فصل : تعليق الطلاق على مستحيل .
فصل : فإن علق الطلاق على مستحيل فقال أنت طالق إن قتلت الميت أو شربت الماء الذي في الكوز ولا ماء فيه أو جمعت بين الضدين أو كان الواحد أكثر من اثنين أو على ما يستحيل عادة كقوله إن طرأت أو صعدت إلى السماء أو قلبت الحجر ذهبا أو شربت هذا النهر كله أو حملت الجبل أو شاء الميت ففيه وجهان : .
أحدهما : يقع الطلاق في الحال لأنه أردف الطلاق بما يرفع جملته ويمنع وقوعه في الحال .
وفي الثاني فلم يصح كاستثناء الكل كما لو قالت أنت طالق طلقة لا تقع عليك أو لا تنقص عدد طلاقك .
والثاني : لا يقع لأنه علق الطلاق بصفة لم توجد ولأن ما يقصد تبعيده يعلق على المحال كقوله : .
( إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب ) .
أي لا آتيهم وقيل إن علقه على ما يستحيل عقلا وقع في الحال لأنه لا وجود له فلم تعلق به الصفة وبقي مجرد الطلاق فوقع وإن علقه على مستحيل عادة كالطيران وصعود السماء لم يقع لأنه له وجود وقد وجد جنس ذلك في معجزات الأنبياء عليهم السلام وكرامات الأولياء فجاز تعليق الطلاق به ولم يقع قبل وجوده فأما إن علق طلاقها على نفي فعل المستحيل فقال أنت طالق إن لم تقتلي الميت أو تصعدي السماء طلقت في الحال لأنه علقه على عدم ذلك وعدمه معلوم في الحال .
وفي الثاني فوقع الطلاق كما لو قال أنت طالق إن لم أبع عبدي فمات العبد وكذلك لو قال أنت طالق لأشربر الماء الذي في الكوز ولا ماء فيه أو لأقتلن الميت وقع الطلاق في الحال لما ذكرناه وحكى أبو الخطاب عن القاضي أنه لا يقع طلاقه كما لو حلف ليصعدن السماء أو ليطيرن فإنه لا يحنث والصحيح أنه يحنث فإن الحالف على فعل الممتنع كاذب حانث قال الله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت } - إلى قوله - { وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين } ولو حلف على فعل متصور فصار ممتنعا حنث بذلك فلأن يحنث بكونه ممتنعا حال يمينه أولى