مسائل وفصول : قال فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا وفروع .
مسألة : قال : وإن أصابها في ليالي الصوم أفسد ما مضى من صيامه وابتدأ الشهرين .
وبهذا قال مالك و الثوري و أبو عبيد وأصحاب الرأي لأن الله تعالى قال : { فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } فأمر بها خاليين عن وطء ولم يأت بهما على ما أمر فلم يجزئه كما لو وطئ نهارا ولأنه تحريم للوطء لا يختص النهار فاستوى فيه الليل والنهار كالإعتكاف وروى الأثرم عن أحمد أن التتابع لا ينقطع بهذا ويبني وهو مذهب الشافعي و أبي ثور و ابن المنذر لأنه وطء لا يبطل الصوم فلا يوجب الاستئناف كوطء غيرها ولأن التتابع في الصيام عبارة عن اتباع صوم يوم للذي قبله من غير فارق وهذا متحقق وإن وطئ ليلا وارتكاب النهي في الوطء قبل إتمامه إذا لم يخل بالتتابع المشترط لا يمنع صحته وإجزاءه كما لو وطئ قبل الشهرين أو وطئ ليلة أو الشهرين وأصبح صائما والإتيان بالصيام قبل التماس في حق هذا لا سبيل إليه سواء بنى أو استأنف .
وإن وطئها أو وطئ غيرها في نهار الشهرين عامدا أفطر وانقطع التتابع إجماعا إذا كان غير معذور وإن وطئها أو وطئ غيرها نهارا ناسيا أفطر وانقطع التتابع في إحدى الروايتين لأن الوطء لا يعذر فيه بالنسيان وعن أحمد رواية أخرى أنه لا يفطر ولا ينقطع التتابع وهو قول الشافعي و أبي ثور و ابن المنذر لأنه فعل المفطر ناسيا أشبه ما لو أكل ناسيا وإن أبيح له الفطر لعذر فوطئ غيرها نهارا لم ينقطع التتابع لأن الوطء لا أثر له في قطع التتابع وإن وطئها كان كوطئها ليلا هل ينقطع التتابع ؟ على وجهين وإن وطئ غيرها ليلا لم ينقطع التتابع لأن ذلك ليس بمحرم عليه ولا هو مخل باتباع الصوم فلم ينقطع التتابع كالأكل ليلا وليس في هذا اختلاف نعلمه وإن لمس المظاهر منها أو باشرها دون الفرج على وجه يفطر به قطع التتابع لإخلاله بموالاة الصيام وإلا فلا ينقطع والله أعلم .
مسألة : قال : فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا .
أجمع أهل العلم على أن المظاهر إذا لم يجد الرقبة ولم يستطع الصيام أن فرضه إطعام ستين مسكينا على ما أمر الله تعالى في كتابه وجاء في سنة نبيه A سواء عجز عن الصيام لكبر أو مرض يخاف بالصوم تباطؤه أو الزيادة فيه أو الشبق فلا يصبر فيه عن الجماع [ فإن أوس بن الصامت لما أمره رسول الله A بالصيام قالت إمرأته : يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام قال : فليطعم ستين مسكينا ولما أمر سلمة إبن صخر بالصيام قال : وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام ؟ قال : فاطعم ] فنقعله إلى الإطعام لما أخبره بن من الشبق والشهوة ما يمنعه من الصيام وقسنا على هذين ما يشبههما في معناهما ويجوز أن ينتقل إلى الإطعام إذا عجز عن الصيام للمرض وإن كان مرجو الزوال لدخول في قوله سبحانه وتعالى : { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } ولأنه لا يعلم أن له نهاية فأشبه الشبق ولا يجوز أن ينتقل لأجل السفر لأن السفر لا يعجزه عن الصيام وله نهاية ينتهي إليها وهو من أفعاله الاختيارية والواجب في الإطعام إطعام ستين مسكينا لا يجزئه أقل من ذلك وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : لو أطعم مسكينا واحدا في ستين يوما أجزأه وحكاه القاضي أبو الحسين رواية عن أحمد لأن هذا المسكن لم يستوف قوت يومه من هذه الكفارة فجاز أن يعطى منها كاليوم الأول .
