مسألة وفصول : طلاق الصبي وجواز توكيله وطلاق السفيه .
مسألة : قال : وإذا عقل الصبي الطلاق فطلق لزمه .
وأما الصبي الذي لا يعقل فلا خلاف في أنه لا طلاق له وأما الذي يعقل الطلاق ويعلم أن زوجته تبين به وتحرم عليه فأكثر الروايات عن أحمد أن طلاقه يقع اختارها أبو بكر و الخرقي و ابن حامد وروي نحو ذلك عن سعيد بن المسيب و عطاء و الحسن و الشعبي و إسحاق وروى أبو طالب عن أحمد لا يجوز طلاقه حتى يحتلم وهو قول النخعي والزهري ومالك وحماد والثوري وأبي عبيد أنه قول أهل العراق وأهل الحجاز وروي نحو ذلك عن ابن عباس لقول النبي A [ رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ] ولأنه غير مكلف فلم يقع طلاقه كالمجنون ووجه الأولى قوله عليه السلام : [ الطلاق لمن أخذ بالساق ] وقوله [ كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله ] وروي عن علي Bه أنه قال : اكتموا الصبيان النكاح فيفهم منه فائدته أن لا يطلقوا ولأنه طلاق من عاقل صادف فوقع كطلاق البالغ .
فصل : وأكثر الروايات عن أحمد تحديد من يقع طلاقه من الصبيان بكونه يعقل وهو اختيار القاضي وروى عن أحمد أبو الحارث إذا عقل الطلاق جاز طلاقه ما بين عشر إلى اثنتي عشرة وهذا يدل على أنه لا يقع لدون العشر وهو اختيار أبي بكر لأن العشر حد للضرب على الصلاة والصيام وصحة الوصية فكذلك هذا وعن سعيد بن المسيب إذا أحصى الصلاة وصام رمضان جاز طلاقه وقال عطاء إذا بلغ أن يصيب النساء وعن الحسن إذا عقل وحفظ الصلاة وصام رمضان وقال إسحاق إذا جاوز اثنتي عشرة .
فصل : ومن أجاز طلاق الصبي اقتضى مذهبه أن يجوز توكيله فيه وتوكله لغيره وقد أومأ إليه أحمد فقال في رجل قال لصبي طلق امرأتي فقال : قد طلقتك ثلاثا لا يجوز عليها حتى يعقل الطلاق فقيل له فإن كانت له زوجة صبية فقالت صير أمري إلي فقال لها أمرك بيدك فقالت قد اخترت نفسي فقال أحمد ليس بشيء حتى يكون مثلها يعقل الطلاق وقال أبو بكر لا يصح أ يوكل حتى يبلغ وحكاه أحمد .
ولنا أن من صح تصرفه في شيء مما تجوز الوكالة فيه بنفسه صح توكيله ووكالته فيه كالبالغ وما روي عن أحمد من منع ذلك فهو على الرواية التي لا تجيز طلاقه إن شاء الله تعالى .
فصل : فأما السفيه فيقع طلاقه في قول أكثر أهل العلم منهم القاسم بن محمد و مالك و الشافعي و أبو حنيفة وأصحابه ومنع منه عطاء والأولى صحته لأنه مكلف مالك لمحل الطلاق فوقع طلاقه كالرشيد والحجر عليه في ماله لا يمنع تصرفه في غير ما هو محجور عليه فيه كالفلس