مسألة وفصول حكم من اعتق أم ولد أو أمة كان يصبيها .
مسألة : قال : وإن أعتق أم ولده أو أمة كان يصيبها لم تنكح حتى تحيض حيضة كاملة وكذلك إن أراد أن يزوجها وهي في ملكه استبرأها بحيضة ثم زوجها .
لا يختلف المذهب في ان الاستبراء ههنا بحيضة في ذات القروء وهو قول الشافعي وهو قول الزهري و الثوري فيمن أراد تزويج أمة كان يصيبها وقال أصحاب الرأي : ليس عليها استبراء لأن له بيعها فكان له تزويجها كالتي لا يصيبها وقال عطاء و قتادة : عدتها حيضتان كعدة الأمة المطلقة .
ولنا أنها فراش لسيدها فلم يجز أن تنتقل إلى فراش غيره بغير استبراء كما لو مات عنها ولأن هذه موطوءة وطئا له حرمة فلم يجز أن تتزوج قبل الاستبراء كالموطوءة بشبهة وهذا لأنه إذا وطئها سيدها اليوم ثم زوجها فوطئها الزوج في آخر اليوم أفضى إلى اختلاط المياه وامتزاج النساب وهذا لا يحل ويخالف البيع فإنها لا تصير به فراشا ولا يحل لمشتريها وطؤه حتى يستبرئها فلا يفضي إلى اختلاط المياه ولهذا يصح في المعتدة والمزوجة بخلاف التزويج .
فصل : فإن لم تكن من ذوات القروء فاستبراؤها بما ذكرنا في أم الولد على ما شرحنا ومفهوم كلام الخرقي أنها إذا كانت أمة لا يطؤها سيدها لم يلزمها استبراء لأنها ليست فراشا لسيدها فلم يلزمها الاستبراء كالمزوجة والمعتدة ولأن تركها للاستبراء لا يفضي إلى اختلاط المياه وامتزاج الأنساب بخلاف الموطوءة .
فصل : وإن مات عن أمة كان يصيبها فاستبراؤها بما ذكرنا في أم الولد لأنها فراش لسيدها فأشبهت أم الولد إلا أنها إذا كانت من ذوات القروء فاستبراؤها بحيضة واحدة رواية واحدة لأنها لا تصير حرة .
فصل : وإن أعتق أم ولده أو أمته التي كان يصيبها أو غيرها ممن تحل له إصابتها فله أن يتزوجها في الحال من غير استبراء ل [ أن النبي A أعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها ] .
و [ قال النبي A : ثلاثة يوفون أجرهم مرتين : رجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها وتزوجها ] ولم يذكر الاستبراء ولأن الاستبراء لصيانة مائه وحفظه عن الاختلاط بماء غيره ولا يصان ماؤه عن مائه ولهذا كان له أن يتزوج مختلعة في عدتها .
وقد روى عن أحمد في الأمة التي لا يطؤها : إذا أعتقها لا يتزوجها بغير استبراء لأنه لو باعها لم تحل للمشتري بغير استبراء والصحيح أنه يحل له ذلك لأنه يحل له وطؤها بملك اليمين فكذلك بالنكاح كالتي كان يصيبها ول [ أن النبي A أعتق صفية وتزوجها ولم ينقل أنه كان أصابها والحديث الآخر يدل على حلها له بظاهره لدخولها في العموم ] ولأنها تحل لمن تزوجها سواه فله أولى ولأنه لو استبرأها ثم أعتقها وتزوجها في لحال كان جائزا حسنا فكذلك هذه فإنه تارك لوطئها ولأن وجوب الاستبراء في حق غيره إنما كان لصيانة مائه عن الاختلاط بغيره ولا يوجد ذلك ههنا وكلام أحمد محمول على من اشتراها ثم تزوجها قبل أن يستبرئها