فصول حكم من اشترى أمة فأعتقها قبل استبرائها .
فصل : وإن اشترى أمة فأعتقها قبل استبرائها لم يجز أن يتزوجها حتى يستبرئها وبهذا قال الشافعي وقال أصحاب الرأي : له ذلك ويحكى أن الرشيد اشترى جارية فتاقت نفسه إلى جماعها قبل استبرائها فأمره أبو يوسف أن يعتقها ويتزوجها ويطأها قال أبو عبد الله : وبلغني أن المهدي اشترى جارية فأعجبته فقيل له أعتقها وتزوجها قال أبو عبد الله : سبحان الله ما أعظم هذا ؟ أبطلوا الكتاب والسنة جعل الله على الحرائر العدة من أجل الحمل فليس من امرأة تطلق أو يموت زوجها إلا تعتد من أجل الحمل [ وسن رسول الله A استبراء الأمة بحيضة من أجل الحمل ففرج يوطأ يشتريه ثم يعتقها على المكان فيتزوجها فيطؤها يطؤها رجل اليوم ويطؤها الآخر غدا فإن كانت حاملا كيف يصنع ؟ هذا نقض الكتاب والسنة قال النبي A : لا توطأ الحامل حتى تضع ولا غير الحامل حتى تحيض ] وهذا لا يدري أهي حامل أم لا ؟ ما أسمج هذا ؟ قيل له : إن قوما يقولون هذا فقال قبح الله هذا وقبح من يقوله وفيما نبه عليه أو بو عبد الله من الأحاديث كفاية مع ما ذكرنا فيما قبل هذا الفصل .
إذا ثبت هذا فليس له تزويجها لغيره قبل استبرائها إذا لم يعتقها لأنها ممن يجب استبراؤها فلم يجز أن يتزوج كالمعتدة وسواء في ذلك المشتراه من رجل يطؤها أو من رجل قد استبرأها ولم يطأها أو ممن لا يمكنه الوطء كالصبي والمرأة والمجبوب وقال الشافعي : إذا اشتراها ممن لا يطؤها فله تزويجها سوء أعتقها أو لم يعتقها وله أن يتزوجها إذا أعتقها لأنها ليست فراشا وقد كان لسيدها تزويجها قبل بيعها فجاز ذلك بعد بيعها ولأنها لو عتقت على البائع باعتاقه أو غيره لجاز لكل أحد نكاحها فكذلك إذا أعتقها المشتري .
ولنا عموم قوله عليه السلام : [ لا توطأ حائل حتى تستبرأ بحيضة ] ولأنها أمة يحرم عليه وطؤها قبل استبرائها فحرم عليه تزويجها والتزوج بها كما لو كان بائعها يطؤها فأما إن أعتقها في هذه الصورة فله تزويجها لغيره لأنها حرة لم تكن فراشا فأبيح لها النكاح كما لو أعتقها البائع وفارق الموطوءة فإنها فراش يجب عليها استبراء نفسها إذا أعتقت فحرم عليها النكاح كالمعتدة وفارق ما إذا أراد سيدها نكاحها فإنه لم يكن له وطؤها بملك اليمين فلم يكن له أن يتزوجها كالمعتدة ولأن هذا يتخذ حيلة على إبطال الاستبراء فمنع منه بخلاف تزويجها لغيره .
فصل : وإذا كانت أمة يطؤها فاستبرأها ثم أعتقها لم يلزمها استبراء لأنها خرجت عن كونها فراشا باستبرائه لها وإن باعها فأعتقها المستري قبل وطئها لم تحتج إلى استبراء لذلك وإن باعها قبل استبرائها فأعتقها المشتري قبل وطئها واستبرائها فعليها استبراء نفسها وإن مضى بعض الاستبراء في ملك المشتري لزمها إتمامه بعد عتقها ولا ينقطع بانتقال الملك فيها لأنه لم تصر فراشا للمشتري ولم يلزمها استبراء بإعتاقه .
فصل : وإذا كانت الأمة بين شريكين فوطئاها لزمها استبراءان وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين : يلزمها استبراء واحد لأن لقصد معرفة براءة الرحم ولذلك لا يجب الاستبراء بأكثر من حيضة واحدة وبراءة الرحم تعلم باستبراء واحد .
ولنا أنهما حقان مقصودان لآدميين فلم يتداخلا كالعدتين ولأنهم استبراءان من رجلين فأشبها العدتين وما ذكروه يبطل بالعدتين من رجلين