فصول ولادة المطلقة ولدا ثم آخر وحكم من غاب عن زوجته سنين فطلقت منه ثم عاد .
فصل : وإن طلق امرأته وهي حامل فوضعت ولدا ثم ولدت آخر قبل مضي ستة أشهر فهو من الزوج لأننا نعلم أنهما حمل واحد فإذا كان أحدهما منه فالآخر منه وإن كان بينهما أكثر من ستة أشهر لم يلحق الزوج وانتفى عنه من غير لعان لأنه لا يمكن أن يكون الولدان حملا واحدا وبينهما مدة الحمل فعلم أنها علقت به بعد زوال الزوجية وانقضاء العدة وكونها أجنبية فهي كسائر الأجنبيات وإن طلقها فاعتدت بالإقراء ثم ولدت ولدا قبل مضي ستة أشهر من آخر إقرائها لحقه لأننا تيقنا أنها لم تحمله بعد انقضاء عدتها ونعلم أنها كانت حاملا به في زمن رؤية الدم فيلزم أن لا يكون الدم حيضا فلم تنقض عدتها به وإن أتت به لأكثر من ذلك لم يلحق بالزوج وهذا قول أبي العباس بن سريج وقال غيره من أصحاب الشافعي : يلحق به لأنه يمكن أن يكون منه والولد يلحق بالإمكان .
ولنا أنها أتت به بعد الحكم بانقضاء عدتها في وقت يمكن أن لا يكون منه فلم يلحقه كما لو انقضت عدتها بوضع الحمل وإنما يعتبر الإمكان مع بقاء الزوجة أو العدة وأما بعدهما فلا يكتفى بالإمكان للحاقه وإنما يكتفى بالإمكان لنفيه وذلك لأن الفراش سبب ومع وجود السبب يكتفى بإمكان الحكمة واحتمالها فإذا انتفى السبب وآثاره فينتفي الحكم لانتفائه ولا يلتفت إلى مجرد الإمكان والله أعلم فأما إن وضعته قبل انقضاء العدة لأقل من أربع سنين لحق بالزوج ولم ينتف عنه إلا باللعان وإن وضعته لأثر من أربع سنين من حين الطلاق وكان بائنا انتفى عنه بغير لعان لأننا علمنا أنها علقت به بعد زوال الفراش وإن كان رجعيا فوضعته لأكثر من أربع سنين منذ انقضت العدة فكذلك لأنها علقت به بعد البينونة وإن وضعته لأكثر من أربع سنين منذ الطلاق ولأقل منها منذ انقضت العدة ففيه روايتان : إحداهما : لا يلحقه لأنها لم تعلق به قبل طلاقها فأشبهت البائن والثانية : يلحقه لأنها في حكم الزوجات في السكنى والنفقة والطلاق والظهار والإيلاء والحل في رواية فأشبه ما قبل الطلاق .
فصل : فإن غاب عن زوجته سنين فبلغتها وفاته فاعتدت ونكحت نكاحا صحيحا في الظاهر ودخل بها الثاني وأولدها أولادا ثم قدم الأول فسخ نكاح الثاني وردت إلى الأول وتعتد من الثاني ولها عليه صداق مثلها والأولاد له أنهم ولدوا على فراشه روي ذلك عن علي Bه وهو قول الثوري وأهل العراق و ابن أبي ليلى و مالك و أهل الحجاز و الشافعي و إسحاق و أبي يوسف وغيرهم من أهل العلم إلا أبا حنيفة قال : الولد للأول لأنه صاحب الفراش لأن نكاحه صحيح ثابت ونكاح الثاني غير ثابت فأشبه الأجنبي .
ولنا أن الثاني انفرد بوطئها في نكاح يلحق النسب في مثله فكان الولد له دون غيره كولد الأمة من زوجها يلحقه دون سيدها وفارق الأجنبي فإنه ليس له نكاح .