ولنا قول الله تعالى : { فإطعام ستين مسكينا } وهذا لم يطعم إلا واحدا فلم يمتثل الأمر ولأنه لم يطعم ستين مسكينا فلم يجزئه كما لو دفعها إليه في يوم واحد ولأنه لو جاز الدفع إليه في أيام لجاز في يوم واحد كالزكاة وصدقة الفطر يحقق هذا أن الله تعالى أمر بعدد المساكين لا بعدد الأيام وقائل هذا يعتبر عدد الأيام دون عدد المساكين والمعنى في اليوم الأول أنه لم يستوف حقه من هذه الكفارة وفي اليوم الثاني قد استوفى حقه منها وأخذ منها قوت يوم فلم يجز أن يدفع إليه في اليوم الثاني كما لو أوصى إنسان بشيء لستين مسكينا .
مسألة : قال : لكل مسكين مد من بر أو نصف صاع من تمر أو شعير .
وجملة الأمر أن قدر الطعام في الكفارات كلها مد من بر لكل مسكين أو نصف صاع من تمر أو شعير وممن قال مد بر زيد بن ثابت وابن عباس وابن عمر حكاه عنهم الإمام أحمد ورواه عنهم الأثرم وعن عطاء و سليمان بن موسى وقال سليمان بن يسار : أدركت الناس إذا أعطوا في كفارة اليمين مدا من حنطة بالمد الأصغر مد النبي A وقال أبو هريرة : يطعم مدا من أي الأنواع كان وبهذا قال عطاء و الأوزاعي و الشافعي لما روى أبو داود بإسناده عن عطاء عن أوس ابن أخي عبادة بن الصامت أن النبي A أعطاه يعني المظاهر خمسة عشر صاعا من شعير إطعام ستين مسكينا وروى الأثرم بإسناده عن أبي هريرة في حديث المجامع في رمضان أن النبي A أتى بعرق فيه خمسة عشر صاعا فقال خذه وتصدق به وإذا ثبت في المجامع بالخبر ثبت في المظاهر بالقياس عليه ولأنه إطعام واجب فلم يختلف باختلاف أنواع المخرج كالفطرة وفدية الأذى وقال مالك لكل مسكين مدان من جميع الأنواع وممن قال مدان من قمح مجاهد و عكرمة و الشعبي و النخعي لأنها كفارة تشتمل على صيام وإطعام فكان لكل مسكين نصف صاع كفدية الأذى وقال الثوري وأصحاب الرأي : من القمح مدان ومن التمر والشعير صاع لكل مسكين لقول النبي A في حديث سلمة بن صخر : [ فاطعم وسقا من تمر ] رواه الإمام أحمد في المسند و أبو داود وغيرهما وروى الخلال بإسناده عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خويلة فقال لي رسول الله A : [ فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر ] وفي رواية أبي داود والعرق ستون صاعا وروى ابن ماجة بإسناده عن ابن عباس قال كفر رسول الله A بصاع من تمر وأمر الناس : [ فمن لم يجد فنصف صاح من بر ] وروى الأثرم بإسناده عن عمر Bه قال أطعم عني صاعا من تمر أو شعير أو نصف صاع من ابن عبد البر ولأنه إطعام للمساكين فكان صاعا من التمر والشعير أو نصف صاع من ابن عبد البر كصدقة الفطر .
