مسألة وفصل : صيغة المراجعة وتعليق الرجعة على شرط .
فصل : فأما القول فتحصل به الرجعة بغير خلاف وألفاظه راجعتك وارتجعتك ورددتك وأمسكتك لأن هذه الألفاظ ورد بها الكتاب والسنة فالرد والإمساك ورد بهما الكتاب بقوله سبحانه : { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك } وقال : { فأمسكوهن بمعروف } يعني الرجعة والرجعة وردت بها السنة بقول النبي A : [ مره فليراجعها ] وقد اشتهر هذا الاسم فيها بين أهل العرف كاشتهار اسم الطلاق فيه فإنهم يسمونها رجعة والمرأة رجعية ويتخرج أن يكون لفظها هو الصريح وحده لاشتهاره دون غيره كقولنا في صريح الطلاق والاحتياط أن يقول راجعت امرأتي إلى نكاحي أو زوجتي أو راجعتها لما وقع عليها من طلاقي فإن قال نكحتها أو تزوجتها فهذا ليس بصريح فيها لأن الرجعة ليست بنكاح وهل تحصل به الرجعة ؟ فيه وجهان : .
أحدهما : لا تحصل به الرجعة لأن هذا كناية والرجعة استباحة بضع مقصود ولا تحصل بالكناية كالنكاح .
والثاني : تحصل به الرجعة أومأ إليه أحمد واختاره ابن حامد لأنه تباح به الأجنبية فالرجعية أولى وعلى هذا يحتاج أن ينوي به الرجعة لأن ما كان كناية تعتبر له النية ككنايات الطلاق .
فصل : فإن قال راجعتك للمحبة أو قال للإهانة وقال أردت أنني راجعتك لمحبتي إياك أو إهانة لك صحت الرجعة لأنه أتى بالرجعة وبين سببها وإن قال أردت أنني كنت أهنتك أو أحبك وقد رددتك بفراقي إلى ذلك فليس برجعة وإن أطلق ولم ينو شيئا صحت الرجعة ذكره القاضي لأنه أتى بصريح الرجعة وضم إليه ما يحتمل أن يكون بيانا لسببها ويحتمل غيره فلا يزول اللفظ عن مقتضاه بالشك وهذا مذهب الشافعي .
فصل : ولا يصح تعليق الرجعة على شرط لأنه استباحة فرج مقصود فأشبه النكاح ولو قال راجعتك إن شئت لم يصح كذلك ولو قال كلما طلقتك فقد راجعتك لم يصح لذلك ولأنه راجعها قبل أن يملك الرجعة فأشبه الطلاق قبل النكاح وإن قال إن قدم أبوك فقد راجعتك لم يصح لأنه تعليق على شرط .
فصل : فإن راجعها في الردة من أحدهما فذكر أبو الخطاب انه لا يصح وهو صحيح مذهب الشافعي لأنه استباحة بضع مقصود فلم يصح مع الردة كالنكاح ولأن الرجعة تقرير للنكاح والردة تنافي ذلك فلم يصح اجتماعهما وقال القاضي : إن قلنا تتعجل الفرقة بالردة لم تصح الرجعة لأنها قد بانت بها وإن قلنا لا تتعجل الفرقة فالرجعة موقوفة إن أسلم المرتد منهما في العدة صحت الرجعة لأننا تبينا أنه ارتجعها في نكاحه ولأنه نوع إمساك فلم تمنع منه الردة كما لو لم يطلق وإن لم يسلم في العدة تبينا أن الفرقة وقعت قبل الرجعة وهذا قول المزني واختيار أبي حامد وهكذا ينبغي أن يكون فيما إذا راجعها بعد إسلام أحدهما