فصول : حكم تعليق الطلاق بزمن أو صفة أو شرط ونحوه .
فصل : وإذا أوقع الطلاق في زمن أو علقه بصفة يعلق بها ولم يقع حتى تأتي الصفة والزمن وهذا قول ابن عباس و عطاء و جابر بن زيد و النخعي و أبي هاشم و الثوري و الشافعي و إسحاق و أبي عبيد وأصحاب الرأي وقال سعيد بن المسيب و الحسن و الزهري و قتادة و يحيى الأنصاري و ربيعة و مالك : إذا علق الطلاق بصفة تأتي لا محالة كقوله أنت طالق إذا طلقت الشمس أو دخل رمضان طلقت في الحال لأن النكاح لا يكون مؤقتا بزمان ولذلك لا يجوز أن يتزوجها شهرا .
ولنا أن عباس كان يقول في الرجل يقول لا مرأته أنت طالق إلى رأس السنة قال : يطأ فيما بينه وبين رأس السنة ولأنه إزالة ملك يصح تعليقه بالصفات فمتى علقه بصعة لم يقع قبلها كالعتيق فإنهم سلموه وقد احتج أحمد بقول أبي ذر إن لي إبلا يرعاها عبد لي وهو عتيق إلى الحول ولأنه تعليق للطلاق بصفة لم توجد فلم يقع كما لو قال : أنت طالق إذا قدم الحاج وليس هذا توقيتا للنكاح وإنما هو توقيت للطلاق وهذا لا يمنع كما أن النكاح لا يجوز أن يكون معلقا بشرط والطلاق يجوز فيه التعليق .
فصل : ولو قال : أنت طالق إلى شهر كذا أو سنة كذا فهو كما لو قال : في شهر كذا أو سنة كذا ولا يقع الطلاق إلا في أول ذلك الوقت وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة : يقع في الحال لأن قوله أنت طالق إيقاع في الحال وقوله إلى شهر كذا يأقيت له وغاية وهو لا يقبل التأقيت فبطل التأقيت ووقع الطلاق .
ولنا قول ابن عباس وقول أبي ذر ولأن هذا يحتمل أن يكون توقيتا لإيقاعه كقول الرجل أنا خارج إلى سنة أي بعد سنة وإذا احتمل الأمرين لم يقع الطلاق بالشك وقد يرجح ما ذكرناه من وجهين : أحدهما : أنه جعل للطلاق غاية ولا غاية لآخره وإنما الغاية لأوله .
الثاني : أن ما ذكرناه عمل باليقين وما ذكروه أخذ بالشك فإن قال : أردت أنها طالق في الحال إلى سنة كذا وقع في الحال لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ ولفظه يحتمله وإن قال : أنت طالق من اليوم إلى سنة طلقت في الحال لأن من لابتداء الغاية فيقتضي أن طلاقها من اليوم فإن قال : أردت أن عقد الصفة من اليوم ووقوعه بعد سنة لم يقع إلا بعدها وإن قال أردت تكرير وقوع طلاقها من حين لفظت به إلى سنة طلقت من ساعتها ثلاثا إذا كانت مدخولا بها قال أحمد : أنت طالق من اليوم إلى سنة يريد التوكد وكثرة الطلاق فتلك طالق من ساعتها .
فصل : إذا قال : أنت طالق في آخر أول الشهر طلقت في آخر أول يوم منه لأنه أوله وإن قال : في أول آخره طلقت في أول آخر يوم منه لأنه آخره وقال أبو بكر في الأولى تطلق بغروب الشمس من اليوم الخامس عشر منه وفي الثانية تطلق بدخول أول ليلة السادس عشر منه لأن الشهر نصفان أول وآخر : فآخر أوله يلي أول آخره وهذا قول أبي العباس بن شريح وقال : أكثرهم كقولنا وهو أصح فإن ما عدا اليوم الأول لا يسمى أول الشهر ويصح نفيه عنه وكذلك لا يسمى أوسط الشهر آخره ولا يفهم ذلك من إطلاق لفظه فوجب أن لا يصرف كلام الحالف إليه ولا يحمل كلامه عليه .
