فصل : تعليق الإيلاء على شرط مستحيل .
فصل : وإذا علق الإيلاء بشرط مستحيل كقوله : والله لا وطئتك حتى تصعدي السماء أو تقلبي الحجر ذهبا أو يشيب الغراب فهو مول لأن معنى ذلك ترك وطئها فإن ما يراد إحالة وجوده يعلق على المستحيلات قال الله تعالى في الكفار { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } ومعناه لا يدخلون الجنة أبدا وقال بعضهم .
( إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب ) .
وإن قال والله لا وطئتك حتى تحبلي فهو مول لأن حبلها بغير وطء مستحيل عادة فهو كصعود السماء وقال القاضي و أبو الخطاب وأصحاب الشافعي ليس بمول إلا أن تكون صغيرة يغلب على الظن أنها لا تحمل في أربعة أشهر أو آيسة فأما إن كانت من ذوات الأقراء فلا يكون موليا لأنه يمكن حملها قال القاضي : وإذا كانت الصغيرة بنت تسع سنين لم يكن موليا لأن حملها ممكن .
ولنا أن الحمل بدون الوطء مستحيل عادة فكان تعليق اليمين عليه إيلاء كصعود السماء ودليل استحالته قول مريم { أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا } وقوله تعالى { يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا } ولولا استحالته لما نسبوها إلى البغاء لوجود الولد وأيضا قول عمر Bه : الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت به البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ولأن العادة أن الحبل لا يوجد من غير وطء فإن قالوا يمكن حبلها من وطء الغير أو باستدخال منيه قلنا أما الأول فلا يصح فإنه لو صرح به فقال لا وطئتك حتى تحبلي من غيري أو ما دمت في نكاحي أو حتى تزني كان موليا ولو صح ذكروه لم يكن موليا وأما الثاني فهو من المستحيلات عادة إن وجد كان من خوارق العادات بدليل ما ذكرناه وقد قال أهل الطب أن المني إذا برد لم يخلق منه ولد وصحح قولهم قيام الأدلة التي ذكرنا بعضها وجريان العادة على وفق ما قالوا وإذا كان تعليقه على موته أو موتها أو موت زيد إيلاء فتعليقه على حبلها بغير وطء أولى وإن قال أردت بقولي حتى تحبلي السببية ولم أرد الغاية ومعناه لا أطؤك لتحبلي قبل منه ولم يكن موليا لأنه ليس بحالف على ترك الوطء وإنما هو حالف على قصد ترك الحبل به فإن حتى تستعمل بمعنى السببية