فصل تعليل تسمية المرأة فراشا وحكم دعوى الاستبراء .
الفصل الثاني : أنه لا لعان بين غير الزوجين فإذا قذف أجنبية محصنة حد ولم يلاعن وإن لم تكن محصنة عزر ولا لعان أيضا ولا خلاف في هذا وذلك لأن الله تعالى قال : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } ثم خص الزوجات من عموم هذه الآية بقوله : { والذين يرمون أزواجهم } ففيما عداهن يبقى على قضية العموم وإن ملك أمة ثم قذفها فلا لعان سواء كانت فراشا له أو لم تكن ولا حد عليه بقذفها ويعزر فإن أتت بولد نظرنا فإن لم يعترف بوطئها لم يحلقه نسبه ولم يحتج إلى نفيه وإن اعترف بوطئها فراشا له وإذا أتت بولد لمدة الحمل من يوم الوطء لحقه وبهذا قال مالك و الشافعي وقال الثوري و أبو حنيفة لا تصير فراشا له حتى يقر بولدها فإذا أقر به صارت فراشا له ولحقه أولادها بعد ذلك لأنها لو صارت فراشا بالوطء لصارت فراشا بإباحته كالزوجة .
[ ولنا أن سعدا نازع عبد بن زمعة في ابن وليدة زمعة فقال هو أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه فقال النبي A : هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر ] متفق عليه وروى ابن عمر عن عمر Bه قال : ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يعزلونهن لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أنه ألم بها إلا ألحقت به ولدها فاعزلوا بعد ذلك أو اتركوا ولأن الوطء يتعلق به تحريم المصاهرة فإذا كان مشروعا صارت به المرأة فراشا كالنكاح ولأن المرأة إنما سميت فراشا تجوزا إما لمضاجعته لها على الفراش وإما لكونها تحته في حال المجامعة وكلا الأمرين يحصل في الجماع وقياسهم الوطء على الملك لا يصح لأن الملك لا يتعلق به تحريم المصاهرة ولا يحصل منه الولد بدون الوطء ويفارق النكاح فإنه لا يراد للوطء ويتعلق به تحريم المصاهرة ولا ينعقد في محل يحرم الوطء فيه كالمجوسية والوثنية وذواتي محارمه إذا ثبت هذا فإن أراد نفي ولد أمته التي يلحقه ولدها فطريقه أن يدعي أنه استبرأها بعد وطئه لها بحيضه فينتفي بذلك وإن ادعى أنه كان يعزل عنها لم ينتف عنه بذلك لما روى جابر قال : [ جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله A فقال : إن لي جارية وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل فقال : اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها قال : فلبث الرجل ثم أتاه فقال : إن الجارية قد حملت قال : قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها ] رواه أبو داود وروي عن أبي سعيد أنه قال : كنت أعزل عن جارتي فولدت احب الخلق إلي يعني ابنه ولحديث عمر الذي ذكرناه ولأنه حكم تعلق بالوطء فلم يعتبر معه الإنزال كسائر الأحكام وقد قيل إنه ينزل من الماء ما لا يحس به وإن أقر بالوطء دون الفرج أو في الدبر لم تصر بذلك فراشا لأنه ليس بمنصوص عليه ولا في معنى المنصوص ولنه ينتفي عنه الولد بدعوى الاستبراء إذا أتت به بعد الاستبراء بمدة الحمل فههنا أولى وروي عن أحمد أنها تصير فراشا لأنه قد يجامع فيسبق الماء إلى الفرج ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين وإذا ادعى الاستبراء قبل قوله بغير يمين في أحد الوجهين لأن من قبل قوله في الاستبراء قبل بغير يمين كالمرأة تدعي انقضاء عدتها وفي الآخر يستحلف وهو مذهب الشافعي لعموم [ قوله عليه السلام : ولكن اليمين على المدعى عليه ] ولأن الاستبراء غير مختص به فلم يقبل فيه بغير يمين كسائر الحقوق بخلاف العدة ومتى لم يدع الاستبراء لحقه ولدها ولم ينتف عنه وقال الشافعي في أحد قوليه : له نفيه باللعان لأنه لم يرض به فأشبه ولد المرأة .
ولنا قوله تعالى { والذين يرمون أزواجهم } فخص بذلك الأزواج ولأنه ولد يلحقه نسبه من غير الزوجة فلم يملك نفيه باللعان كما لو وطىء أجنبية بشبهة فألحقت القافة ولدها به ولأن له طريقا إلة نفي الولد بغير اللعان فلم يحتج إلى نفيه باللعان فلا يشرع ولأنه إذا وطىء أمته ولم يستبرئها فأتت بولد احتمل أن يكون منه فلم يجز له نفيه لكون النسب يلحق بالإمكان فكيف مع ظهور وجود سببه ؟ ولو ادعى الاستبراء فأتت بولدين فأقربأحدهما ونفى الآخر لحقاه معا لأنه لا يمكن جعل أحدهما منه والآخر من غيره وهما حمل واحدولا يجوز نفي الولد المقر به عنه مع إقراره به فوجب إلحاقهما به معا وكذلك إن أتت أمته التي لم يعترف بوطئها بتوأمين فاعترف بأحدهما ونفى الآخر