فصل : المدة المعتبرة لصحة الايلاء .
فصل : الشرط الثاني : أن يحلف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر وهذا قول ابن عباس و طاوس و سعيد بن جبير و مالك و الأوزاعي و الشافعي و أبو ثور و أبي عبيد وقال عطاء و الثوري وأصحاب الرأي إذا حلف على أربعة أشهر فما زاد كان موليا وحكى ذلك القاضي أبو الحسين رواية عن أحمد لأنه ممتنع من الوطء باليمين أربعة أشهر فكان موليا كما لو حلف على ما زاد وقال النخعي و قتادة و حماد و ابن أبي ليلى و إسحاق : من حلف على ترك الوطء في قليل من الأوقات أو كثر وتركها أربعة أشهر فهو مول لقول الله تعالى : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر } وهذا مول فإن الإيلاء الحلف وهذا حالف .
ولنا أنه لم يمنع نفسه من الوطء باليمين أكثر من أربعة أشهر فلم يكن موليا كما لو حلف على ترك قبلتها والآية حجة لنا لأنه جعل له تربص أربعة أشهر فإذا حلف على أربعة أشهر أو ما دونها فلا معنى للتربص لأن مدة الإيلاء تنقضي قبل ذلك ومع انقضائه وتقدير التربص بأربعة أشهر يقتضي كونه في مدة تناولها الإيلاء ولأن المطالبة انما تكون بعد أربعة أشهر فإذا انقضت المدة بأربعة فما دون لم تصح المطالبة من غير إيلاء و أبو حنيفة ومن وافقه بنوا ذلك على قولهم في الفيئة انها تكون في مدة الأربعة أشهر وظاهر الآية خلافه فإن الله تعالى قال : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا } فعقب الفيء عقيب التربص بفاء التعقيب فيدل على تأخرها عنه .
إذ ثبت هذا فحكي عن ابن عباس أن المولي من يحلف على ترك الوطء أبدا أو مطلقا لأنه إذا حلف على ما دون ذلك أمكنه التخلص بغير حنث فلم يكن موليا كما لو حلف لا وطئها في مدينة بعينها .
ولنا أنه لا يمكنه التخلص بعد التربص من يمينه بغير حنث فأشبه المطلقة بخلاف اليمين على مدينة معينة فإنه يمكن التخلص بغير الحنث ولأن لأربعة الأشهر مدة تضرر المرأة بتأخير الوطء عنها فإذا حلف على أكثر منها كان موليا كالأبد ودليل الوصف ما روي أن عمر Bه كان يطوف ليلة في المدينة فسمع امرأة تقول : .
( تطاول هذا الليل وازور جانبه ... وليس إلى جنبي خليل ألاعبه ) .
( فوالله لولا الله لا شيء غيره ... لزعزع من هذا السرير جوانبه ) .
( مخافة ربي والحياء يكفني ... وأكرم بعلي أن تنال مراكبه ) .
فسأل عمر نساءه : كم تصبر المرأة عن الزوج ؟ فقلن شهرين وفي الثالث يقل الصبر وفي الرابع ينفد الصبر فكتب إلى أمراء الأجناد أن لا تحبسوا رجلا عن امرأته أكثر من أربعة أشهر