فصل وإذا قال : إذا مضت سنة فأنت طالق أو أنت طالق إلى سنة فإن ابتداء السنة من حين حلف إلى تمام اثني عشر شهرا بالأهلة لقوله تعالى { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } فإن حلف في أو ل الشهر فإذا مضى اثنا عشر شهرا وقع طلاقه وإن حلف في اثناء شهر عدد ما بقي منه ثم حسبت بعد بالأهلة فإذا مضت أحد عشر شهرا نظرت ما بقي من الشهر الأول فكملته ثلاثين يوما لأن الشهر اسم لما بين هلالين فإن تفرق كان ثلاثين يوما وفيه وجه آخر أنه تعتبر الشهور كلها بالعدد نص عليه أحمد فيمن نذر صيام شهرين متتابعين فاعترض الأيام ؟ قال يصوم ستين يوما وإن ابتدأ من شهر فصام شه9رين فكانا ثمانية وخمسين يوما أجزأه وذلك انه لما صام نصف شهر وجب تكميله من الذي يليه فكان ابتداء الثاني من نصفه أيضا فوجب الاعتبار بها كما لو كانت يمينه في أول شهر ولا يلزم أن يتم الأول من الثاني بل يتمه من آخر الشهور وإن قال : أردت بقولي سنة إذا انسلخ ذو الحجة قبل لأنه يقر على يفسه بما هو أغلظ وإن مضت السنة فأنت طالق طلقت بانسلاخ ذي الحجة لأنه لما عرفها بلام التعريف انصرف إلى السنة المعروفة التي آخرها ذو الحجة فإن قال : أردت بالسنة اثني عشر شهرا قبل لأن السنة إسم لها حقيقة .
فصل : فإن قال : أنت طالق في كل سنة طلقة فهذه صفة صحيحة لأنه يملك إيقاعه في كل سنة فإذا جعل ذلك صفة جاز ويكون ابتداء المدة عقيب يمينه لأن كل أجل ثبت بمطلق العقد ثبت عقيبه كقوله والله لا كلمتك سنة فيقع في الحال طلقة لأنه جعل السنة ظرفا للطلاق فتقع الأولى في أول جزء منها وتقع الثانية في أول الثانية والثالثة في أول الثالثة إن دخلتا عليها وهي في نكاحه لكونها لم ينقض عدتها أو ارتجعها في عدة الطلقة الأولى وعدة الثانية أو جدد نكاحها بعد أن بانت فإن انقضت عدتها فبانت منه ودخلت السنة الثانية وهي بائن لم تطلق لكونها غير زوجة فإن تزوجها في أثناءها اقتضى قول أكثر أصحابنا وقوع الطلاق عقيب تزويجه لها لأنه جزء من السنة القانية التي جعلها ظرفا للطلاق ومحلاله وكان سبيله أن تقع في أولها فمنع منه كونها غير محل الطلاق لعدم نكاحه حينئذ فإن عادت الزوجية وقع في أولها وقال القاضي : تطلق بدخوق السنة الثالثة وعلى قول التميمي ومن وافقة تنحل الصفة بوجودها في حال البينونة فلا يعود بحال وإن لم يتزوجها حتى دخلت السنة الثالثة ثم نكحها طلقت عقيب تزويجها ثم طلقت الثالثة بدخول السنة الرابعة وعلى قول القاضي لا يطلق إلا بدخول الرابعة ثم تطلق الثالثة بدخول الخامسة وعلى قول التميمي قد انحلت واختلف في مبدأ السنة الثانية فظاهر ما ذكره القاضي أن أولها بعد انقضاء اثني عشر شهرا من حين يمينه لأنه جعل ابتداء المدة حين يمينه وكذلك قال أصحاب الشافعي وقال أبو الخطاب : ابتداء السنة الثانية أول المحرم لأنها السنة المعروفة فإذا علق ما يتكرر على تكرر السنين انصرف إلى السنين المعروفة كقول الله تعالى : { أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام } وإن قال : أردت بالسنة اثنى عشرا قبل لأنها سنة حقيقة وإن قال : نويت أن ابتداء السنين أول السنة الجديدة من المحرم دين قال القاضي : ولا يقبل منه في الحكم لأنه خلاف الظاهر والأولى أن يخرج على روايتين لأنه محتمل مخالف للظاهر .
