فصلان ومسألة : يصح الظهار مؤقتا ويصح تعليقه بشروط .
فصل : فأما التلذذ بما دون الجماع من القبلة واللمس والمباشرة فيما دون الفرج ففيه روايتان .
إحداهما : يحرم وهو اختيار أبي بكر وهو قول الزهري و مالك و الأوزاعي و أبي عبيد وأصحاب الرأي وروي ذلك عن النخعي وهو أحد قولي الشافعي لأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام .
والثانية : لا تحرم قال أحمد أرجو أن لا يكون به بأس وهو قول الثوري و إسحاق و أبي حنيفة وحكي عن مالك وهو القول الثاني لل شافعي لأنه وطء يتعلق بتحريمه مال فلم يتجاوزه التحريم كوطء الحائض .
فصل : ولا يصح الظهار من أمته ولا أم ولده روي ذلك عن ابن عمر وعبد الله بن عمرو و سعيد بن المسيب و مجاهد و الشعبي و ربيعة و الأوزاعي و الشافعي و أبي حنيفة وأصحابه وروي عن الحسن و عكرمة و النخعي و عمرو بن دينار و سليمان بن يسار و الزهري و قتادة و الحكم و الثوري و مالك في الظهار من الأمة كفارة تامة لأنها مباحة له فصح الظهار منها كالزوجة وعن الحسن و الأوزاعي إن كان يطؤها فهو ظهار وإلا فلا لأنه إذا لم يطأها فهو كتحريم ماله وقال عطاء عليه نصف كفارة حرة لأن الأمة على النصف من الحرة في كثير من أحكامها وهذا من أحكامها فتكون على النصف .
ولنا قول الله تعالى { والذين يظاهرون من نسائهم } فخصهن به ولأنه لفظ يتعلق به تحريم الزوجة فلا تحرم به الأمة كالطلاق ولأن الظهار كان طلاقا في الجاهلية فنقل حكمه وبقي محله قال أحمد قال أبو قلابة و قتادة ان الظهار كان طلاقا في الجاهلية وروي عن أحمد أن على المظاهر من أمته كفارة ظهار وقال أبو بكر لا يتوجه هذا على مذهبه لأنه لو كانت عليه كفارة ظهار كان ظهارا ولكن عليه كفارة يمين لأنه تحريم لمباح من ماله فكانت فيه كفارة يمين كتحريم سائر ماله قال نافع حرم رسول الله A جاريته فأمره الله أن يكفر يمينه ويحتمل أن لا يلزمه شيء بناء على قوله في المرأة إذا قالت لزوجها أنت علي كظهر أبي لا يلزمها شيء وإن قال لأمته أنت علي حرام فعليه كفارة لقول الله تعالى { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ؟ } - إلى قوله تعالى - { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } نزلت في تحريم النبي A لجاريته في قول بعضهم ويخرج على الرواية الأخرى أن تلزمه كفارة ظهار لأن التحريم ظهار والأول هو الصحيح إن شاء الله تعالى .
ويصح الظهار مؤقتا مثل أن يقول أنت علي كظهر أمي شهرا أو حتى ينسلخ شهر رمضان فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلت المرأة بلا كفارة ولا يكون عائدا بالوطء في المدة وهذا قول ابن عباس و عطاء و قتادة و الثوري و إسحاق و أبي ثور وأحد قولي الشافعي وقوله الآخر لا يكون ظهارا وبه قال ابن أبي ليلى و الليث لأن الشرع ورد بلفظ الظهار مطلقا وهذا لم يطلق فأشبه ما لو شبهها بمن تحرم عليه في وقت دون وقت وقال طاوس إذا ظاهر في وقت فعليه الكفارة وإن بر وقال مالك يسقط التأقيت ويكون ظهارا مطلقا لأن هذا لفظ يوجب تحريم الزوجة فإذا وقته لم يتوقت كالطلاق .