ولنا ما روى الإمام أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن أبي يزيد المدني قال جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير ف [ قال النبي A للمظاهر : أطعم هذا فإن مدي شعير مكان مد بر ] وهذا نص ويدل على أنه مد بر أنه قول زيد وابن عباس وابن عمر وأبي هريرة ولم نعرف لهم في الصحابة مخالفا فكان إجماعا وعلى أنه نصف صاع من التمر والشعير ما روى عطاء بن يسار [ أن رسول الله A قال لخولة امرأة أوس بن الصامت : اذهبي إلى فلان الأنصاري فإن عنده شطر وسق من تمر أخبرني أنه يريد أن يتصدق به فلتأخذيه فليتصدق به على ستين مسكينا ] و [ في حديث أوس بن الصامت أن النبي A قال : إني سأعينه بعرق من تمر قلت يا رسول الله فإني سأعينه بعرق آخر قال : قد أحسنت اذهبي فاطعمي بها عنه ستين مسكينا وارجعي إلى ابن عمك ] وروى أبو داود بإسناده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال العرق زنبيل يأخذ خمسة عشر صاعا فعرقان يكونان ثلاثين صاعا لكل مسكين نصف صاع ولأنها كفارة تشتمل على صيام وإطعام فكان لكل مسكين نصف صاع من التمر والشعير كفدية الأذى فأما رواية أبي داود أن العرق ستون صاعا فقد ضعفها وقال غيرها أصح منها وفي الحديث ما يدل على الضعف لأن ذلك في سياق قوله : [ إني سأعينه بعرق فقالت امرأته إن سأعينه بعرق آخر قال : فاطعمي بها عنه ستين مسكينا ] فلو كان العرق ستين صاعا لكانت الكفارة مائة وعشرين صاعا ولا قائل به .
وأما حديث المجامع الذي أعطاه خمسة عشر صاعا فقال تصدق به فيحتمل أنه إقتصر عليه إذا لم يجد سواه ولذلك لما أخبره بحاجته إليه أمره بأكله وفي الحديث المتفق عليه قريب من عشرين صاعا وليس ذلك مذهبا ل أحمد فيدل على أنه اقتصر على البعض الذي لم يجد سواه وحديث أوس ابن أخي عبادة مرسل يرويه عنه عطاء ولم يدركه على أنه حجة لنا لأن النبي A أعطاه عرقا وأعانته امرأته بآخر فصارا جميعا ثلاثين صاعا وسائر الأخبار تجمع بينها وبين أخبارنا بحملها على الجواز وأخبارنا على الجواز وأخبارنا على الأجزاء وقد عضد هذا أن ابن عباس راوي بعضها ومذهبه أن المد من البر يجزئ وكذلك أبو هريرة وسائر ما ذكرنا من الأخبار مع الإجماع الذي نقله سليمان بن يسار والله أعلم .
فصل : وبقي الكلام في الإطعام في أمور ثلاثة : كيفيته وجنس الطعام ومستحقه فأما كيفيته فظاهر المذهب أن الواجب تمليك كل إنسان من المساكين القدر الواجب له من الكفارة ولو غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه سواء فعل ذلك بالقدر الواجب أو أقل أو أكثر ولو غدى كل واحد بمد لم يجزئه إلا أن يملكه إياه وهذا مذهب الشافعي وعن أحمد رواية أخرى أنه يجزئه إذا أطعمهم القدر الواجب لهم وهو قول النخعي و أبي حنيفة وأطعم أنس في فدية الصيام قال أحمد : أطعم شيئا كثيرا وصنع الجفان وذكر حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وذلك لقول الله تعالى : { فإطعام ستين مسكينا } وهذا قد أطعمهم فينبغي أن يجزئه ولأنه أطعم المساكين فأجزأه كما لو ملكهم .
