مسألة وفصول : التخيير على الفور أو في مدة معينة .
مسألة : قال : وليس لها أن تختار أكثر من واحدة إلا أن يجعل إليها أكثر .
من ذلك .
وجملة الأمر أن لفظة التخيير لا تقتضي بمطلقها أكثر من تطليقة وجعية قال أحمد : هذا قول ابن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وعمر وعائشة Bهم وروي ذلك عن جابر وعبد الله بن عمرو وقال أبو حنيفة : هي واحدة بائن وهو قول ابن شبرمة لأن اختيار نفسها يقتضي زوال سلطانه عنها ولا يكون إلا بالبينونة وقال مالك هي ثلاث في المدخول بها لأن المدخول بها لا تبين بأقل من ثلاث إلا أن تكون بعوض ولنا إجماع الصحابة Bهم فإن من سمينا منهم قالوا إن اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق بها رواه النجاد عنهم بأسانيده ولأن قوله اختاري تفويض مطلق فيتناول أقل ما يقع عليه الاسم وذلك طلقة واحدة ولا يجوز أن تكون بائنا لأنها طلقة بغير عوض لم يكمل لها العدد بعد الدخول فأشبه ما لو طلقها واحدة ويخالف قوله أمرك بيدك فإنه للعموم فإنه اسم جنس فيتناول جميع أمرها ولكن إن جعل إليها أكثر من ذلك فلها ما جع إليها سواء جعله بلفظه مثل أن يقول اختاري ما شئت أو اختاري الطلقات الثلاث إن شئت فلها أن تختار ذلك فإن قال اختاري من الثلاث ما شئت فلها أن تختار واحدة أو اثنتين وليس لها اختيار الثلاث بكمالها لأن من للتبعيض فقد جعل لها اختيار بعض الثلاث فلا يكون لها اختيار الجميع أو جعله نيته وهو أن ينوي بقوله اختاري عددا فإنه يرجع إلى ما نواه لأن قوله اختاري كناية خفية فيرجع في قدر ما يقع بها إلى نيته كسائر الكنايات الخفية فإن نوى ثلاثا أو اثنتين أو واحدة فهو على ما نوى وإن أطلق النية فهي واحدة وإن نوى ثلاثا فطلقت أقل منها وقع ما طلقته لأنه يعتبر قولهما جميعا فيقع ما اجتمعا عليه كالوكيلين إذا طلق واحد منهما واحدة والآخر ثلاثا .
فصل : وإن خيرها فاختارت زوجها أو ردت الخيار أو الأمر لم يقع شيء نص عليه أحمد في رواية الجماعة وروي ذلك عن عمر وعلي وزيد وابن مسعود وابن عباس وعمر بن عبد العزيز و ابن شبرمة و ابن أبي ليلى و الثوري و الشافعي و ابن المنذر وعن الحسن تكون واحدة رجعية وروي ذلك عن علي ورواه إسحاق بن منصور عن أحمد قال فإن اختارت زوجها فواحدة يملك الرجعة وإن اختارت نفسها فثلاث قال أبو بكر : انفرد بها إسحاق بن منصور والعمل على ما رواه الجماعة ووجه هذه الرواية أن التخيير كناية نوى بها الطلاق فوقع بها بمجردها كسائر كناياته وكقوله انكحي من شئت .
ولنا [ قول عائشة قد خيرنا رسول الله A فكان طلاقا وقالت : لما أمر النبي A بتخيير أزواجه بدأ بي فقال : إني لمخبرك خبرا فلا عليك أن تعجلي حتى تستأمري أبويك - ثم قال - إن الله تعالى قال : { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها } - حتى بلغ - { إن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما } فقالت في أي هذا استأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة قالت : ثم فعل أزواج النبي A مثل ما فعلت ] متفق عليهما ما أبالي خيرت امرأتي واحدة أو مائة أو ألفا بعد أن تختارني ولأنها مخيرة اختارت النكاح فلم يقع بها الطلاق كالمعتقة تحت عبد فأما إن قالت اخترت نفسي إلى نيتها لأنه لفظ كناية منها فإن نوى أحدهما دون الآخر لم يقع لأن الزوج إذا لم ينو فوض إليها الطلاق فلا يصح أن يوقعه وإن نوى ولم تنوهي فقد فوض إليها الطلاق فما أوقعته فلم يقع شيء كما لو وكل وكيلا في الطلاق فلم يطلق وإن نويا جميعا وقع ما نوياه من العدد اتفقا فيه وإن نوى أحدهما أقل من الآخر وقع الأقل لأن ما زاد انفرد به أحدهما فلم يقع .