فصل : وإن وطىء رجل امرأة لا زوج لها بشبهة فأتت بولد لحقه نسبه وهذا قول الشافعي و أبي حنيفة وقال القاضي : وجدت بخط أبي بكر أنه لا يلحق به لأن النسب لا يلحق إلا في نكاح صحيح أو فاسد أو ملك أو شبهة ملك ولم يوجد شيء من ذلك ولأنه وطء لا يستند إلى عقد فلم يلحق الولد فيه بالوطء كالزنا والصحيح في المذهب الأول .
قال أحمد : كل من درأت عند الحد ألحقت به الولد ولأنه وطء اعتقد الواطىء حله فلحق به السنب كالوطء في النكاح الفاسد وفارق وطء الزنا فإنه لا يعتقد الحل فيه ولو تزوج رجلان اختين فغلط بهما عند الدخول فزفت كل واحدة منهما إلى زوج الأخرى فوطئها وحملت منه لحق الولد بالواطىء لأنه وطء يعتقد حله فلحق به النسب كالوطء في نكاح فاسد .
وقال أبو بكر لا يكون الولد للواطىء وإنما يكون للزوج وهذا الذي يقتضيه مذهب أبي حنيفة لأن الولد للفراش ولنا أن الواطىء انفرد بوطئها فيما يلحق به النسب فلحق به كما لو لم تكن ذات زوج وكما لو تزوجت امرأة المفقود عند الحكم بوفاته ثم بان حيا والخبر مخصوص بهذا فنقيس عليه ما كان في معناه وإن وطئت امرأته أو أمته بشبهة في طهر لم يصبها فيه فاعتزلها حتى أتت بولد لستة أشهر من حين الوطء لحق الواطىء وانتفى عن الزوج من غير لعان وعلى قول أبي بكر و ابي حنيفة : يلحق الزوج لأن الولد للفراش وإن أنكر الواطىء الوطء فالقول قوله بغير يمين ويلحق نسب الولد بالزوج لأنه لا يمكن إلحاقه بالمنكر ولا تقبل دعوى الزوج في قطع نسب الولد وإن أتت بالولد لدون ستة أشهر من حين الوطء لحق الزوج بكل حال لأننا نعلم أنه ليس من الواطىء وإن اشتركا في وطئها في طهر فأتت بولد يمكن أن يكون منهما لحق الزوج لأن الولد للفراش وقد أمكن كونه منه وإن ادعى الزوج أنه من الواطىء فقال بعض أصحابنا : يعرض على القافة معهما فيلحق بمن ألحقته منهما فإن ألحقته بالواطىء لحقه ولم يملك نفيه عن نفسه وانتفى عن الزوج بغير لعان وإن ألحقته بالزوج لحق ولم يملك نفيه باللعان في أصح الراويتين والأخرى : له ذلك وإن ألحقته بهما لحق بهما ولم يملك الواطىء نفيه عن نفسه وهل يملك الزوج نفيه باللعان ؟ على روايتين وإن لم توجد قافة أو أنكر الواطىء الوطء أو اشتبه على القافة لحق الزوج لأن المقتضي للحاق النسب به متحقق ولم يوجد ما يعارضه فوجب إثبات حكمه ويحتمل أن يلحق الزوج بكل حال لأن دلالة قول القافة ضعيفة ودلالة الفراش قوية فلا يجوز ترك دلالته لمعارضة دلالة ضعيفة .
فصل : وإن أتت بولد فادعى أنه من زوج قبله نظرنا فإن كانت تزوجت بعد انقضاء العدة لم يلحق بالأول بحال وإن كان بعد أربع سنين منذ بانت من الأول لم يلحق به أيضا وإن وضعته لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني : لم يلحق به وينتفي عنهما وإن كان لأكثر من ستة أشهر فهو ولده وإن كان لأكثر من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني ولأقل من أربع سنين من طلاق الأول ولم يعلم انقضاء العدة عرض على القافة وألحق بمن ألحقته به منهما فإن ألحقته بالأول انتفى عن الزوج بغير لعان وإن ألحقته بالزوج انتفى عن الأول ولحق الزوج وهل له نفيه باللعان ؟ على روايتين