ولنا أن المنقول عن الصحابة اعطاؤهم ففي قول زيد وابن عباس وابن عمر وأبي هريرة مد لكل فقير و [ قال النبي A لكعب في فدية الأذى : أطعم ثلاثة آصع من تمر بين ستة مساكين ] ولأنه مال وجب للفقراء شرعا فوجب تمليكهم إياه كالزكاة فإن قلنا يجزئ اشترط أن يغديهم بستين مدا فصاعدا ليكون قد أطعمهم قدر الواجب وإن قلنا لا يجزئه أن يغديهم فقدم إليهم ستين مدا وقال هذا بينكم بالسوية فقبلوه أجزأ لأنه ملكهم التصرف فيه والانتفاع قبل القسمة وهذا ظاهر مذهب الشافعي .
وقال أبو عبد الله بن حامد : يجزئه وإن لم يقل بالسوية لأن قوله خذوها عن كفارتي يقتضي التسوية لأن ذلك حكمها وقال القاضي : إن علم أنه وصل إلى كل واحد قدر حقه أجزأ وإن لم يعلم لم يجزئه لأن الأصل شغل ذمته ما لم يعلم وصول الحق إلى مستحقه ووجه الأول أنه دفع الحق إلى مستحقه مشاعا فقبلوه قبرئ منه كديون غرمائه .
فصل : ولا يجب التتابع في الإطعام نص عليه أحمد في رواية الأثرم وقيل له تكون عليه كفارة يمين فيطعم اليوم واحدا وآخر بعد أيام وآخر بعد حتى يستكمل عشرة ؟ فلم ير بذلك بأسا وذلك لأن الله تعالى لم يشترط التتابع فيه ولو وطىء في أثناء الإطعام لم تلزمه إعادة ما مضى منه وبه قال أبو حنيفة و الشافعي وقال مالك : يستأنف لأنه وطىء في أثناء كفارة الظهار فوجب الإستئناف كالصيام .
ولنا أنه وطىء في أثناء ما لا يشترط التتابع فيه فلم يوجي الاستئناف كوطء غير المظاهر منها أو كالوطء في كفارة اليمين وبهذا فارق الصيام .
مسألة : قال : ولو أعطى مسكينا مدين من كفارتين في يوم واحد أجزأ في إحدى الوايتين .
وهذا مذهب الشافعي لأنه دفع القدر الواجب إلى العدد الواجب فأجزأ كما كما لو دفع إليه المدين في يومين .
والأخرى : لا يجزئه وهو قول أبي حنيفة لأنه استوفى قوت يوم من كفارة فلم يجزئه الدفع إليه ثانيا في يومه كما لو دفعهما إليه من كفارة واحدة فعلى هذه الرواية يجزئه عن إحدى الكفارتين وهل له الرجوع في الأخرى ؟ ينظر فإذ كان أعلمه أنها عن كفارة فله الرجوع وإلا فلا ويخرج أن لا يرجع بشيء على ما ذكرناه في الزكاة والرواية الأولى أقيس وأصح فإن اعتبار عدد المساكين أولى نت اعتبار عدد الأيام ولو دفع إليه ذلك في يومين أجزأ ولأنه لو كان الدافع اثنين أجزأ عنهما فكذلك إذا كان الدافع واحدا ولو دفع ستين مدا إلى ثلاثين فقيرا من كفارة واحدة اجزأه من ذلك ثلاثون ويطعم ثلاثين آخرين وإن دفع الستين من كفارتين أجزأ ذلك على احدى الوايتين ولا يجزىء في الأخرى إلا عن ثلاثين .
الأمر الثاني : أن المجزىء في الإطعام ما يجزىء في الفطرة وهو البر والشعير والتمر والزبيب سواء كانت قوته أو لم تكن وما عداها فقال القاضي : لا يجزىء إخراجه سواء كان قوت بلده أو لم يكن لأن الخبر ورد بإخراج هذه الأصناف على ما جاء في الأحاديث التي رويناها ولأنه الجنس المخرج في الفطرة فلم يجزىء غيره كما لو لم يكن قوت بلده وقال أبو الخطاب : عندي أنه يجزئه الإخراج من جميع الحبوب التي هي قوت بلده كالذرة والدخن والأرز لأن الله تعالى قال : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } وهذا مما يطعمه أهله فوجب أن يجزئه بظاهر النص وهذا مذهب الشافعي فإن أخرج غير قوت بلده أجود منه فقد زاد خيرا وإن كان أنقص لو يجزئه وهذا أجود .