ولنا حديث سلمة بن صخر وقوله تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان وأخبر النبي A أنه أصابها في الشهر فأمره بالكفارة ولم يعتبر عليه تقييده ولأنه منع نفسه منها بيمين لها كفارة فصح مؤقتا كالإيلاء وفارق الطلاق فإنه يزيل الملك وهو يوقع تحريما يرفعه التكفير فجاز تأقيته ولا يصح قول من أوجب الكفارة وإن بر لأن الله تعالى إنما أوجب الكفارة على الذين يعودون لما قالوا ومن بر وترك العود في الوقت الذي ظاهر فلم يعد لما قال فلا تجب عليه كفارة وفارق التشبيه بمن لا تحرم عليه على التأبيد لأن تحريمها غير كامل وهذه حرمها في هذه المدة تحريما مشبها بتحريم ظهر أمه على أننا نمنع الحكم فيها إذا ثبت هذا فإنه لا يكون عائدا إلا بالوطء في المدة وهذا هو منصوص عن الشافعي وقال بعض أصحابه إن لم يطلقها عقيب الظهار فهو عائد عليه الكفارة وقال أبو عبيد إذا أجمع على غشيانها في الوقت لزمته الكفارة وإلا فلا لأن العود العزم على الوطء .
ولنا حديث سلمة بن صخر وانه لم يوجب عليه الكفارة إلا بالوطء ولأنها يمين لم يحنث فيها فلا يلزمه كفارتها كاليمين بالله تعالى ولأن المظاهر في وقت عازم على امساك زوجته في ذلك الوقت فمن أوجب عليه الكفارة بذلك كان قوله كقول طاوس فلا معنى لقوله يصح الظهار مؤقتا لعدم تأثير الوقت .
فصل : ويصح تعليق الظهار بالشروط نحو أن يقول إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي وإن شاء زيد فأنت علي كظهر أمي فمتى شاء زيد أو دخلت الدار صار مظاهرا وإلا فلا وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي لأنه يمين فجاز تعليقه على شرط كالإيلاء ولأن أصل الظهار أنه كان طلاقا والطلاق يصح تعليقه بالشرط فكذلك الظهار ولأنه قول تحرم به الزوجة فصح تعليقه على شرط كالطلاق ولو قال لامرأته إن تظاهرت من امرأتي الأخرى فأنت علي كظهر أمي ثم تظاهر من الأخرى صار مظاهرا منهما جميعا وإن قال إن تظاهرت من فلانة الأجنبية فأنت علي كظهر أمي ثم قال للأجنبية أنت علي كظهر أمي صار مظاهرا من امرأته عند من يرى الظهار من الأجنبية ومن لا فلا وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى .
فصل : فإن قال أنت علي كظهر أمي إن شاء الله لم ينعقد كظهاره نص عليه أحمد فقال إذا قال لامرأته عليه كظهر أمه إن شاء الله فليس عليه شيء هي يمين وإذا قال ما أحل الله علي حرام إن شاء الله وله أهل هي يمين ليس عليه شيء وبهذا قال الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم وذلك لأنها يمين مكفرة فصح الاستثناء فيها كاليمين بالله تعالى أو كتحريم ماله وقد قال النبي A [ من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه ] رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب وفي لفظ [ من حلف فاستثنى فإن شاء فعل وإن شاء رجع غير حنث ] رواه الإمام أحمد و أبو داود و النسائي وإن قال أنت علي حرام ووالله لا أكلمك إن شاء الله عاد الاستثناء إليهما في أحد الوجهين لأن الاستثناء إذا تعقب جملا عاد إلى جميعها إلا أن ينوي الاستثناء في بعضها فيعود إليه وحده وإن قال أنت علي حرام إذا شاء الله أو إلا ما شاء الله أو إلى أن يشاء الله أو ما شاء الله فكله استثناء يرفع حكم الظهار وإن قال إن شاء الله فأنت حرام فهو استثناء يرفع حكم الظهار لأن الشرط إذا تقدم يجاب بالفاء وإن قال إن شاء الله أنت حرام فهو استثناء لأن الفاء مقدرة وإن قال إن شاء الله فأنت حرام صح أيضا والفاء زائدة وإن قال أنت حرام إن شاء الله وشاء زيد فشاء زيد لم يصر مظاهرا لأنه علقه على مشيئتين فلا يحصل إحداهما