فصلان الاختلاف بين الزوجين في نفقة المعتدة الحامل .
فصل : وإن اختلف الزوجان في الإنفاق عليها أو في تقبيضها نفقتها فالقول قول المرأة لأنها منكرة والأصل معها وإن اختلفا في التمكين الموجب للنفقة أو في وقته فقالت كان ذلك من شهر فقال بل من يوم فالقول قوله لأنه منكر والأصل معه وإن اختلفا في يساره فادعته المرأة أو الزوج ليفرض لها نفقة الموسرين أو قالت كنت موسرا وأنكر ذلك فإن عرف له مال فالقول قولها وإلا فالقول قوله وبهذا كله قال الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي وإن اختلفا في فرض الحاكم للنفقة أو في وقتها فقال فرضها منذ شهر فقالت بل منذ عام فالقول قوله وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وقال مالك : إن كان مقيما معها فالقول قوله وإن كان غائبا عنها فالقول قول المرأة من يوم رفعت أمرها إلى الحاكم .
ولنا أن قوله يوافق الأصل فقدم كما لو كان مقيما معها وكل من قلنا القول قوله فلخصمه عليه اليمين لأنها دعاو في المال فأشبهت دعوى الدين ول [ أن النبي A قال : ولكن اليمين على المدعى عليه ] وإن دفع الزوج إلى امرأته نفقة وكسوة أو بعث به إليها فقالت : إنما فعلت ذلك تبرعا وهبة وقال : بل وفاء للواجب علي فالقول قوله لأنه أعلم بنيته أشبه ما لو قضى دينه واختلفت هو وغريمه في نيته وإن طلق امرأته وكانت حاملا فوضعت فقال : طلقتك حاملا فانقضت عدتك بوضع الحمل وانقطعت نفقتك ورجعتك وقالت : بل بعد الوضع فلي النفقة ولك الرجعة فالقول قولها لأن الأصل بقاء النفقة وعدم المسقط لها وعليها العدة ولا رجعة للزوج لإقراره بعدمها وإن رجع فصدقها فله الرجعة لأنها مقرة له بها وإن قال طلقتك بعد الوضع فلي الرجعة ولك النفقة وقالت : بل وأنا حامل فالقول قوله لأن الأصل بقاء الرجعة ولا نفقة لها ولا عدة عليها لأنها حق الله تعالى فالقول قولها فيها وإن عاد فصدقها سقطت رجعته ووجبت لها النفقة هذا في ظاهر الحكم فأما فيما بينه وبين الله تعالى فينبني على ما يعلمه من حقيقة الأمر دون ما قاله .
فصل : وإن طلق الرجل امرأته فادعت أنها حامل لتكون لها النفقة عليها ثلاثة أشهر ثم ترى القوابل بعد ذلك لأن الحمل يبين بعد ثلاثة أشهر إلا أن تظهر براءتها من الحمل بالحيض أو بغيره فتنقطع نفقتها كما تنقطع إذا قال القوابل : ليست حاملا ويرجع عليها بما أنفق لأنها أخذت منه ما لا تستحقه فرجع عليها كما لو ادعت عليه دينا وأخذته من ثم تبين كذبها .
وعن أحمد رواية أخرى لا يرجع عليها لأنه أنفق عليها بحكم آثار النكاح فلم يرجع به كالنفقة في النكاح الفاسد إذا تبين فساده وإن علمت براءتها من الحمل بالحيض فكتمته فينبغي أن يرجع عليها قولا واحدا لأنها أخذت النفقة مع علمها ببراءتها كما لو أخذتها من ماله بغير علمه وإن ادعت الرجعية الحمل فأنفق عليها أكثر من مدة عدتها رجع عليها بالزيادة ويرجع في مدة العدة إليها لأنها أعلم بها فالقول قولها فيها مع يمينها فإن قال : قد ارتفع حيضي ولم أدر ما رفعه فعدتها سنة إن كانت حرة وإن قالت : قد انقضت بثلاثة قروء وذكرت آخرها فلها النفقة إلى ذلك ويرجع عليها بالزائد وإن قالت : لا أدري متى آخرها رجعنا إلى عادتها فحسبنا لها بها وإن قالت : عادتي تختلف فتطول وتقصر انقضت العدة بالأقصر لأنه اليقين وإن قالت : عادتي تختلف ولا أعلم رددناها إلى غالب عادات النساء في كل شهر قرء لأنا رددنا المتحيرة إلى ذلك في أحكامها فكذلك هذه وإن بان أنها حامل من غيره مثل أن تلده بعد أربع سنين فلا نفقة عليه لمدة حملها لأنه من غيره وإن كانت رجعية فلها النفقة في مدة عدتها فإن كانت انقضت قبل حملها فلها النفقة إلى انقضائها وإن حملت في أثناء عدتها فلها النفقة إلى الوطء الذي حملت ثم لا نفقة لها حتى تضع حملها ثم تكون لها النفقة في تمام عدتها وإن وطئها زوجها في العدة الرجعية حصلت الرجعة وإن قلنا لا تحصل فالنسب لا حق به وعليه النفقة لمدة حملها وإن وطئها بعد انقضاء عدتها أو وطىء البائن عالما بذلك وبتحريمه فهو زان لا يلحقه نسب الولد ولا نفقة عليه من أجله وإن جهل بينونتها أو انقضاء عدة الرجعية أو تحريم ذلك وهو ممن يجهله لحقه نسبه وفي وجوب النفقة عليه روايتان :