فصل : إذا قال : أنت طالق إذا رأيت هلال رمضان طلقت برؤية الناس له في أول الشهر وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : لا تطلق إلا أن يراه لأنه علق الطلاق برؤية نفسه فأشبه ما لو علقه على رؤية زيد .
ولنا أن الرؤية للهلال في عرف الشرع العلم به في أول الشهر بدليل قوله عليه السلام : [ إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا ] والمراد به رؤية البعض وحصول العلم فانصرف لفظ الحالف إلى عرف الشرع كما لو قال : إذا صليت فأنت طالق فإنه ينصرف إلى الصلاة الشرعية لا إلى الدعاء وفارق رؤية زيد فإنه لم يثبت له عرف شرعي يخالف الحقيقة وكذلك لو لم يره أحد لكن ثبت الشهر بتمام العدد طلقت لأنه قد علم طلوعه بتمام العدد وإن قال : أردت إذا رأيته بعيني قبل لأنها رؤية حقيقة وتتعلق الرؤية برؤية الهلال بعد الغروب فإن رأى قبل ذلك لك تطلق لأن هلال الشهر ما كان في أوله ولأننا جعلنا رؤية الهلال عبارة عن دخول أول الشهر ويحتمل أن تطلق برؤيته فيل الغروب لأنه يسمى رؤية والحكم متعلق به في الشرع فإن قال : أردت إذا رأيته أنا بعيني فلم يره حتى أقمر لم بطلق لأنه ليس بهلال واختلف فيما يصير به قمرا فقيل بعد ثالثة وقيل إذا استدار وقيل إذا بهر ضوؤه .
فصل : قال أحمد : إذا قال لها أنت طالق ليلة القدر يعتزلها إذا دخل العشر وقبل العشر أهل المدينة يرونها في السبع عشرة إلا أن المثبت عن النبي A في العشر الأواخر إنما أمره باجتنابها في العشر لأن النبي A أمر بالتماس ليلة القدر في العشر الأواخر فيحتمل أن تكون أول ليلة منه ويمكن أن هذا منه على سبيل الاحتياط ولا يتحقق حنثه إلى آخر ليلة من الشهر لاحتمال أن تكون هي تلك الليلة .
فصل : وإذا علق طلاقها على شرط مستقبل ثم قال : عجلت لك تلك الطلقة لم تتعجل لأنها معلقة بزمن مستقبل فلم يكن له إلى تغييرها سبيل وإن أراد تعجيل طلاق سوى تلك الطلقة وقعت بها طلقة فإذا جاء الزمن الذي علق الطلاق به وهي في حباله وقع بها الطلاق المعلق .
فصل : إذا قال : أنت طالق غدا إذا قدم زيد لم تطلق حتى يقدم لأن إذا اسم زمن مستقبل فمعناه أنت طالق غدا وقت قدوم زيد وإن لم يقدم زيد في غد لم تطلق وإن قدم بعده لأنه قيد طلاقها بقدوم مقيد بصفة فلا فلا يأت وهي محل للطلاق فلم تطلق كما لو ماتت قبل دخول ذلك اليوم وإن قال أنت طالق يوم يقدم زيد فقدم ليلا لم تطلق لأنه لم يوجد الشرط إلا أن يريد باليوم الوقت فتطلق وقت قدومه لأن الوقت يسمى يوما قال الله تعالى : { ومن يولهم يومئذ دبره } وإن ماتت المرأة غدوة وقدم زيد ظهرا ففيه وجهان : .
أحدهما نتبين أن طلاقها وقع من أول اليوم لأنه لو قال : أنت طالق يرم الجمعة طلقت من أوله فكذا إذا قال : أنت طالق يوم يقدم زيد ينبغي أن تطلق بطلوع فجره .