فصل : وإن قال أمرك بيدك أو اختاري فقالت قبلت لم يقع شيء لأن أمرك بيدك توكيل فقولها في جوابه : قبلت ينصرف إلى قبول الوكالة فلم يقع شيء كما لو قال لأجنبي أمر امرأتي بيدك فقال : قبلت وقوله اختاري في معناه وكذلك في معناه وكذلك إن قالت : أخذت أمري نص عيهما أحمد في رواية ابراهيم بن هانىء إذا قال لامرأته : أمرك بيدك فقالت : قبلت ليس بشيء حتى تبين وقال : إذا قالت : أخذت أمري ليس بشيء قال وإذا قال لامرأته اختاري فقالت قبلت نفسي أو قالت اخترت نفسي كان أبين قال القاضي : ولو قالت اخترت ولم تقل نفسي لم تطلق وإن نوت ولو قال الزوج اختاري وبم يقل نفسك ولم ينوه لم تطلق ما لم تذكر نفسها ما لم يكن في كلام الزوج أو جوابها ما يصرف الكلام إليه لأن ذلك في حكم التفسير فإذا عوى عن ذلك لم يصح وإن قالت : اخترت زوجي أو اخترت البقاء على النكاح أو رددت الخيار أو رددت عليك سفهتك بطل الخيار وإن قالت : اخترت أهلي أو أبوي وقع الطلاق لأن هذا يصلح كناية من الزوج فيما إذا قال : الحقي بأهلك فكذلك منها وإن قالت : اخترت الأزواج فكذلك لأنهم لا يحلون إلا بمفارقة هذا الزوج ولذلك كان كناية منه في قوله : انكحي من شئت .
فصل : فإن كرر لفظة الخيار فقال : اختاري اختاري اختاري فقال أحمد : إن كان إنما يردد علنها ليفهمها وليس نيته ثلاثا فني واحدة وإن كان أراد بذلك ثلاثا فهي ثلاث فرد الأمر إلى نيته في ذلك وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا قبلت وقع ثلاثا لأنه كرر ما يقع به الطلاق فتكرر كما لو كرر الطلاق .
ولنا أنه يحتمل التأكيد فإذا قصده قبل منه كما لو قال : أنت طالق وإن أطلق فقد روي عن أحمد ما يدل على أنها واحدة يملك الرجعة وهذا اختيار القاضي ومذهب عطاء و أبي ثور لأن تكرر لا يزيد به الخيار كشرط الخيار في البيع ئن وروي عن أحمد إذا قال لامرأته : اختاري فقالت : اخترت نفسي هي واحدة إلا أن يقول : اختاري اختاري اختاري وهذا يدل على أنها تطلق ثلاثا ونحوه قال الشعبي و النخعي وأصحاب الرأي و مالك لأن اللفظة الواحدة تقتضي طلقة فإذا تكررت اقتضت ثلاثا كلفظة الطلاق .
فصل : فإن قال لزوجته : طلقي نفسك ونوى عددا فهو على ما نوى وإن أطلق من غير نية لم يملك إلا واحدة لأن الأمر المطلق يتناول أقل ما يقع عليه الاسم وكذلك الحكم لو وكل أجنبيا فقال طلق زوجتي فالحكم على ما ذكرناه قال أحمد : إذا قال لامرأته طلقي نفسك ونوى ثلاثا فطلقت نفسها ثلاثا فهي ثلاث وإن كان ونوى واحدة فهي واحدة وذلك لأن الطلاق يكون واحدة وثلاثا فأيهما نواه فقد نوى بلفظه ما احتمله وإن لم ينو تناول اليقين وهو الواحدة فإن طلقت نفسها أو طلقها الوكيل في المجلس أو بعده وقع الطلاق لأنه توكيل قال القاضي : إذا قال لها طلقي نفسك تفيد بالمجلس لأنه تفويض للطلاق إليها فتقيد بالمجلس كقوله اختاري .
