقال أصحاب الرأي : تجب النفقة على كل ذي رحم محرم ولا تجب على غيرهم لقول الله تعالى : { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } وقال مالك و الشافعي و ابن المنذر : [ لا نفقة إلا على المولودين والوالدين لأن النبي A قال لرجل سأله عندي دينار قال : أنفقه على نفسك ـ قال عندي آخر ؟ قال ـ أنفقه على أهلك ـ قال عندي آخر قال ـ أنفقه على خادمك ـ قال عندي آخر ؟ قال ـ أنت أعلم به ] ولم يأمره بإنفاقه على غير هؤلاء ولأن الشرع إنما ورد بنفقة الوالدين والمولودين ومن سواهم لا يلحق بهم في الولادة وأحكامها فلا يصح قياسه عليهم .
ولنا قول الله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ثم قال : { وعلى الوارث مثل ذلك } فأوجب على الأب نفقة الرضاع ثم عطف الوارث عليه فأوجب على الوارث مثل ما أوجب على الوالد .
[ وروى أن رجلا سأل النبي A من أبر ؟ قال : أمك وأباك وأختك وأخاك ] وفي لفظ : [ ومولاك الذي هو أدناك حقا ورحما موصولا ] رواه أبو داود وهذا نص لأن النبي A ألزمه الصلة والبر والنفقة من الصلة جعلها حقا واجبا وما احتج به أبو حنيفة حجة عليه فإن اللفظ عام في كل ذي رحم فيكون حجة عليه فيمن عدا ذا الرحم المحرم وقد اختصت بالوارث في الإرث فكذلك في الإنفاق وأما خبر أصحاب الشافعي فقضية في عين يحتمل أنه لم يكن له غير من أمر بالإنفاق عليه ولهذا لم يذكر الوالد والأجداد وأولاد الأولاد وقولهم لا يصح القياس قلنا إنما أثبتناه بالنص ثم أنهم قد ألحقوا أولاد بالأولاد مع التفاوت فبطل ما قالوه إذا ثبت هذا فإنه يختص بالوارث بفرض أو تعصيب لعموم الآية ولايتناول ذوي الأرحام على ما مضى بيانه فإن كان اثنان يرث أحدهما الآخر ولا يرثه الآخر كالرجل مع عمته أو ابنة عمه وابنة أخيه والمرأة مع ابنة بنتها وابن بنتها فالنفقة على الوارث دون الموروث نص عليه أحمد في رواية ابن زياد فقال : يلزم الرجل نفقة عمته ولا يلزمه نفقة بنت أخيه وذكر أصحابنا رواية أخرى : لا تجب النفقة على الوارث ههنا لقول أحمد : العمة والخالة لا نفقة لهما إلا أن القاضي قال : هذه الرواية محمولة على العمة من الأم فإنه لايرثها لكونه ابن أخيها من أمها وقد ذكر الخرقي أن على الرجل نفقة معتقه لأنه وارثه ن ومعلوم أن المعتق لا يرث معتقه ولا تلزمه نفقته فعلى هذا يلزم الرجل نفقة عمته لأبويه أو لأبيه وابنة عمه وابنة أخيه كذلك ولا يلزمهن نفقته وهذا هو الصحيح إن شاء الله لقول الله تعالى : { وعلى الوارث مثل ذلك } وكل واحد من هؤلاء وارث