مسألة وفصول : ولو قال لها وهي حائض ولم يدخل بها أنت طالق للسنة وفروع .
مسألة : قال : ولو قال لها وهي حائض ولم يدخل بها أنت طالق للسنة طلقت من وقتها لأنه لا سنة فيه ولا بدعة .
قال ابن عبد البر أجمع العلماء أن طلاق السنة إنما هو للمدخول بها أما غير المدخول بها فلس لطلاقها سنة ولا بدعة إلا في عدد الطلاق على اختلاف بينهم فيه وذلك لأن الطلاق في حق المدخول بها إذا كانت من ذوات الإقراء إنما كان له سنة وبدعة لأن العدة تطول عليها بالطلاق في الحيض وترتاب بالطلاق في الطهر الذي جامعها فيه وينتفي عنها الأمران بالطلاق في الطهر الذي لم يجعلها فيه أما غير المدخول بها فلا عدة عليها ينفي تطويلها أو الارتياب فيها وكذلك ذوات الأشهر كالصغير التي لم تحض الآيات من الحيض لا سنة لطلاقهن ولا بدعة لأن العدة لا تطول بطلاقها في الحال ولا تحمل فترتاب وكذلك الحامل التي استبان حملها فهؤلاء كلهن ليس لطلاقهن سنة ولا بدعة من جهة الوقت في قول أصحابنا وهو مذهب الشافعي وكثير من أهل العلم فإذا قال لإحدى هؤلاء أنت طالق للسنة أو للبدعة وقعت الطلقة في الحال ولغت الصفة لأن طلاقها لا يتصف بذلك فصار كأنه قال أنت طالق ولم يزد وكذلك إن قال أنت طالق للسنة والبدعة أو قال أنت طالق لا للسنة ولا للبدعة طلقت في الحال لأنه وصف الطلقة بصفتها ويحتمل كلام الخرقي أن يكون للحامل طلاق سنة لأنه طلاق أمر به بقوله عليه السلام [ ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا ] وهو أيضا كلام أحمد فإنه قال أذهب إلى حديث سالم عن أبيه يعني هذا الحديث ولأنها في حال انتقلت إليها بعد زمن البدعة ويمكن أن تنتقل عنها إلى زمان البدعة فكان طلاقها طلاق سنة كالطاهر من الحيض من غير مجامعة ويتفرع من هذاغ أنه لو قال لها أنت طالق للبدعة لم بطلق في الحال فإذا وضعت الحمل طلقت لأن النفاس زمان بدعة كالحيض .
فصل : وإن قال الصغير أو غير مدخول بها أنت طالق للبدعة ثم قال أردت إذا حاضت الصغيرة أو أصيبت غير المدخول بها أو قال لهما أنتما طالقتان للسنة وقال أردت طلاقهما في زمن يصير طلاقهما فيه للسنة دين فيما بينه وبين الله تعالى وهل يقبل في الحكم ؟ فيه وجهان ذكرهما القاضي أحدهما : لا يقبل وهو مذهب الشافعي لأنه خلاف الظاهر فأشبه ما لو قال أنت طالق ثم أردت إذا دخلت الدار والثاني : يقبل وهو الأشبه بمذهب أحمد لأنه فسر كلامه بما يحتمله فقبل كما لو قال : أنت طالق أنت طالق وقال : أردت بالثانية إفهامها .
فصل : وإذا قال لها في طهر جامعها فيه أنت طالق للسنة فيئست من الحيض لم تطلق لأنه وصف طلاقها بأنه للسنة في زمن يصلح له فإذا صارت آيسة فليس لطلاقها سنة فلم توجد الصفة فلا يقع وكذلك إن استبان حملها لم يقع أيضا إلا على قول من جعل طلاق الحامل سنة فإنه ينبغي أن يقع لوجود الصفة كما لو حاضت ثم طهرت .
فصل : إذا قال : أنت طالق في كل قرء طلقة وهي من ذوات القرء وقع في كل قرء طلقة فإن كانت في القرء وقعت بها واحدة في الحال و وقع بها طلقتان في قرأين آخرين في أولهما سواء قلنا القرء الحيض أوالإطهار وسواء كانت مدخولا بها أو غير مدخول بها تبين بالطلقة الأولى فإن تزوجها وقع بها في القرء الثاني طلقة أخرى وكذلك الحكم في الثالثة وإن كانت صغيرة وقلنا القرء الحيض لم بطلق حتى تحيض فتطلق في كل حيضة طلقة وإن قلنا القرء الإطهار احتمل ان تطلق في الحال واحدة ثم لا تطلق حتى تحيض ثم تطهر فتطلق الثانية ثم الثالثة في الطهر بين الحيضتين وكذلك لو حاضت الصغيرة لأن زمن الحمل كله قرء واحد في أحد الوجهين إذا قلنا الإقراء الإطهار والوجه الآخر ليس بقرء على كل حال وإن كانت آيسة فقال القاضي تطلق واحدة على كل حال لأنه علق طلاقها بصفة تستحيل فيها فلفت ووقع بها الطلاق كما لو قا للها أنت طالق للبدعة وإذا طلقت الحامل في حال حماها بانت بوضعه لأن عدتها تنقضي به فلم يلحقها طلاق آخر فإن استأنف نكاحها أو رجعها قبل وضع حملها ثم طهرت من النفاس طلقت أخرى ثم إذا حاضت ثم طهرت وقعت الثالثة .