والثاني : لا يقع الطلاق لأن شرطه قدوم زيد ولم يوجد إلا بعد موت المرأة فلم يقع بخلاف يوم الجمعة فإن شرط الطلاق مجيء يوم الجمعة وقد وجد وههنا شرطان فلا يؤخد بأحدهما والأول أولى وليس هذا شرطا إنما هو بيان للوقت الذي يقع فيه الطلاق معرفا بفعل يقع فيه فيقع في أوله كقوله : أنت طالق اليوم الذي نصلي فيه الجمعة ولو مات الزوجان قبل قدوم زيد كان الحكم كما لو ماتت المرأة ولو قال : أنت طلق في شهر رمضان إن قدم زيد فقدم فيه خرج فيه وجهان .
أحدهما : لا تطلق حتى يقدم زيد لأن قدومه شرط فلا يتقدمه المشروط بدليل ما لو قال : أنت طالق أن قدم زيد فإنها لا تطلق قبل قدومه بالاتفاق وكما لو قال : إذا قدم زيد .
والثاني : أنه قدم زيد تبينا وقوع الطلاق من أول الشهر قياسا على المسألة التي قبل هذه .
فصل : إذا قال : أنت طالق اليوم وطالق غدا طلقت واحدة لأن من طلقت اليوم فهي طالق غدا وإن قال أردت أن تطلق اليوم وتطلق غدا طلقت طلقتين في اليومين وإن قال : أردت أنها تطلق في أحد اليومين طلقت اليوم ولم تطلق غدا لأنه جعل الزمان كله ظرفا لوقوع الطلاق فوقع في أوله وإن قال : أردت نصف طلقة اليوم ونصف طلقة اليوم وباقيها غدا احتمل ذلك أيضا واحتمل أن لا تطلق إلا واحدة لأنه قال : نصفها كملت اليوم كلها فلم يبق لها بقية تقع غدا ولم يقع شيء غيرها لأنه ما أوقعه وذكر القاضي هذا الاحتمال أيضا في المسألة الأولى أيضا وهو مذهب الشافعي وذكر أصحابه فيها الوجهين .
فصل : إذا قال : أنت طالق اليوم إذا جاء غد فاختار القاضي أن الطلاق يقع في الحال لأنه علقه بشرط محال علغا الشرط ووقع الطلاق كما لو قال لمن لا سنة لطلاقها ولا بدعة : أنت طالق غد إلا بعد فوات اليوم وذهاب محل الطلاق وهو قول أصحاب الشافعي .
فصل : إذا قال : أنت طالق أمس ولا نية له فظاهر كلام أحمد أن الطلاق لا يقع فروي عنه فيمن قال لزوجته أنت طالق أمس وإنما تزوجها اليوم ليس بشيء وهذا قول أبي بكر وقال القاضي في بعض كتبه يقع الطلاق وهو مذهب الشافعي لأنه وصف الطلقة بما لا تتصف به فلغت الصفة ووقع الطلاق كما لو قال لمن لا سنة لها ولا بدعة أنت طالق للسنة أو قال أنت طالق طلقة لا تلزمك ووجه الأول أن الطلاق رفع الاستباحة ولا يمكن رفعها في الزمن الماضي فلم يقع كما لو قال أنت طالق قبل قدوم زيد بيومين فقدم اليوم فإن أصحابنا لم يختلفوا في أن الطلاق لا يقع وهو قول أكثر أصحاب الشافعي وهذا طلاق في زمن ماض ولأنه علق الطلاق بمستحيل فلغا كما لو قال أنت طالق إ قلبت الحجر ذهبا وإن قال أنت طالق قبل أن أتزوجك فالحكم فيه كما لو قال أنت طالق أمس قال القاضي : ورأيت بخظ أبي بكر في جزء مفرد أنه قال إذا أنت طالق قبل أن أتزوجك طلقت ولو قال أنت طالق أمس لم يقع لأن أمس لا يمكن ونوع الطلاق فيه وقبل تزويجها متصور الوجود فإنه يمكن أن يتزوجها ثانيا وهذا الوقت قبله فوقع في الحال كما لو قال أنت طالق قبل قدوم زيد وإن قصد بقوله أنت طالق أمس أو قبل أن أتزوجك إيقاع الطلاق في الحال مستندا إلى ذلك الزمان وقع في الحال وإن أراد الإخبار أنه كان قد طلقها هو أو زوج قبله في ذلك الزمان الذي ذكره وكان قد وجد ذلك قبل منه وإن لم يكن وجد وقع طلاقه ذكره أبو الخطاب وقال القاضي : يقبل على ظاهر كلام أحمد لأنه فسره بما يحتمله ولم يشترط الوجود وإن أراد الي كنت طلقتك أمس فكذبته لزمته الطلقة وعليها العدة من يومها لأنها اعترفت أن أمس لم يكن من عدتها وإن مات ولم يبين مراده فعلى وجهين بناء على اختلاف القولين في المطلق إن قلنا لا يقع به شيء لم يلزمه ههنا شيء وإن قلنا بوقوعه ثم وقع ههنا .