ولنا أنه توكيل في الطلاق فكان على التراخي كتوكيل الأجنبي وكقوله أمرك بيدك وفارق اختاري فإنه تخيير وما ذكروه ينتقض بقوله أمرك بيدك ولها أن توقع الطلاق بلفظ الصريح وبالكناية مع النية وقال بعض أصحاب الشافعي : ليس لها أن توقعه بالكناية لأنه فوضه إليها بلفظ الصريح فلا يصح أن توقع غير ما فوض إليها .
ولنا أنه فوض إليها الطلاق وقد أوقعته كما لو أوقعته بلفظ الصريح وما ذكره صحيح فإن التوكيل في شيء لا يقتضي أن يكون إيقاعه بلفظ الأمر من جهته كما لو قال لوكيله بع داري جاز له بيعها بلفظ االتمليك وإن قال لها طلقي ثلاثال فطلقت واحدة وقع نص عليه وقال مالك لا يقع شيء لأنها لم تمتثل أمره .
ولنا أنها ملكت إيقاع ثلاث فملكت إيقاع واحدة كالموكل ولأنه لو قال وهبتك هؤلاء العبيد الثلاثة فقال : قبلت واحدا منهم صح كذا ههنا وإن قال طلقي واحدة فطلقت ثلاثا وقعت واحدة نص عليه أيضا وبه قال مالك و الشافعي وقال أبو حنيفة : لا يقع شيء لأنها لم تأت بما يصلح قبولا فلم يصح كما لو قال بعتك نصف هذا العبد فقال : قبلت البيع في جميعه .
ولنا أنها أوقعت طلاقا مأذونا فيه وغيره فوقع المأذون فيه دون غيره كما لو قال طلقي نفسك فطلقت نفسها وضرائرها فإن قال طلقي نفسك فقالت أنا طالق إن قدم زيد لم يصح لأن إذنه انصرف إلى المجز فلم يتناول المعلق على شرط وحكم توكيل الأجنبي في الطلاق كحكمها في ما ذكرناه كله .
فصل : نقل عنه أبو الحارث إذا قال طلقي نفسك طلاق السنة قالت : قد طلقت نفسي ثلاثا هي واحدة وهو أحق برجعتها إنما كان كذلك لأن التوكيل بلفظ يتناول أقل ما يقع عليه اللفظ وهو طلقة واحدة سيما وطلاق السنة في الصحيح طلقة واحدة في طهر لم يصبها فيه .
فصل : ويجوز أن يجعل أمر امرأته بيدها بعوض وحكمه حكم ما لا عوض له في أن له الرجوع فيما جعل لها وانه يبطل بالوطء قال أحمد إذا قالت امرأته اجعل أمري بيدي وأعطيك عبدي هذا قبض العبد وجعل أمرها بيدها فلها أن تختار ما لم يطأها أو ينقضه وذلك لأنه توكيل والتوكيل لا يلزم بدخول العوض فيه وكذلك التمليك بعوض لا يلزم ما لم يتصل به القبول كالبيع .
فصل : إذا اختلفا فقال الزوج لم أنو الطلاق بلفظ الاختيار وأمرك بيدك وقالت بل نويت كان القول قوله لأنه أعلم بنيته ولا سبيل إلى معرفته إلا من جهته ما لم يكن جواب سؤال أو معها دلالة حال .
وإن قال لم تنو الطلاق باختيار نفسك وقالت بل نويت فالقول قولها لما ذكرنا وإن قالت قد اخترت نفسي وأنكر وجود الاختيار منها فالقول قوله لأنه منكر له وهو مما يمكنه علمه وتمكنها إقامة البينة عليه فأشبه ما لو علق طلاقها على دخول الدار فادعته فأنكره .