فصل : فإن قال : أنت طالق للسنة إن كان الطلاق يقع عليك للسنة وهي في زمن السنة طلقت بوجود الصفة وإن لم تكن في زمن السنة انحلت الصفة ولم يقع بحال لأن الشرط ما وجد وكذلك إن قال : أنت طالق للبدعة إن كان الطلاق يقع عليك للبدعة إن كانت في زمن البدعة وقع وإلا لم يقع بحال فإن كانت ممن لا سنة لطلاقها ولا بدعة فذكر القاضي فيها احتمالين .
أحدهما : لا يقع في المسألتين لأن الصفة ما وجدت فأشبه ما لو قال أنت طالق إن كنت هاشمية ولم تكن هاشمية .
الثاني : تطلق لأنه شرط لوقوع الطلقة شرطا مستحيلا فلغي ووقع الطلاق كما قال أنت طالق للسنة والأولى أشبه وللشافعية وجهان كهذين .
فصل : فإن قال : أنت طالق أحسن الطلاق أو أجمله أو أعدله أو أكمله أو أتمه أو أفضله أو قال : طلقة حسنة أو جملة أو عدلة أو سنية كان ذلك كله عبارة عن طلاق السنة وبه قال الشافعي وقال محمد بن الحسن إذا أعدل الطلاق أو أحسنه ونحوه كقولنا وإن قال طلقة سنية أو عدلة وقع الطلاق في الحال لأن الطلاق لا يتصف بالوقت والسنة واللبدعة وقت فإذا وصفها بما لا تتصف به سقطت الصفة كما لو قال للغر المدخول بها أنت طالق طلقة رجعية أو قال لها أنت طالق للسنة أو البدعة .
ولنا أن ذلك عبارة عن طلاق السنة ويصح وصف الطلاق بالسنة والحسن لكونه في ذلك الوقت موافقا للسنة مطابقا للشرع فهو كقوله أحسن الطلاق وفارق قوله طلقه رجعية لأن الرجعة لا تكون إلا في عدة ولا عدة لها فلا يحصل ذلك بقوله فإن قال نويت بقولي أعدك الطلاق وقوعه في الحيض لأنه أشبه بأخلاقها القبيحة ولم أرد الوقت وكانت في الحيض وقع الطلاق لأنه إقرار على نفسه بما فيه تغليظ وإن كانت في حال السنة دين فيما وبين الله تعالى وهل يقبل في الحكم ؟ على وجهين كما تقدم .
فصل : فإن عكس فقال : أنت طالق أقبح الطلاق وأسمحه أو أفحشه أو أنتنه أو أرأده حمل على طلاق البدعة فإن كانت في وقت البدعة وإلا وقف على مجيء زمان البدعة وحكي عن أبي بكر أنه يقع ثلاثا إن قلنا ان جمع الثلاث بدعة وينبغي أن تقع الثلاث في وقت البدعة ليكون جامعا لبدعتي الطلاق فيكون أقبح الطلاق وإن نوى بذلك غير طلاق البدعة نحو أن يقول إنما أردت أن طلاقك أقبح الطلاق لأنك لا تستحقينه لحسن عشرتك وجميل طريقتك وقع في الحال وإن قال أنت طالق طلقة حسنة قبيحة فاحشة جميلة تامة ناقصة وقع في الحال لأنه وصفها بصفتين متضادتين فلغيا وبقي مجرد الطلاق فإن قال أردت أنها حسنة لكونها في زمان السنة وقبيحة لاضرارها بك أو قال أردت أنها حسنه لتخليصي من شرك وسوء خلقك وقبيحة لكونها في زمان البدعة وكان ذلك يؤخر وقوع الطلاق عنه وهل يقبل في الحكم ؟ يخرج على وجهين .
فصل : فإن قال أنت طالق طلاق الحرج فقال القاضي : معناه طلاق البدعة لأن الحرج الضيق والاثم فكأنه قال طلاق الاثم وطلاق البدعة طلاق اثم وحكى ابن المنذر عن علي Bه أنه يقع ثلاثا لأن الحرج الضيق والذي يضيق عليه ويمنعه الرجوع إليه هو الثلاث وهو مع ذلك طلاق بدعة وفية إثم فيجتمع عليه الأمران الضيق والاثم وإن قال : طلاق الحرج والسنة كان كقوله طلاق