مسألة وفصل حكم نفقة الأقارب .
مسألة : قال : ويجبر الرجل على نفقة والديه وولده الذكور والإناث إذا كانوا فقراء وكان له ما ينفق عليهم .
الأصل في وجوب نفقة الوالدين والمولدين الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقول الله تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } أوجب أجر رضاع الولد على أبيه وقال سبحانه : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } وقال سبحانه : { وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا } ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما [ ومن السنة قول النبي A لهند : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ] متفق عليه .
[ وروت عائشة أن النبي A قال : إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه ] رواه أبو داود وأما الإجماع فحكى ابن المنذر قال : أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم ولأن ولد الإنسان بعضه وهو بعض والده فكما يجب عليه أن ينفق على نفسه وأهله كذلك على بعضه وأصله .
إذا ثبت هذا فإن الأم تجب نفقتها ويجب عليها أن تنفق على ولدها إذا لم يكن له أب وبهذا قال أبو حنيفة و الشافعي و حكي عن مالك أنه لا نفقة عليها ولا لها لأنها ليست عصبة لولدها .
ولنا قوله سبحانه : { وبالوالدين إحسانا } [ وقال النبي A لرجل سأله من أبر ؟ قال : أمك ثم أمك ثم أمك أباك ثم الأقرب فالأقرب ] رواه أبو داود ولأنها أحد الوالدين فأشبهت الأب ولأن بينهما قرابة توجب رد الشهادة ووجوب العتق فأشبهت الأب فإن أعسر الأب وجبت النفقة على الأم ولم ترجع بها عليه إن أيسر وقال أيو يوسف ومحمد : ترجع عليه ولنا أن من وجب عليه الإنفاق بالقرابة لم يرجع به كالأب .
فصل : ويجب الإنفاق على الأجداد والجدات وإن علوا وولد الولد وإن سفلوا وبذلك قال الشافعي و الثوري و أصحاب الرأي وقال مالك : لا تجب النفقة عليهم ولا لهم لأن الجد ليس بأب حقيقي .
ولنا قوله سبحانه : { وعلى الوارث مثل ذلك } ولأنه يدخل في مطلق اسم الولد والوالد بدليل أن الله تعالى قال : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } فيدخل فيهم ولد البنين وقال : { ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد } وقال : { ملة أبيكم إبراهيم } ولأن بينهما قرابة توجب العتق ورد الشهادة فأشبه الولد والوالد القريبين