مسألة وفصلان قال : فإن كذب نفسه فلها عليه الحد ويلحقه نسب الولد وإن لم يكذب .
مسألة : قال فإن أكذب نفسه فلها عليه الحد .
وجملة ذلك أن الرجل إذا قذف امرأته ثم أكذب نفسه فلها عليه الحد سواء أكذبها قبل لعانها أو بعده وهذا قول الشافعي و أبي ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم لهم مخالفا وذلك لأن اللعان أقيم مقام البينة في حق الزوج فإذا أكذب نفسه بان أن لعانها كذب وزيادة في هتها وتكرار لقذفها فلا أقل من أن يجب الحد الذي كان واجبا بالقذف المجرد فإن عاد عن إكذاب نفسه وقال : لي بينة أقيمها بزناها أو اراد إسقاط الحد عنه باللعان لم يسمع منه لأن البينة واللعان لتحقيق ما قاله وقد أقر بكذب نفسه فلا يسمع منه خلافه وهذا فيما إذا كانت المقذوفة محصنة فإن كانت غير محصنة فعليه التعزير .
فصل : ويلحقه نسب الولد سواء كان الولد حيا أو ميتا غنيا كان أو فقيرا وبهذا قال الشافعي و أبو ثور وقال الثوري إذا استحلق الولد الميت نظرنا فإن كان ذا مال لم يلحقه لأنه إنما يدعي مالا وإن لم يكن ذا مال لحقه وقال أصحاب الرأي : إن كان الولد الميت ترك ولدا ثبت نسبه من المستلحق وتبعه نسب ابنه وإن لم يكن ترك ولدا لم يصح استلحاقه ولم يثبت نسبه ولا يرث منه المدعي شيئا لأن نسبه منقطع بالموت فلم يصح استلحاقه فإذا كان له ولد مستلحقا لولده وتبعه نسب الميت .
ولنا أن هذا ولد نفاه باللعان فكان له استلحاقه كما لو كان حيا أو كان له ولد ولأن ولد الولد يتبع نسب الولد وقد جعل أبو حنيفة نسب الولد تابعا لنسب ابنه فجعل الأصل تابعا للفرع وذلك باطل فأما قول الثوري إنه إنما يدعي مالا قلنا إنما يدعي النسب والميراث والمال تبع له فإن قيل فهو متهم في أن غرضه حصول الميراث قلنا إن النسب لا تمنع التهمة لحوقه بدليل أنه لو كان له أخ يعاديه فأقر بابن لزمه وسقط ميراث أخيه ولو كان الابن حيا وهو غني والأب فقير فاستلحقه فهو متهم في إيجاب نفقته على ابنه ويقبل قوله فكذلك ههنا ثم كان ينبغي أن يثبت النسب ههنا لأنه حق للولد ولا تهمة فيه ولا يثبت الميراث المختص بالتهمة ولا يلزم من انقطاع التبع انقطاع الأصل قال القاضي : ويتعلق باللعان أربعة أحكام : حقان عليه وجوب الحد ولحوق النسب وحقان له : الفرقة والتحريم المؤبد فإذا أكذب نفسه قبل قوله فيما عليه فلزمه الحد والنسب فلم يقبل فيما له فلم تزل الفرقة ولا التحريم المؤبد .
فصل : فإن لم يكذب نفسه ولكن لم يكن به بينة ولا لاعن أقيم عليه الحد فإن أقيم عليه بعضه فبذل اللعان وقال أنا ألاعن قبل منه لأن اللعان يسقط جميع الحد فيسقط بعضه كالبينة فإن ادعت زوجته أنه قذفها بالزنا فأنكر فأقامت عليه بينة أنه قذفها بالزنا فقال : صدقت البينة وليس ذلك قذفا لأن القذف الرمي بالزنا كذبا وأنا صادق فيما رميتها به لم يكن ذلك إكذابا لنفسه لأنه مصر على رميها بالزنا وله إسقاط الحد باللعان ومذهب الشافعي في هذا الفصل كمذهبنا فإن قال ما زنت ولا رميتها بالزنا فقامت البينة عليه بقذفها لزمه الحد ولم تسمع بينته ولا لعانه نص عليه أحمد لأن قوله : ما زنت تكذيب للبينة واللعان فلا تثبت له حجة قد أكذبها وجرى هذا مجرى قوله في الوديعة إذا ادعيت عليه فقال ما أودعتني فقامت عليه البينة بالوديعة فادعى الرد أو التلف لم يقبل ولو أجاب بأنه ما له عندي شيء ولا يستحق علي شيئا فقامت عليه البينة فادعى الرد أو التلف قبل منه