فصول وجوب العدة وأقسام المعتدات وفروع من الفرقة بين الزوجين .
فصل : وتجب العدة على الذمية من الذمي والمسلم وقال أبو حنيفة : إن لم تكن من دينهم لم تلزمها لأنهم لا يخاطبون بفروع الدين .
ولنا عموم الآيات ولأنها بائن بعد الدخول أشبه المسلمة وعدتها كعدة المسلمة في قول علماء الأمصار منهم مالك و الثوري و الشافعي و أبو عبيد وأصحاب الرأي ومن تبعهم إلا ما روي عن مالك أنه قال : تعتج من الوفاة بحيضة .
ولنا عموم قول الله تعالى : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } ولأنها معتدة من الوفاة أشبهت المسلمة .
فصل : والمعتدات ثلاثة أقسام : .
الأول : معتدة بالحمل وهي امرأة حامل من زوج إذا فارقت زوجها بطلاق أو فسخ أو موته عنها حرة كانت أو أمة مسلمة أو كافرة فعدتها بوضع الحمل ولو بعد ساعة لقول الله تعالى : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } .
والثاني : معتدة بالقروء وهي كل معتدة من فرقة في الحياة أو وطء في غير نكاح إذا كانت ذات قرء فعدتها القرء لقول الله تعالى : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } .
والثالث : معتدة بالشهور وهي كل من تعتد بالقرء إذا لم تكن ذات قرء لصغر أو إياس لقول الله تعالى { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } وذات القرء إذا ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه اعتدت بتسعة اشهر للحمل وعدة الآيسة وكل من توفي عنها زوجها ولا حمل بها قبل الدخول أو بعده حرة أو أمة فعدتها بالشهور لقول الله تعالى : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } .
فصل : وكل فرقة بين زوجين فعدتها عدة الطلاق سواء كانت بخلع أو لعان أو رضاع أو فسخ بعيب أو إعسار أو إعتاق أو اختلاف دين أو غيره في قول أكثر أهل العلم وروي عن ابن عباس أن عدة الملاعنة تسعة أشهر وأبى ذلك سائر أهل العلم وقالوا : عدتها عدة الطلاق لأنها مفارقة في الحياة فأشبهت المطلقة وأكثر اهل العلم يقولون : عدة المختلعة عدة المطلقة منهم سعيد بن المسيب و سالم بن عبد الله و عروة و سليمان بن يسار و عمر بن عبد العزيز و الحسن و الشعبي و النخعي و الزهري و قتادة و خلاس بن عمرة وأبو عياض و مالك و الليث و الأوزاعي و الشافعي وروي عن عثمان بن عفان وابن عمر وابن عباس وأبان بن عثمان و إسحاق و ابن المنذر أن عدة المختلعة حيضة ورواه ابن القاسم عن أحمد [ لما روى ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي A عدتها حيضة ] رواه النسائي وعن ربيع بنت معوذ مثل ذلك وأن عثمان قضى به رواه النسائي و ابن ماجة .
ولنا قول الله تعالى : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } ولأنها فرقة بعد الدخول في الحياة فكانت ثلاثة قروء كغير الخلع و [ قول النبي A : قرء الأمة حيضتان ] عام وحديثهم يرويه عكرمة مرسلا قال أبو بكر ضعيف مرسل وقول عثمان وابن عباس قد خالفه قول عمر وعلي فإنهما قالا عدتها ثلاث حيض وقولهما أولى وأما ابن عمر فقد روى مالك عن نافع أنه قال عدة المختلعة عدة مطلقة وهو اصح عنه .
فصل : والموطوءة بشبهة تعتد عدة المطلقة وكذلك الموطوءة في نكاح فاسد وبهذا قال الشافعي لأن وطء الشبهة وفي النكاح الفاسد في شغل الرحم ولحقوق النسب كالوطء في النكاح الصحيح فكان مثله فيما تحصل به البراءة وإن وطئت المزوجة بشبهة لم يحل لزوجها وطؤها قبل انقضاء عدتها كيلا يفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب وله الاستمتاع منها بما دون الفرج في أحد الوجهين لأنها زوجة حرم وطؤها لعارض مختص بالفرج فابيح الاستمتاع منها بما دونه كالحائض .
فصل : والمزني بها كالموطوءة بشبهة في العدة وبهذا قال الحسن و النخعي وعن أحمد رواية أخرى أنها تستبرأ بحيضة ذكرها ابن أبي موسى وهذا قول مالك وروي عن أبي بكر وعمر Bهما : لا عدة عليها وهو قول الثوري و الشافعي وأصحاب الرأي لأن العدة لحفظ النسب ولا يلحقه نسب وقد روي عن علي Bه ما يدل على ذلك .
ولنا أنه وطء يقتضي شغل الرحم فوجبت العدة منه كوطء الشبهة وأما وجوبها كعدة المطلقة فلأنها حرة فوجب استبراؤها بعدة كاملة كالموطوءة بشبهة وقولهم إنما تجب لحفظ النسب لا يصح فإنها لو اختصت بذلك لما وجبت على الملاعنة المنفي ولدها والآيسة والصغيرة ولما وجب استبراء الأمة التي لا يلحق ولدها بالبائع ولو وجبت لذلك لكان استبراء الأمة على البائع ثم لو ثبت أنها وجبت لذلك فالحاجة إليها داعية فإن المزني بها إذا تزوجت قبل الاعتداد اشتبه ولد الزوج بالولد من الزنا فلا يحصل حفظ النسب