فصلان : الايلاء بتعليق الوطء على أمر ممكن .
فصل : وإن علقه على غير مستحيل فذلك على خمسة أضرب .
أحدها : ما يعلم أنه لا يوجد قبل أربعة أشهر كقيام الساعة فإن لها علامات تسبقها فلا يوجد ذلك في أربعة أشهر وكذلك إن قال حتى تأتي الهند أو نحوه فهذا مول لأن يمينه على أكثر من أربعة أشهر .
الثاني : ما الغالب أنه لا يوجد في أربعة أشهر كخروج الدجال والدابة وغيرهما من أشراط الساعة أو يقول حتى أموت أو تموتي أو يموت ولدك أو زيد أو حتى يقدم زيد من مكة والعادة أنه لا يقدم في أربعة أشهر فيكون موليا لأن الغالب أن ذلك لا يوجد في أربعة أشهر فأشبه ما لو قال والله لا وطئتك في نكاحي هذا وكذلك لو علق الطلاق على مرضها أو مرض إنسان بعينه .
الثالث : أن يعلقه على أمر يحتمل الوجود في أربعة أشهر ويحتمل أن لا يوجد احتمالا متساويا كقدوم زيد من سفر قريب أو من سفر لا يعلم قدره فهذا ليس بإيلاء لأنه لا يعلم حلفه على أكثر من أربعة أشهر ولا يظن ذلك .
الرابع : أن يعلقه على ما يعلم أنه يوجد في أقل من أربعة أشهر أو يظن ذلك كذبول بقل وجفاف ثوب ومجيء المطر في أوانه وقدوم الحاج في زمانه فهذا لا يكون موليا لما ذكرناه ولأنه لم يقصد الاضرار بترك وطئها أكثر من أربعة أشهر فأشبه ما لو قال والله لا وطئتك شهرا .
الخامس : أن يعلقه على فعل منها هي قادرة عليه أو فعل من غيرها وذلك ينقسم أقساما ثلاثة أحدها : أن يعلقه على فعل مباح لا مشقة فيه كقوله والله لا أطؤك حتى تدخلي الدار أو تلبسي هذا الثوب أو حتى اتنفل بصوم يوم أو حتى أكسوك فهذا ليس بإيلاء لأنه ممكن الوجود بغير ضرر عليها فيه فأشبه الذي قبله .
والثاني : أن يعلقه على محرم كقوله والله لا أطؤك حتى تشربي الخمر أو تزني أو تسقطي ولدت أو تتركي صلاة الفرض أو حتى أقتل زيدا أو نحوه فهذا إيلاء لأنه علقة بممتنع شرعا فأشبه الممتنع حسا .
الثالث : أن يعلقه على ما على فاعله فيه مضرة مثل أن يقول والله لا أطؤك حتى تسقطي صداقك عني أو دينك أو حتى تكفلي ولدي أو تهبيني دارك أو حتى يبيعني أبوك داره أو نحو ذلك فهذا ايلاء اخذه لمالها أو ما غيرها من غير رضا صاحبه محرم فجرى مجرى شرب الخمر وإن قال والله لا أطؤك حتى أعطيك مالا أو أفعل في حقك جميلا لم يكن إيلاء لأن فعله لذلك ليس بمحرم ولا ممتنع فجرى مجرى قوله حتى أصوم يوما .
فصل : وإن قال والله لا وطئتك إلا برضاك لم يكن موليا لأنه يمكنه وطؤها بغير حنث ولأنه محسن في كونه ألزم نفسه اجتناب سخطها وعلى قياس ذلك كل حال يمكنه الوطء فيها بغير حنث كقوله والله لا وطئتك مكرهة أو محزونة ونحو ذلك فإنه لا يكون موليا وإن قال والله لا وطئتك مريضة لم يكن موليا لذلك إلا أن يكون بها مرض لا يرجى برؤه أو لا يزول في أربعة أشهر فينبغي أن يكون موليا لأنه حالف على ترك وطئها أربعة أشهر فإن قال ذلك لها وهي صحيحة فمرضت مرضا يمكن برؤه قبل أربعة أشهر لم يصر موليا وان لم يرج برؤه فيها صار موليا وكذلك إن كان الغالب أنه لا يزول في أربعة أشهر صار موليا لأن ذلك بمنزلة ما لا يرجى زواله إن قال والله لا وطئتك حائضا ولا نفساه ولا محرمة ولا صائمة ونحو هذا لم يكن موليا لأن ذلك محرم ممنوع منه شرعا فقد أكد منع نفسه منه بيمينه وإن قال والله لا وطئتك وطئا مباحا صار موليا لأنه حالف على ترك الوطء الذي يطالب به في الفيئة فكان موليا كما لو قال والله لا وطئتك في قبلك وإن قال والله لا وطئتك ليلا أو والله لا وطئتك نهارا لم يكن موليا لأن الوطء يمكن بدون الحنث وإن قال والله لا وطئتك في هذه البلدة أو في هذا البيت أو نحو ذلك من الأمكنة المعينة لم يكن موليا وهذا قول الثوري و الأوزاعي و الشافعي والنعمان وصاحبيه وقال ابن أبي ليلى و إسحاق هو مول لأنه حالف على ترك وطئها ولنا أنه يمكن وطؤها بغير حنث فلم يكن موليا كما لو استثنى في يمينه