فصل : وإن قال لزوجته أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم بعد شهر وجزء يقع الطلاق فيه تبينا أن طلاقه وقع قبل الشهر لأنه إيقاع للطلاق بعد عقده وبهذا قال الشافعي و زفر وقال أبو حنيفة وصاحباه : يقع الطلاق عند قدوم زيد لأنه جعل الشهر شرطا لوقوع الطلاق فلا يسبق الطلاق شرطه .
ولنا أنه أوقع الطلاق في زمن على صفة فإذا حصلت الصفة وقع فيه كما لو قال أنت طالق قبل رمضان بشهر أو قبل موتك بشهر فإن أبا حنيفة خاصة يسلم ذلك ولا يسلم أنه جعل الشهر شرطا وليس فيه حرف شرط وإن قدم قبل مضي شهر لم يقع بغير اختلاف بين أصحابنا وهو قول أكثر أصحاب الشافعي لأنه تعليق للطلاق على صفة كان وجودها ممكنا فوجب اعتبارها وإن قدم زيد مع مضي الشهر لم تطلق لأنه لابد من جزء يقع الطلاق فيه فإن خالعها بعد تعليق طلاقها بيوم ثم قدم زيد بعد الخلع بشهر وساعة تبينا أن الخلع وقع صحيحا ولم يقع الطلاق لأنه صادفها بائنا وإن قدم بعد عقد الصفة بشهر وساعة وقع الطلاق وبطل الخلع ولها الرجوع بالعوض إلا أن يكون الطلاق رجعيا لأن الرجعية يصح خلعها وإن كانت بحالها فمات أحدهما بعد عقد الصفة بيوم ثم قدم زيد بعد شهر وساعة من حين عقد الصفة لم يرث أحدهما الآخر لأنا تبينا أن الطلاق كان قد وقع قبل موت الميت منها فلم يرثه صاحبه إلا أن يكون الطلاق رجعيا فإنه لا يقطع التوارث ما دامت في العدة فإن قدم بعد الموت بشهر وساعة تبينا أن الفرقة وقعت بالموت ولم يقع طلاق فإن قال أنت طالق قبل موتي بشهر فمات أحدهما قبل مضي شهر لم يقع طلاق لأن الطلاق لا يقع في الماضي وإن مات بعد عقد اليمين بشهر وساعة تبينا وقوع الطلاق في تلك الساعة ولم يتوارثا إلا أن يكون الطلاق رجعيا ويموت في عدتها وإن قال أنت طالق قبل موتي ولم يزد شيئا طلقت في الحال لأن ما قبل موته من حين عقد الصفة محل للطلاق فوقع في أوله وإن قال قبل موتك أو موت زيد فكذلك وإن قال أنت طالق قبل قدوم زيد أو قبل دخولك الدار فقال القاضي : تطلق في الحال سواء قدم زيد أو لم يقدم بدليل قول الله تعالى : { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها } ولم يوجد الطمس في المأمورين ولو قال لغلامه : اسقني قبل أن أضربك فسقاه في الحال عد ممتثلا وإ لم يضر به ولو قال أنت طالق قبيل موتي أو قبيل قدوم زيد لم يقع في الحال وإنما يقع ذلك في الجزء الذي يلي الموت لأن ذلك تصغير يقتضي الصفة بأولهما موتا لأن اعتباره بالثاني يفضي إلى وقوعه بعد موت الأول وأعتباره بالأول لا يفضي إلى ذلك فكان أولى