فصل : إذا قال لزوجته أنت علي حرام وأطلق فهو ظهار وقال الشافعي لا شيء عليه وله قول آخر عليه كفارة يمين وليس بيمين وقال أبو حنيفة : هو يمين قد روي ذلك عن أبي بكر وعنر بن الخطاب وابن مسعود Bهم وقال سعيد : حدثنا خالد بن عبد الله عن جويبر عن الضحاك أن أبا بكر وعمر وابن مسعود قالوا في الحرام يمين وبه قال ابن عباس و سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعن أحمد ما يدل على ذلك لأن الله تعالى قال : { لم تحرم ما أحل الله لك } ثم قال : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } وقال ابن عباس قوله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } ولأنه تحريم للحلال أشبه تحريم الأمة .
ولنا أنه تحريم للزوجة بغير طلاق فوجبت به كفارة الظاهر كما لو قال أنت فلي حرام كظهر أمي فأما إن نوى غير الظهار عثمان بن عفان وابن عباس وأبو قلابة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران والبتي روى الأثرم تإسناده عن ابن عباس في الحرام أنه تحرير رقبة فإن لن يجد فصيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا ولأنه صريح في تحريمها فكان ظهارا وإن نوى غيره كقوله أنت علي كظهر أمي وعن أحمد أنه إذا نوى الطلاق كان طلاقا إذا قال : ما أحل الله علي حرام يعني به الطلاق أخاف أن يكون ثلاثا ولا أفتى به وهذا مثل قوله في الكنايات الظاهرة فكأنه من كنايات الطلاق يقع به الطلاق إذا نواه ونقل عنه البغوي في رجل قال لامرأته أمرك بيدك فقالت : أنا عليك حرام فقد حرمت عليه فجعله منها كناية في الطلاق فكذلك من الجل واختاره ابن عقيل وهو مذهب أبي حنيفة و الشافعي وروي ذلك عن ابن مسعود وممن وري عنه أنه طلاق ثلاث علي وزيد بن ثابت وأبو هريرة و الحسن البصري و ابن أبي ليلى وهو مذهب مالك في المدخول بها لأن الطلاق نوع تحريم فصح أن يكنى به عنه كقوله أنت بائن فأما إن لم ينو الطلاق فلا يكون طلاقا بحال لأنه ليس بصريح في الطلاق فإذا لم ينو معه لم يقع به طلاق كسائر الكنايات .
وإن قلنا إنه كناية في الطلاق ونوى به فحكمه حكم الكنايات الظاهرة على ما مضى من الاختلاف فيها وهو قول مالك و أبي حنيفة و الشافعي كل على أصله ويمكن حمله على الكنايات الخفية إذا قلنا إن الرجعة محرمة لأن أقل ما تحرم به الزوجة طلقة رجعية فحمل على اليقين وقد روي عن أحمد ما يدل عليه فإنه قال إذا قال أنت علي حرام أعني به طلاقا فهي واحدة وروي هذا عن عمر بن الخطاب Bه و الزهري وقد روي عن مسروق و أبي سلمة بن عبد الرحمن و الشعبي ليس بشيء لأنه قول هو كاذب فيه وهذا يبطل بإظهار فإنه منكر من القول وزور وقد وجبت الكفارة ولأن هذا إيقاع للطلاق فأشبه قوله أنت بائن أو أنت طالق وروي عن أحمد أنه إذا نوى اليمين كان فإنه قال في رواية مهنا إنه إذا قال أنت علي حرام ونوى يمينا ثم تركها أربعة أشهر قال هو يمين وإنما الإيلاء أن يحلف بالله أو لا يقرب امرأته فظاهر هذا أنه إذا نوى اليمين كانت يمينا وهذا مذهب ابن مسعود وقول أبي حنيفة و الشافعي وممن روي عنه : عليه كفارة يمين أبو بكر الصديق وعمر وابن عباس وعائشة و سعيد بن المسيب والحسن و عطاء و طاوس و سليمان بن يسار و قتادة و الأوزاعي وفي المتفق عليه عن سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس يقول إذا حرم الرجل عليه امرأته فهي يمين يكفرها وقال : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } ولأن الله تعالى قال : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } فجعل الحرام يمينا ومعنى قوله نوى يمينا والله أعلم أنه نوى بقوله أنت علي حرام ترك وطئها واجتنابها وأقام ذلك مقام قوله والله لا وطئتك .