فصل : والأفضل عند أبي عبد الله إخراج الحب لأنه يخرج به من الخلاف وهي حالة كماله لأنه يدخر فيها ويتهيأ لمنافعه كلها بخلاف غيره فإن أخرج دقيقا جاز لكن يزيد على قدر المد قدرا يبلغ المد حبا أو يخرجه بالوزن لأن للحب ربعا فيكون في مكيال الحب أكثر مما في مكيال الدقيق .
قال الأثرم قيل لأبي عبد الله فيعطي البر والدقيق ؟ فقال أما الذي جاء فالبر ولكن إن أعطاهم الدقيق بالوزن جاز وقال الشافعي : لا يجزىء لأنه ليس بحال الكمال لأجل ما يفوت به من وجوه الانتفاع فلم يجز كالهريسة .
ولنا قول الله تعالى : { فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم } والدقيق من أوسط ما يطعمه أهله ولأن الدقيق أجزأ الحنطة وقد كفاهم مؤنته وطحنه وهيأه وقربه من الأكل وفارق الهريسة فإنها تتلف على قرب ولا يمكن الانتفاع بها في غير الأكل في تلك الحال بخلاف مسألتنا وعن أحمد في إخراج الخبز روايتان .
إحداهما : يجزىء اختارها الخرقي ونص عليه أحمد في رواية الأثرم فإنه قال قلت لأبي عبد الله رجل أخذ ثلاثة عشر رطلا وثلثا دقيقا وهو كفارة اليمين فخبزه للمساكين وقسم الخبز على عشرة مساكين أيجزئه ذلك ؟ قال ذلك أعجب إلي وهو الذي جاء فيه الحديث أن يطعمهم مد بر وهذا فعل فأرجو أن يجزئه قلت إنما قال الله : { إطعام عشرة مساكين } فهذا اطعم عشرة مساكين وأوفاهم المد قال أرجو أن يجزئه وهذا قول بعض أصحاب الشافعي ونقل الأثرم في موضع آخر أن أحمد سأله رجل عن الكفارة قال أطعمهم خبزا وتمرا قال ليس فيه تمر قال فخبز ؟ قال لا ولكن برا أو دقيقا بالوزن رطل وثلث لكل مسكين فظاهر هذا أنه لا يجزئه وهو مذهب الشافعي لأنه خرج عن حالة الكمال والادخار فأشبه الهريسة والأول أحسن لأن الله تعالى قال : { إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم } وهذا من أوسط ما يطعم أهله وليس الإدخار مقصودا في الكفارة فإنها مقدرة بما يقوت المسكين في يومه فيدل ذلك على أن المقصود كفايته في يومه وهذا قد هيأه للأكل المعتاد للاقتيات وكفاهم مؤنته فأشبه ما لو نقى الحنطة وغسلها .
وأما الهريسة والكبولا ونحوها فلا يجزىء لأنهما خرجا عن الإقتيات المعتاد إلى خبز الأدام وأما السويق فالصحيح أنه لا يجزىء لأنه يقتات في بعض البلدان ولا يجزئه من الخبز والسويق أقل من شيء يعمل من مد فإن أخذ مد حنطة أو رطلا وثلثا من الدقيق وصنعه خبزا أجزأه وقال الخرقي : يجزئه رطلان .
قال القاضي : المد يجيء رطلان وذلك لأن الغالب أن رطلين من الخبز لا تكون إلا من مد وذلك بالرطل الدمشقي خمس أواق وأقل من خمس أوقية وهذا في البر فأما إن كان المخرج من الشعير فلا يجزئه إلا ضعف ذلك على ما قررناه