مسألة وفصلان : وقوع طلقة واحدة رجعية باختيار المرأة المخيرة نفسها .
مسألة : قال : فإن قالت اخترت نفسي فواحدة تملك الرجعة .
وجملة الأمر أن المملكة والمخيرة إذا قالت اخترت نفسي فهي واحدة رجعية روي ذلك عن عمر و ابن مسعود وابن عباس وبه قال عمر بن عبد العزيز و الثوري و ابن أبي ليلى و الشافعي و إسحاق و أبو عبيد و أبو ثور وروي عن علي أنها واحدة وبه قال أبو حنيفة وأصحابه لأن تمليكه إياها أمرها يقتضي زوال سلطانه عنها وإذا قبلت ذلك بالاختيار وجب أن يزول عنها ولا يحصل ذلك مع بقاء الرجعة وعن زيد بن ثابت أنها ثلاث وبه قال الحسن و مالك و لليث إلا أن مالكا قال إذا لم تمن مدخولا بها قبل منه إذا أراد واحدة المدخول بها يزول سلطانه عنها بواحدة فاكتفى بها .
ولنا أنها لم تطلق بلفظ الثلاث ولا نوت ذلك فلم تطلق ثلاثا كما لو أتى الزوج بالكناية الخفية .
فصل : وهذا إذا لم تنو أكثر من واحدة وقع ما نوت لأنها تملك الثلاث بالتصريح فتملكها بالكناية كالزوج وهكذا إن أتت بشيء من الكنايات فحكمها فيها حكم الزوج إن كانت مما يقع بها الثلاث من الزوج وقع بها الثلاث إذا أتت بها وإن كانت من الكنايات الخفية نحو قولها لا يدخل علي ونحوها وقع ما نوت .
قال أحمد : إذا قال لها أمرك بيدك فقالت : لا يدخل علي إلى بإذن تنوي في ذلك إن قالت : واحدة فواحدة وإن قالت : أردت أن أغيظه قبل منها يعني لا يقع شيء وكذلك لو جعل أمرها في يد أجنبي فأتى بهذه الكنايات لا يقع شيء حتى ينوي الوكيل الطلاق ثم إن طلق بلفظ صريح أو بكناية ظاهرة طلقت ثلاثا وإن كان بكناية خفية وقع ما نواه .
فصل : وقوله أمرك بيدك وقوله اختاري نفسك كناية في حق الزوج يفتقر إلى نية أو دلالة حال كما في سائر الكنايات فإن عدما لم يقع به الطلاق لأنه ليس بصريح وإنما هو كناية فيفتقر إلى ما يفتقر إليه سائر الكنايات وبهذا قال أبو حنيفة و الشافعي وقال مالك يفتقر إلى نية لأنه من الكنايات الظاهرة وقد سبق الكلام معه فيها وهو أيضا كناية في حق المرأة قبلته بلفظ الكناية وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : لا يفتقر وقوع الطلاق إلى نيتها إذا نوى الزوج لأن الزوج علق الطلاق بفعل من جهتها فلم يفتقر إلى نيتها كما لو قال : إن تكلمت فأنت طالق فتكلمت وقال لا يقع إلا واحدة بائن وإن نوت ثلاثا لأن ذلك تخيير والتخيير لا يدخله عدد كخيار المعتقة ولنا أنها موقعة للطلاق بلفظ الكناية فافتقر إلى نيتها كالزوج وعلى أنه يقع الثلاث إذا نوت أن اللفظ يحتمل الثلاث لأنها تختار نفسها بالواحدة وبالثلاث فإذا نوياه وقع كقوله أنت بائن