فصل : وإن قال أنت علي حرام أعني به الطلاق فهو طلاق رواه الجماعة عن أحمد وروى عنه أبو عبد الله النيسابوري أنه قال إذا قال أنت علي حرام أريد به الطلاق كنت أقول إنها طالق يكفر كفارة الظهار وهذا كأنه رجوع عن قوله إنه طلاق ووجه أنه صريح في الظهار فلم يصر طلاقا بقوله أريد به الطلاق كما لو قال : أنت علي كظهر أمي أعني به الطلاق قال القاضي : ولكن جماعة أصحابنا عللا أنه طلاق وهي الرواية المشهورة التي رواها عنه الجماعة لأنه صرح بلفظ الطلاق فكان طلاقا كما لو ضربها وقال هذا طلاقك وليس هذا صريحا في الظهار إنما هو صريح في التخريم والتحريم يتنوع إلى تحريم بالظاهر وإلى تحريم بالطلاق فإذا بين بلفظه إرادة تحريم الطلاق وجب صرفه إليه وفارق قوله أنت علي كظهر أمي فإنه صريح في الظهار وهو تخريم لا يرتفع إلا بالكفارة فلم يمكن جعل ذلك طلاقا بخلاف مسألتنا ثم إن قال أعني به الطلاق أو نوى به ثلاثا فهي ثلاث نص عليه أحمد لأنه أتى بالألف واللام التي للا ستغراق تفسيرا للتحريم فيدخل فيه الطلاق كله .
وإذا نوى الثلاث فقد نوى بلفظه ما يحتمله من الطلاق فوقع كما لو قال : أنت بائن وعنه لا يكون ثلاثا حتى ينوبها سواء كانت فيه الألف واللام أو لم تمن لأن الألف واللام تكون لغير الاستغراق في أكثر أسماء الأجناس وإن قال أعني له طلاقا فهو واحدة لأنه ذكره منكرا فيكون طلاقا واحدا نص عليه أحمد وقال في رواية حنبل : إذا قال أعني طلاقا فهي واحدة أو اثنتان إذا لم تكن فيه ألف ولام .
فصل : فإن قال : أنت علي كظهر أمي ونوى به الطلاق لم يكن طلاقا لأنه صريح في الظهار فلم يصلح كناية في الطلاق كما لا يكون الطلاق كفاية في الظهار ولأن الظهار تشبيه بمن هي محرمة على التابيد والطلاق يفيد تحريما غير مؤبد فلم تصلح الكناية بأحدهما عن الآخر ولو صرح به فقال أعني به الطلاق لم يصر طلاقا لأنه لا يصلح الكناية به عنه .
فصل : وإن قال : أنت : علي كالميته والدم ونوى به كان طلاقا لأنه يصلح أن يكون كناية فيه فإذا اقتربت به النية وقع به الطلاق ويقع به من عدد الطلاق مانواه فإن لم ينو شيئا وقعت واحدة لأنه من الكنايات الخفية وهذا حكمها وإن نوى به الظهار وهو أن يقصد تحريمها عليه مع ببقاء نكاحها احتمل أن يكون ظهارا كما قلنا في قوله أنت علي حرام واحتمل أن لا يكون ظهرا كما لو قال أنت علي كزهر البهيمة أو كظهر أمي وإن نوى اليمين وهو أن يريد بذلك وطئها لا تحريمها ولا طلاقها فهو يمين وإن لم ينو شيئا لم يكن طلاقا لأنه ليس بصريح في الطلاق ولا نواه به وهل يكون ظهارا أو يمينا على وجهين .
أحدهما : يكون ظهارا لأن معناه أنت حرام علي كالميتة والدم فإن تشبيهها بهما يقيضي التشبيه بهما في الأمر الذي اشتهرا به وهو التحريم لقول اله تعالى فيهما : { حرمت عليكم الميتة والدم } .
الثاني : يكون يمينا لأن الأصل براءة الذمة فإذا أتى بلفظ محتمل ثبت به أقل الحكمين لأنه اليقين وما زاد مشكوك فيه فلا نثبته بالشك ولا نزول عن الأصل إلا بيقين وعند الشافعن هو كقوله أنت علي حرام سواء